أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة في افتتاح الدورة التدريبية المشتركة لأئمة مصر وفلسطين، اليوم الأحد، بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية،أن القدس في قلوبنا ، وأنها جزء من هويتنا وتاريخنا ، فيها المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين ، ومَسرى نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) ومعراجه إلى السماوات العلا ، وهو الذي بارك الله حوله.
وقال جمعة في كلمته التي جاءت بحضور الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر الأسبق، وعدد من قيادات الوزارة – إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز : “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”، ولا تشد الرِّحال بعد المسجدين المسجد الحرام بمكة المكرمة ، والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة إلا إليه ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى” ، وصلاة في المسجد الأقصى خير من خمسمائة صلاة فيما سواه عدا المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ، لقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، وفي مسجدي هذا بألف صلاة ، وفي بيت المقدس بخمسمائة صلاة” .
وأضاف أن القرآن الكريم ربط بين المسجدين المسجد الحرام والمسجد الأقصى برباطِ وثيقٍ في مواقف وأحداث متعددة ، يأتي في مقدمتها حادثة الإسراء والمعراج ، حيث كان الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي كان منه معراج نبينا (صلى الله عليه وسلم) إلى السماوات العلا ، ومنها تحويل القبلة ، حيث صلى نبينا (صلى الله عليه وسلم) تجاه بيت المقدس نحو ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا ، قبل أن تتحول القبلة إلى بيت الله الحرام ، ليظل المسجد الأقصى حاضرًا في وجدان الأمة وعقيدتها وذاكرتها الإيمانية والتاريخية.
وأشار إلى أن كتاب : “القدس والمواثيق الدولية” ، قام فيه نخبة من كبار علماء الأمة وكتابها ومفكريها وقانونييها بإلقاء الضوء على مكانة القدس ، وتاريخها ، وواقعها ، وعدالة قضيتها ، والمواثيق والقوانين الدولية الصادرة بشأنها ، لتظل القدس حاضرة في ذاكرة الأمة وفي أولوياتها ، ومحور أي حل للقضية الفلسطينية ، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، “وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ” ، “وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون”.
وأكد أن قضية التحصيل قضية منهجية مبينًا أن العلم من المهد الى اللحد ، كما أكد أننا في عالم شديد التسارع في كل المجالات فإذا لم تأخذ طريق الجد في التعليم ، فحيث يتوقف بك الزمن يسبقك الآخرون ، ولن يكون لك وجود في ظل مستجدات العصر ، وقد قال الشاعر : أأبيت سهران الدجى وتبيته .. نوماً وتبغى بعد ذاك لحاقي ، وقال آخر : و ليس يصحُّ في الأذهان شيءٌ .. إذا افتقر النهارُ إلى دليلِ ، مؤكدًا أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان ، وأن هناك فرقًا بين العالم والواعظ والبكاء والفقيه، فإطلاق كلمة عالم على شخص لم يستوف مقومات العلم ولَم يمتلك أدواته شيء خطير، ربما يصل إلى حد الجناية على العلم أو في حقه ، العالم عالم ، والفقيه فقيه ، والمؤرخ مؤرخ ، والواعظ واعظ ، والنسابة نسابة، وقد ظهر على مدار تاريخنا الطويل طوائف من الوعاظ ، والوعاظ البكائين ، ومن القصاص ، والحكائين ، والمنشدين ، والقراء ، وقد ميز عصورهم أن ظل العالم عالما ، والفقيه فقيها ، والواعظ واعظا ، والقارئ قارئا ، والكاتب كاتبا ، والمنشد منشدا ، لم يتقمص أحد منهم شخصية غيره ولَم يحاول أن يغتصب دوره ، وعرف الناس قدر هذا وذاك ، وطلب كل منهم من يحب ، فمن أراد العلم لزم مجالس العلماء ، ومن استهواه الوعظ صار خلف الوعاظ ، ومن أطربه الإنشاد ارتاد حلقات المنشدين.
وأضاف وزير الأوقاف: “غير أن مقام الإفتاء ظل بعيد المنال مرفوع الراية ، له أهله ورجاله ، حتى ظهرت جماعات التطرّف والإرهاب فادعى أدعياؤها كل شيء ، بل حاولوا احتكار كل شيء ، يعملون على تشويه كل الرموز عدا رموز عصابتهم ، ويعملون على استقطاب ضعاف النفوس من جهة ، ويجندون عناصرهم من أشباه أو أشباح طلاب العلم من جهة أخرى، محاولين تسويقهم على أنهم العلماء الربانيون أو الدعاة الجدد، ولا أدري ما مفهوم الربانية عندهم ومن الذي أفردهم أو اختصهم بهذا الوصف، كما لا أدري ما يعنون بوصفهم الدعاة الجدد، أيعنون شكل ونوع الثياب واللباس والمظهر أم يعنون الخروج عن العربية إلى العامية ، أم يعنون شيئا آخر لا نعلمه ولا نعرفه من أسرار هذا الوصف، وكأنه لغز” .
وتابع “غير أن الذي ينبغي أن ننبه إليه أمور، من أهمها : ضرورة احترام الضوابط الشرعية والقانونية، فلا يفتئت أحد على حق الدولة في تنظيم شئونها ومنها الشأن الديني وما يتصل به من ضوابط إقامة الجمع والدروس والندوات وما ينظمه القانون في ذلك منضبطا بضوابط الشرع، ومنها ضرورة أن بكون المتحدث في الشأن الديني متخصصا وحاصلا على الدراسات الشرعية المتخصصة التي تؤهله للحديث في الشأن الديني وفِي ضوء ما ينظمه القانون أيضا، ومنها ألا يكون المتحدث في الشأن الديني منتميا أو محسوبا أو متعاطفا مع أي من الجماعات المتطرفة أو المتشددة أو المتاجرة بدين الله (عز وجل)، ومنها أن يكون المتحدث في الشأن الديني ملما بواقع العصر زمانا ومكانا وملما بأحوال الناس وواقع حياتهم وتحديات العصر ومستجداته، مدركا أن الفتوى قد تغيير بتغير الزمان والمكان والأحوال ، قادر على التفرقة بين الثابت المقدس والمتغير غير المقدس، ملما بفقه المقاصد، وفقه المآل، وفقه الأولويات، وفقه الموازنات، وطرائق الاستنباط والقياس، وغير ذلك مما ينبغي للمتحدث في الشأن الديني الإلمام به، ثم عليه قبل ذلك كله إخلاص النية لله (عز وجل) ، وعدم اتخاذ العلم وسيلة للمتاجرة بدين الله (عز وجل) وعدم توظيفه لصالح جماعة أو أية مصالح نفعية ، مع عدم إدراك الجميع للفروق الدقيقة بين مهمة الواعظ ومهمة العالم ومجالات الحكائين والبكائين”.
المصدر أخبارك