ينحدر أحمد بن أبي الضياف من قبيلة أولاد عون التي يقع مجالها بمنطقة سليانة ب الشمال الغربي التونسي ، وهي قبيلة حسينيون حسينية أي أنها ناصرت حين بن علي وأبناءه في حربهم ضد علي باشا ، غير أنها ليست قبيلة مخزنية.
وكان والده الحاج بالضياف قدم إلى تونس العاصمة صغيرا واستقر بها، ودرس ب جامع الزيتونة ، ثم اتخذه المملوك عثمان قايد قفصة كاتبا له وانتقل منه للعمل بصفة رئيس للكتبة لدى الوزير يوسف صاحب الطابع المصدر نفسه، ص335. أما أحمد بن أبي الضياف فهو الابن البكر والولد الوحيد للحاج بالضياف، وقد كان يسكن مع عائلته في ربض باب سويقة . وقد حرص والده على أن يتلقى ابنه تكوينا يؤهله ليحتل وظيفة في دولة البايات. فحفظ القرآن الكريم في كتّاب سيدي بن عروس، ودرس بجامع صاحب الطابع وبالمدرسة التابعة له وبجامع الزيتونة وبمدارس أخرى على أهم مشائخ عصره من أمثال المفتي المالكي إسماعيل التميمي و إبراهيم الرياحي والمفتي الحنفي محمد بيروم الثالث و محمد بن الخوجة و أحمد الأبي والشيخ محمد بن ملوكة …المصدر نفسه، ص 339.
سمي أحمد بن أبي الضياف في شوال 1237 هـ/ جوان 1822 عدلا وعرف منذئذ بقدراته على التحرير، فسمي في 1 شوال 1242 / 1827 أولاه الباي حسين خطة الكتابة بديوان الإنشاء واختصه بكتابة سره، وهو أول من كتب للدولة العثمانية باللغة العربية واستمر مشواره في خدمة الدولة لبضعة عقود. وانتقل من كاتب السراية أو كاتب السر لدى عدد من البايات إلى أن سمي وزيرا مع رتبة أمير الأمراء. وشارك من موقعه في تحرير المراسلات المختلفة للدولة والتي تهم السياسة الداخلية والخارجية والأوامر العلية، كما أرسل في مهمات بالخارج لدى الباب العالي مثلا عام 1831 ثم في عام 1842 المصدر نفسه، ص 345. كما اصطحب أحمد باشا باي في رحلته إلى باريس في 1846 ، وتحدث عن هذه الرحلة في كتابه الإتحاف. لكن دوره ما فتئ أن تراجع في عهد محمد باشا باي ، وذلك لم يمنعه من أن يكلف بتحرير عهد الأمان عام 1857 المصدر نفسه ص 351. ثم كان عضوا في المجلس الكبير الذي ترأسه خير الدين وبعد استقالة هذا الأخير في عام 1862 تولى عوضا عنه مصطفى خزندار ، وسمي ابن أبي الضياف نائبا ثانيا للرئيس المصدر نفسه ص 354-355. لكن بعد توقف عمل المجلس غداة ثورة علي بن غذاهم عام 1864 أبعد شيئا فشيئا عن الإدارة ليعود عند عودة خير الدين إلى دوائر القرار ليقع إلحاقه في أواسط عام 1870 بأحد أقسام الوزارة الكبرى ثم استقال من منصبه في بداية عام 1872 . وفي السنة الموالية شهد صعود نجم خير الدين الذي سمي وزيرا أكبر، أما هو فقد توفي في 29 1874.
درس ابن أبي الضياف على المشايخ أحمد بن الخوجة وابراهيم الرياحي و محمد بن ملوكة وبعد إتمام تعليمه أولاه الباي حسين خطة العدالة سنة 1822، ثم خطة الكتابة بديوان الانشاء سنة 1827 واختصه بكتابة سره وهو أول من كتب للدولة العليا باللغة العربية.
ولما تولى أحمد باي الحكم وسمه نيشان الافتخار وسماه أمير لواء، وأرسله إلى اسطنبول في سفارة سنة 1843 واستصحبه في سفرته إلى باريس سنة 1847 وفي ولاية الصادق باي كلف بتحرير نص الدستور المسمى بعهد
من خلال كتابه يظهر تعلق ابن أبي الضياف بالأفكار الإصلاحية وخاصة ما يتعلق منها بنظام الحكم حيث نقد حكم الإطلاق المنافي للشرع وللعقل، وأن الإطلاق لا يقود إلا إلى الظلم. داعيا إلى تقييده بالشرع ونوه في نفس الإطار بالتنظيمات مبينا جداوها ومحاولا الإقناع بالحجج المختلفة والعديدة بضرورة تطبيق الإصلاحات لوضع حد للشهوة الملوكية المطلقة وبالتالي لفساد الحكم وظلم البايات وعسف العمال.[8] وقد حرص ابن أبي الضياف على تقديم الدليل القاطع على أن الأبرياء يذهبون ضحايا للملك المطلق وأن الظلم مرتعه وخيم ويجر إلى نقص العمران واختلال شؤون الدولة وفساد الأحوال الاجتماعية وتدهور الاقتصاد بينما العدل يؤدي إلى ازدهار العمران ويمهد طرق الثروة الاقتصادية والأمن الاجتماعي.