موقع المغرب العربي الإخباري :
“وحدة الساحات” يقصد به عملياً تحريك عدة ساحات أو جبهات في الوقت نفسه ضد العدو الصهيوني حتى لو بدأت المعركةَ إحدى حركات المقاومة لأسباب معينة. وهذه الساحات تشمل قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان والجولان السوري والعراق واليمن، وأحياناً يشارك فيها فلسطينيوا أراضي سنة 1948.
تم أطلاق مصطلح “وحدة الساحات” بعد معركة “سيف القدس” التي أطلقتها حركة “حماس” في شهر أيار/مايو من سنة 2021 دفاعاً عن المسجد الأقصى، ورداً على الانتهاكات الصهيونية للمسجد والقدس ومحاولة إزالة حي ((الشيخ جرّاح)) في القدس. وتمت تاكيد هذا المصطلح بصورة واضحة ميدانيا، عبر إطلاق الصواريخ من قطاع غزة وجنوبي لبنان وسورية، مع ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة في الضفة الغربية، واندلاع مواجهات في عدة مناطق في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948. وقد اعترف بعض المعلقين الصهاينة ببراغماتية هذا المصطلح، وبعد معركة حركة الجهاد الإسلامي في نيسان/أبريل من سنة 2023 والتي انتهت بوقف لإطلاق النار.
وعلى الرغم من عدم مشاركة حركة “حماس” فيها فقد قال الصحافي الصهيوني ((يوني بن مناحم)) “إن مهاجمة إسرائيل بالصواريخ، خلال عيد الفصح من قطاع غزة وجنوبي لبنان، ليست سوى المرحلة الأولى في حرب الاستنزاف من جانب ʾمحور المقاومةʿ،عبر استخدام استراتيجية ʾوحدة الساحات)).وكانت حركة “حماس” تراهن على “وحدة الساحات” في “محور المقاومة” حيث كان أكبر مما حدث في الواقع. لافقط عبر الضغط المحسوب على الكيان الصهيوني بقوة “حزب الله” في جبهة الجنوب اللبناني والعمليات البطولية للمقاومة الاسلامية العراقية ضد المراكز الأميركية في العراق وسوريا ودخول الحوثيين في اليمن على الخط، بل أيضاً من خلال الامتناع الإيراني عن التورط المباشر.
“وحدة الساحات”، لم يعد شعاراً وهدفاً يطمح الى تحقيقه محور المقاومة، بل صار معادلةً قيد التبلور والتطور، لكي ترتقي وترسخ الدفاع المشترك بين مختلف الساحات ضد التهديدات الأمريكية والصهيونية، وهذا ما أطلقت مسار تحقيقه معركة طوفان الأقصى في السابع من اكتوبر2023. وكان اليمن الدور الأكبر والأبرز في بلورة هذه المعادلة ميدانياً، بحيث استطاع أن يجعل تداعيات العدوان الصهيوني الأمريكي على غزة ((عالمية)) بعدما كانت ((إقليمية))، من خلال فرضه لمعادلة الحصار بالحصار، عبر منع سفن الشحن المتوجهة الى فلسطين المحتّلة من المرور عبر مضيق ((باب المندب))، وهو ما ردّت على أمريكا بتشكيل ائتلاف بحري دولي لمهمة “حارس الازدهار” لمواجهة هذا التهديد الاستراتيجي (أي ليس عبر قدراتها وحدها بل إشراك دول أخرى في مهمة يستحيل تنفيذها لكيلا تكون التكاليف والخسائر عليها فقط). فكان الردّ الحاسم على ذلك، من قبل قائد حركة أنصار الله السيد ((عبد الملك الحوثي))، الذي أكّد على الاستمرار في هذا النهج المتصاعد مهما كانت التحدّيات والنتائج، بل ومعلناً استعداد اليمن للردّ بقوة على أي اعتداء يطاله نتيجةً لذلك، ومن أي طرف أو جهة دولية كانت. أن حكومة صنعاء شدّدت أكثر من مرّة بأن هذه المعادلة تقتصر على السفن المتوجهة من والى الكيان المؤقت حصراً، وبالتالي لا يوجد أي تهديد للتجارة العالمية، وهو ما تحاول الإدارة الأمريكية الترويج لعكسه. وكشف تقرير في موقع “غلوبز” الصهيوني نقلاً عن ضابط إستخبارات صهيوني ، الذي وصف المسيّرات البحرية التي يمتلكها الجيش اليمني ب((سلاح دمار شامل، تهدد إسرائيل على المستوى الاستراتيجي والعسكري)). مضيفاً بأن ((اليمن يمتلك مخزوناً كبيراً من الصواريخ والطائرات المسيرة، وما لا يقل عن 100 ألف مقاتل، إضافة إلى الميزة الجغرافية التي يتمتع بها عبر موقعه الاستراتيجي على سواحل البحر الأحمر، وهو ما حوّله إلى “خطر واضح وملموس على إسرائيل”.
مؤكّداً بأنّ القوات المسلحة اليمنية مجهزة بأفضل الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز والطائرات دون طيار وحتى وسائل إبحار غير مأهولة، والتي أطلقت صنعاء بعضها على “إسرائيل”، مشيراً إلى أن اليمنيين “قادوا حصاراً حقيقياً للبحر الأحمر ويُلحقون ضرراً شديداً بنا، وهذا أهم ما في الأمر”.وتحركت الساحة العراقية بكل قوة لدعم المقاومة الفلسطينية، من خلال توجيه ضربات صاروخية وعبر الطائرات المسيّرة ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، بحيث تخطّت الهجمات عتبة الـ 100 عملية. وقامت المقاومة الإسلامية العراقية بتنفيذ عملياتها وفق ست راتيجية متانية ودقيقة، حتى باتت تضرب أهدافاً صهيونية في ((إيلات)) المطّلة على البحر الأحمر، وضد منشأة ((كاريش)) الغازية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مسُتخدمة العديد من القدرات النوعية الصاروخية التي يتجاوز مداها الـ 400 كم، مثل صاروخ كروز (لم تُعلن المقاومة عن اسمه بعد)وطائرات مسيّرة بعيدة المدى.
وهذا ما يكشف بأن المقاومة العراقية لديها القدرة المادية والبشرية، على ضرب أي هدف في فلسطين المحتلة. إن وحدة ساحات محور المقاومة ليست وهماً كما يصفها البعض، بل لقد تعمدت بالدم وامتزج الدم الفلسطيني والسوري واللبناني، والعراقي واليمني ودخلت على خط المقاومة والعمل العسكري كل من فصائل المقاومة العراقية والقوات اليمنية.
كاتب عراقي
انسخ الرابط :
Copied