سكة الحديد والقطار، أسواق قديمة، مبان أثرية، حقول الحمضيات والخضروات الساحلية وغيرها، كلها نماذج تجسدت في لوحات فنية، وجدت لها مكانا على جدران منزل الفنان الفلسطيني محمد الأسطل (84 عاما)، حيث يضم معرضا خاصا تم افتتاحه أمس الأحد.
يحتوي المعرض على عشرات اللوحات الفنية التي رسمها الأسطل، وتوثق معظمها مشاهد الحياة الفلسطينية بين أعوام 1940 و1999، من مبان وحقول وأسواق وطيور وحيوانات وعادات وتقاليد ودبكة وأفراح وغيرها.
250 لوحة فنية
الأسطل كرّس حياته للفن والتصوير وعمله الصحفي في مسقط رأسه محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وفي الكويت التي قضى فيها سنوات، والولايات المتحدة حيث استقر وأكمل حياته، تاركا خلفه اللوحات الموقعة باسمه شاهدة على أجمل عقود عاشها الفلسطينيون من عادات وتقاليد.
ونفض الأسطل الغبار عن لوحاته لتخرج للعلن على شكل معرض فني، بعدما نقلها خلال زياراته المتكررة لغزة في السنوات الأخيرة في حقائب لمسقط رأسه من الولايات المتحدة، إذ بلغت قرابة 250 لوحة، وبقي نظيرها في مقر إقامته، يشارك بها في معارض فنية.
وفي حديث للأناضول، قال الأسطل “منذ طفولتي كنت موهوبا في الرسم ومتفوقا في مدرستي بهذا الجانب، ومارست الرسم منذ أن كنت في عمر العاشرة”.
وتابع أنه “في عام 1956 ذهبت لمصر لدراسة الفنون الجميلة ومكثت 5 سنوات، بعدها عدت لغزة وافتتحت أستوديو تصوير ومرسما استمر من عام 1960 إلى 1967”.
وأضاف: بعدها غادرت للكويت عام 1967، التي بقيت فيها 24 عاما، وافتتحت كذلك أستوديو ومرسما، كما عملت مصورا صحفيا ورساما لمجلات منها “العربي” و”المعلم”، ومجلة الجامعة الكويتية “أفاق”.
أرشيف تراثي
وقال الفنان الفلسطيني “خلال حرب الخليج انتقلت للعيش في أميركا، وطيلة تلك الفترة وما سبقها وتلاها لم أنقطع عن الرسم، ركزت على اللوحات التراثية، ولم أبع أو أتصرف في أي لوحة، وجلها واقعية، رأيتها بعيني وحفظتها في ذهني ورسمتها”.
وتابع “قررت خلال زياراتي المتكررة للأهل في غزة نقل جزء من لوحاتي، وتحويل منزلي الفارغ لمعرض فني خاص بي بشكل دائم، يتردد عليه الجميع في أي وقت، ويصبح مزارا حتى يتعرف الناس على التراث وحياتنا القديمة”.
وأوضح أن “معظم مشاهد الحياة التي استطعت رسمها في لوحاتي اندثرت، وبقيت فقط داخل اللوحات، لذلك تعتبر أرشيفا تراثيا مهما، إذ وثقت حقبة زمنية تزيد عن 50 عاما بجمالها وبساطتها، يتمنى الجميع أنه لو عاشها أو تعود عجلة الحياة للوراء”.
وأشار الأسطل إلى أن لوحاته رسمها على ورق “الكانفس” الذي يقاوم عوامل الزمن ويحافظ على جودة ولون اللوحة على مر السنين، وبألوان زيتية و”أكريليك”، موضحا أنه يمتلك ما يزيد عن 450 لوحة، وما زال مستمرا في الرسم رغم كبر سنه.
تدشين المعرض
وذكر أن بعض اللوحات كانت تستغرق منه ساعة، وأخرى تحتاج أياما وربما شهورا حسب طبيعة المشهد ووقت الفراغ الذي يتاح له للرسم خلاله، موضحا أنه كان يقضي ليله وصباحه في الرسم.
ويتمتع الأسطل بصحة جيدة جعلته قادرا على متابعة تدشين معرضه خطوة بخطوة واختيار إنارة مناسبة له، وهو يعبر عن سعادته الغامرة لتحقيق حلمه في تحويل منزله إلى معرض، يمكن من خلاله تحقيق الفائدة العلمية والتاريخية، ويحمل اسمه واسم بلده فلسطين.
المصدر : وكالة الأناضول