سمحت جامعة “سانتا باربرا” جنوبي كاليفورنيا بالولايات المتحدة ببناء سكن جامعي غير مألوف. وفي تقرير نشرته صحيفة “لوفيغارو” (le figaro) الفرنسية، قالت الكاتبة فاليري شمشون إن هذا السكن الجامعي هو الأكبر من نوعه في العالم بطاقة استيعاب تقدر بنحو 4 آلاف و500 طالب، ويمتد على مساحة 156 ألف متر مربع، وهو مكوّن من 11 طابقًا.
مواصفات المشروع
وهذا المشروع من بنات أفكار الملياردير الأميركي تشارلز مونجر (97 عاما)، الذي يفتخر بممارسة نشاط الهندسة المعمارية في أوقات فراغه بدون أن يكون درس هذا الاختصاص. وبعد أن ضخ 200 مليون دولار من ماله الخاص في ميزانية بناء المشروع التي قدرت بـ1.5 مليار دولار، اشترط الملياردير السخي أن يُقام المشروع بالمواصفات التي يحددها.
والمثير للاهتمام في هذا المشروع أن غرفه صغيرة وليس بها نوافذ، أي أنه لن تدخل إليها أشعة الشمس أو الهواء ولن يكون لها إطلالات خارجية. أطلق على مشروع السكن الجامعي اسم “مونجر هول”، وسيكون ضمن مجمع سانتا باربرا في جنوب كاليفورنيا ومن المقرر افتتاحه خريف 2025.
آراء متناقضة
وصفت جامعة سانتا باربرا المشروع بأنه “مثير للاهتمام وثوري”، وهبة من السماء لتقليل النقص في عدد المساكن الطلابية التي تتماشى مع القدرات المادية للطلاب، لأن الأسعار أصبحت عالية جدًا. وفي بداية العام الدراسي الماضي، لم يتمكن الحرم الجامعي من توفير سكن لأكثر من ألف طالب وأجبر ميسورو الحال منهم على اللجوء إلى الفنادق.
واعتبر ناقد مختص في الهندسة المعمارية في مجلة “نيويوركر” (The New Yorker) بأن هذا المشروع يعد “مزحة بشعة وملتوية، وأشبه بسجن على هيئة سكن جامعي”. وكتب دينيس ماكفادين -مهندس معماري استشاري في لجنة التقييم بجامعة سانتا باربرا- في بيان استقالته أن هذا المشروع “تجربة اجتماعية ونفسية لا تطاق من وجهة نظري بوصفي مهندسا معماريا ووالدا وإنسانا”.
وإلى جانب التأثير على الصحة العقلية والنفسية للطلاب الذين يعيشون في بيئة مغلقة، يشعر ماكفادين بالقلق إزاء الكثافة الشديدة التي من شأنها أن تجعل سكن مونجر هول “ثامن أكثر الأماكن اكتظاظا على هذا الكوكب مباشرة بعد العاصمة البنغلاديشية داكا”.
وأشار ماكفادين إلى أن المبنى له مخرجان للطوارئ فقط في الطابق الأرضي، مما يثير مخاوف على سلامة ساكنيه في حالة الإخلاء. كما شدد مكفادين على ضرورة إخلاء المبنى في حالة انقطاع التيار الكهربائي، وذلك بسبب اعتماده على الضوء الاصطناعي والتهوية الميكانيكية.
ويبدو أن مونجر لا يهتم لهذه الانتقادات وحجته أن “العمارة مجال تتنوع فيه الأذواق”، ويجادل بأن الغرف الصغيرة الخالية من النوافذ ستشجع الطلاب على قضاء المزيد من الوقت في الفضاءات المشتركة والعمل والتعاون في المشاريع، علما بأن السكن الجامعي يحتوي على عدد قليل جدًا من الفضاءات المفتوحة على الضوء الطبيعي.
ليس المشروع الأول
وذكرت الكاتبة أن هذا المشروع ليس الأول من نوعه بالنسبة لمونجر، فقد أنشأ بالفعل سكنا جامعيا من دون نوافذ في حرم جامعة ميشيغان.
وقد تحدثت طالبة في جامعة ميشيغان عن تجربتها -في مقابلة أجرتها مع شبكة “سي إن إن” (CNN)- حيث أكدت أنها عانت من الصداع بعد فترة وجيزة بسبب الضوضاء الصادرة عن التهوية الميكانيكية، وتغير إيقاع ساعتها البيولوجية وكان من الصعب عليها الاستيقاظ في الصباح، وقد أثر هذا الأمر سلبيا على تجربتها الجامعية.
وأثنى طلاب آخرون على جودة المرافق الموجودة في السكن الجامعي، مثل صالة الألعاب الرياضية وغرف الدراسة والفضاءات المشتركة، علما بأن المشروع واجه حملة من السخرية والاستهزاء غير الطبيعية على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم أثر الاستقالة المدوية للمهندس دينيس ماكفادين الذي نُشر بيانه في العديد من وسائل الإعلام الوطنية، فإن الجامعة تؤكد أن المشروع لا يزال على المسار الصحيح. وسيتم تقييم المبنى من قبل لجنة كاليفورنيا الساحلية عام 2022، وسط مزاعم بأن المبنى يشوه الموقع الاستثنائي لجامعة سانتا باربرا.