“اتبع شغفك وتقبل العواقب”، تبقى تلك الجملة ذات وقع سحري في نفوس كثيرين، تحملهم على فعل أمور قد تبدو جنونا في ظاهرها، ولكنها في الواقع أكثر عقلانية عند من يقوم بها.
ينطبق ذلك على إسماعيل عبد اللطيف، فعلى الرغم من عمره الذي يبلغ 64 عاما فإنه قرر أن يسير بالدراجة النارية التي يملكها مسافة 3600 كيلومتر إلى 4 آلاف كيلومتر، من قلب القاهرة إلى السعودية لأداء فريضة العمرة، ويمر بعدها بالمدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه ثم يعود مجددا إلى القاهرة على ظهر دراجته.
دوافع وأسباب
“انتهت كل الآلام الجسدية والنفسية حينما وقفت أمام الحرم المكي”، هكذا يستهل إسماعيل عبد اللطيف حديثه للجزيرة نت، واصفا شعوره عندما وصل إلى هناك بتأكيده أن الأمر كان يستحق عناء التجربة.
تفاصيل الرحلة
ويسرد إسماعيل تفاصيل الرحلة التي قام بها قائلًا إنه عاد إلى القاهرة في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد الرحلة التي بدأت يوم 26 أكتوبر الماضي/تشرين الأول، متابعًا أنه مرّ خلال رحلته من القاهرة إلى الغردقة ومنها دخل على الميناء ليستقل العبارة إلى ضبا في رحلة استمرت 4 ساعات، ومن ضبا مرورا بينبع ثم مكة المكرمة، حيث أدى فريضة العمرة واتجه لعمل غرستين بكسوة الكعبة في مصنع الكسوة، ثم ذهب مع زملائه المرافقين له -المؤلف عددهم من 22 دراجا آخر- إلى القنصلية المصرية بجدة لمقابلة السفير المصري، ثم اتجهوا إلى فندق هيلتون جدة لتسلم شهادات تقدير للمشاركة بالفعالية من جامعة الدول العربية، أحد الرعاة الأساسيين للفعالية، ثم الذهاب إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي.
ولفت إلى أن الرحلة كان قد خطط للقيام بها منذ 4 سنوات لكنها كانت مجرد أفكار على ورق وقتذاك، وأُجّلت لأسباب مختلفة آخرها تفشي وباء كورونا، وبعد خطوات جادة من الاتحاد المصري لراكبي الدراجات التابع لوزارة الشباب والرياضة في مصر قرر الاتحاد بالتعاون مع “رالي متحدون” بالسعودية القيام بها تحت شعار “رالي التضامن العربي” الذي شارك فيه العديد من الدراجين الذين يبلغ عددهم 22 دراجا آخر بينهم زوجان مع زوجتيهما ودراج آخر عمره 71 عامًا.
يذكر أن رالي مسيرة التضامن العربي بالسعودية يضم مجموعة دول عربية، فإلى جانب مصر هناك السودان وجيبوتي والأردن.
وأشار إسماعيل إلى أنهم قسموا الطريق، فبعد كل 150 كيلومترا كانوا ينالون قسطا من الراحة، كما أن السرعة لم تتخط في كل الأحوال 120 كيلومترا في الساعة في رحلتي الذهاب والإياب.
وأشار إلى أن الرحلة غير مموّلة من أي جهة وإنما تحمّل هو تكاليفها كاملة، وهو الأمر الذي وصفه بالتكلفة الكبيرة عليه فقد تجاوزت حاجز 30 ألف جنيه (1900 دولار)، حسب كلامه، مؤكدا أن الأمر لم يكن سهلا كما قد يتوقع البعض، فالجلوس على الدراجة النارية أوقاتا طويلة أمر مرهق للظهر، كما أن وضعية الجلوس غير المريحة وقلة النوم يوم الذهاب بالعبّارة زادا عوامل الصعوبة والخطر، لأن السائق مطالب بالتركيز طوال الوقت على الطريق والبقاء مستيقظا.
أصعب المواقف
وعن أصعب المواقف التي تعرض لها في الرحلة استدعى إسماعيل موقفا في رحلة الذهاب كاد أن يفوّت عليه فرصة إتمام الرحلة حيث تعرض أحد إطارات دراجته للتلف بسبب مروره على حجر حاد، وهو ما أدى إلى تعطل الرحلة، ولكن رغم ذلك وقف الفريق بالكامل معه، مع أنه طلب منهم استكمال الطريق وحاول الحصول على المساعدة من أحد الأشخاص الذي ساعده في استبدال الإطار التالف حتى لحق بالفريق بعد ذلك وأكمل رحلته.
وعن التراخيص والإجراءات التي احتاج إليها للقيام بالرحلة يقول إسماعيل إنها تضمنت ضرورة وجود جواز سفر سار عوضًا عن رخصة قيادة دولية للدراجة النارية بجانب قطع الغيار الأساسية للقيام بالصيانة إذا استدعت الظروف، لافتًا إلى أن الدخول إلى السعودية كان من خلال رسالة رسمية تثبت أنه ضمن فريق الفعالية وهو ما سهّل عليهم الحركة كثيرًا.
ردود الفعل
ولفت إسماعيل إلى أن البعض في مصر استقبلوا ما يقوم به بدهشة بلغت عدم التصديق أحيانًا، ولكن ما جعله يبرر موقفه هو أنه كان يحرص طوال الرحلة على عمل بث مباشر عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أنه إذا ما واتته الفرصة لتكرار رحلة مثل هذه فسيتجه إلى القيام بها مجددا، مؤكدا أيضا استمتاعه بالأجواء الروحانية والطبيعة الخلابة التي شاهدها عوضًا عن الروح الجميلة لدى جميع من قابلهم طوال الطريق.