لا شكّ في أن نمط النوم يتغير مع التقدم في العمر. ونتيجة لذلك، تُصبح الليالي أقصر بمرور السنين. لكن، تبرز ظاهرة أخرى مع تقدم المرء في السن؛ وهي النوم لساعات أقل. ولسائل أن يسأل ما سبب هذا التغيّر المُرتبط بالعمر؟
بحسب ما أفاد به تقرير نشره موقع “سو سوار” البلجيكي، فإن كبار السن يستيقظون باكرًا مع صياح الديكة، على الرغم من أن معظهم في مرحلة الشباب ينامون لساعات طويلة ولا يملّون. وليس هذا فقط، إذ يبدو أن عملية الشيخوخة الطبيعية التي تؤثر على الجميع تقريبًا بنفس الشكل؛ هي أصل هذه التغييرات في نمط نومنا. وبالتالي، فإن علم الوراثة لن يكون المسؤول الوحيد عن حقيقة أننا ننام أو نستيقظ مبكرًا أو متأخرًا.
ولكن لماذا نستيقظ مبكرا مع تقدمنا في السن؟ في الواقع، يُصبح الدماغ أقل تفاعلًا مع تقدم الإنسان في العمر. وحسبما قالته الدكتورة سايرام بارثاساراثي، مديرة مركز علوم النوم والإيقاع اليومي في جامعة أريزونا للعلوم الصحية: “من المحتمل ألاّ تلتقط شبكة الدماغ العصبيّة الإشارات كما ينبغي، لأن الدماغ يتقدم في السن”.
وأضافت: “سوف يستجيب دماغنا ببساطة بشكل أقل جودة لسلسلة كاملة من المدخلات مثل ضوء الشمس والوجبات والإشارات الاجتماعية والنشاط البدني. فهناك الكثير من العناصر التي تساعد الجسم والدماغ على تحديد وضعهما في أثناء النهار والليل”.
شبكة الأعصاب الدماغية والتقدم في العمر
وفقًا لما ترجمته “وطن“، فبالنسبة للشباب، يمكن أن يساعد وقت العشاء الدماغ على فهم أن وقت النوم يكون في غضون ساعات قليلة. أما بالنسبة لكبار السن، قد لا يحدث هذا الاتصال بشكل صحيح. فالتقدم في السنّ يجعل الأعصاب-التي من المفترض أن تعطي الدماغ إشارات زمنية محددة وصحيحة-تعاني من تنكس؛ وهو ما يفسر جزئيًا لماذا يميل كبار السن إلى التعب قبل أطفالهم أو أحفادهم. ثم يستيقظون في وقت أبكر من أي شخص آخر في اليوم التالي.
من جهة أخرى، فإن الطريقة التي تدرك بها أعيننا الضوء تؤدي دورًا أيضًا، إذ يقلل فقدان البصر الذي يحدث مع تقدم العمر من شدة التحفيز الضوئي الذي يتصوره دماغنا. ومن الواضح أن هذا له عواقب على ساعتنا البيولوجيّة اليومية. وهذا، من شأنه أن ينطبق بشكل خاص على كبار السن الذين يعانون من إعتام عدسة العين.
من جانبها، أوضحت الخبيرة سايرام بارثاساراثي: “في حالة إعتام عدسة العين، لا يخترق ضوء المساء العينين بنفس القدر عند الشباب، لذلك وفقًا للدماغ، يكون غروب الشمس أبكر مما هو عليه في الواقع. ثم يبدأ الجسم بإفراز الميلاتونين (هرمون النوم) في وقت أبكر مما ينبغي، لذا ينام كبار السن مبكرًا وبالطبع يستيقظون مبكرًا أيضًا”.
فما الحل وفقا للدكتورة بارثاساراثي؟
أفادت الدكتورة سايرام بارثاساراثي قائلةً: “عرّض نفسك للضوء الساطع في نهاية المساء من خلال الذهاب في نزهة بالخارج وتعريض نفسك لشاشات ساطعة، على سبيل المثال. بهذه الطريقة، نشجع الدماغ على معرفة وتحديد الوقت الذي لم تغرب فيه الشمس بعد، ما سيبطئ إنتاج الميلاتونين، ويبقي كبار السنّ مستيقظين لوقت متأخر قليل، وبالتالي الاستيقاظ من النوم في الصباح بعد وقت معيّن أيضًا”.