موقع المغرب العربي الإخباري :
من سمات الشخصية المتزنة الظاهرة تماثل نصفي الوجه، فهذا مؤشر واضح جداً للاتزان والاتساق في الشخصية، كما أن ذلك يعزز القدرات القيادية العالية والتحكم في الانفعالات والسيطرة على العواطف والقدرة على التفكير النقدي والصبر والاستبصار والتبصر، هذا كله نجده في مؤشرات سمات السيد يحيى السنوار الشخصية، ولسبر أغوار النفس أكثر، نتعمق في السمات الشخصية التي تجعل منه قائداً فذاً قوياً له قدرات التحدي المباشر للعقبات، يواجه أي تحدٍّ بصرامة ويُصر على التغلب عليه -بصرف النظر عن مدى صعوبته- وله قدرة عالية على التفكير خارج الصندوق، فيسعى إلى حلول مبتكرة وغير تقليدية لمواجهة المشكلات، ويفضل استخدام أساليب جديدة للوصول إلى الهدف، وتتميز شخصيته بسمات الاستعداد للمخاطرة، فقد يكون مستعداً لتحمل مخاطر عالية لتحقيق أهدافه، مع تقديره الفرص التي يمكن أن تؤدي إلى مكاسب كبيرة.
كما يركز على تحقيق النجاح بالوسائل كلها، ويسوده طموح قوي للوصول إلى قمة النجاح. ويتعامل مع الفشل بوصفه فرصة للتعلم وتحسين الأداء في المستقبل، ولا يخاف من المخاطر التي قد تؤدي إلى الفشل، يتمتع بسمات القيادة القوية التي تجعله قادراً على إلهام الآخرين وتوجيههم نحو أهداف مشتركة، ليس من السهل خداعه، ولا يقع في شرك الاصطياد بسهولة، ولديه براعة عالية في التخفي والتمويه والعمل في الظل، وهو يملك قدرة عالية على التركيز في مهمة واحدة تركيزاً كبيراً، ويحقق نتائج ممتازة فيها، ويفضل إكمال مهمة واحدة قبل الانتقال إلى الأخرى.
رغم هذه السمات القوية كلها، فإن السيد يحيى السنوار هو إنسان متواضع جداً، ويمتلك روح التعاون والعمل الجماعي، فهو يؤمن بأن تحقيق الأهداف الكبيرة يحتاج إلى تضافر جهود الجميع، كما أنه شديد الانتباه لمشاعر الآخرين وحاجاتهم، ويسعى إلى تلبيتها قدر الإمكان، هذه السمات الإنسانية الرفيعة تجعله قائداً يحظى باحترام الجميع وثقتهم. ربما تكون من كبرى أخطاء بنيامين نتنياهو هي عملية اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، إذ إن اسم السنوار اسم عربي قديم بمعنى الأسد، ولكل شخص نصيب من اسمه كالقائد يحيى السنوار.
اختيار حماس يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي وضع النقاط على الحروف، فمنذ السابع من أكتوبر -أي بعد عملية طوفان الأقصى- ويومياً هناك تقارير سواء بالصحف العبرية أم الغربية تتحدث عن وجود خلافات بين جناحي حركة حماس السياسي والعسكري، وأن الأول رافض لعملية طوفان الأقصى، وهذه التقارير تزداد وتيرتها مع كل جولة مفاوضات بين المقاومة وكيان الاحتلال فيما يتعلق بإنهاء العدوان على غزة، ومع اختيار السنوار خليفة للشهيد هنية يكون كل شيء قد بات واضحاً، وأن المكتب السياسي والعسكري على قلب رجل واحد.
نتنياهو اعتقد أنه باغتيال هنية سيكون قد أضعف حماس، لكنه لم يعلم أنه قتل الرجل الأكثر دبلوماسية في الحركة التي باتت بيد شخص دبلوماسيته أقل وحدته أكبر وشخصيته أقوى، رجل عاش جل عمره أما مطارداً أو أسيراً، وبالتالي ليس لديه شيء يخسره أو يفاوض عليه، فهدفه واحد وإذا أراد شيئاً يسعى إليه حتى يتحقق، ولنا في عملية طوفان الأقصى خير دليل على قوته وبُعْدِ نظره وقدرته على التخطيط والحشد والمقاومة ما يزيد على عشرة أشهر.
يمكننا الآن القول: إنه بات لدى الفلسطينيين شخصية قيادية كبيرة ولديها القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة وهي الأولى منذ استشهاد الشيخ أحمد ياسين والقائد الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، فالسنوار شخصية قيادية لديها القدرة على اتخاذ أصعب القرارات كالتي يتخذها الآن، وهو تحت القصف والحرب، فإلى اليوم لم يلن أو ينكسر، والكريزما التي يتمتع بها تجعله رجلاً لا يوجد في قاموسه مبدأ التنازل أو اللين، بالإضافة إلى أنه يدعو للوحدة الوطنية بشرط عدم تنازل المقاومة عن بندقيتها وأهدافها.
حماس فوتت الفرصة على الكثير من الأطراف من أجل الزج ببعض القيادات التي توصف بالوسطية لرئاستها، فأتى تعيين السنوار أول رد على جريمة اغتيال هنية، كما أنه أتى لتضييق الخناق على نتنياهو من جديد الذي حاول أن يقول: إن اغتيال هنية هو من أجل ضمان أمن ‘إسرائيل’، فأتاه رجل لا ينكسر بالمفاوضات ولا تهمه القصور أو الماديات، فهو رجل يعشق العمل الأمني والعسكري، وأثبتت حماس مرة أخرى أنها قوية ومتماسكة بعد عشرة أشهر من حرب لو كانت ضد دولة لانهارت، ومنذ اليوم لن يكون هناك جناح سياسي وعسكري، فالجميع في الميدان حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. يبدو أن الشهيد هنية قال للسنوار: ‘يا يحيى خذِ الراية بقوة وناضل، نحن السابقون وأنتم بالنصر إن شاء الله لاحقون’.
دبلوماسي ليبي
انسخ الرابط :
Copied