موقع المغرب العربي الإخباري :
في تصعيد دراماتيكي للصراع في الشرق الأوسط، جاء الرد الإيراني على اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله بشكل، حيث أطلقت إيران صواريخ باليستية استهدفت أهدافاً استراتيجية في إسرائيل، بما في ذلك مقر الموساد، محطات الغاز، وبعض القواعد الجوية العسكرية. هذا الهجوم يمثل نقطة تحول في صراع طويل الأمد قد يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، وربما ينهي حقبة القيادة الإسرائيلية كما نعرفها. في ظل قيادة بنيامين نتنياهو، قد يصبح تعنت إسرائيل وعدم قدرتها على التكيف مع ديناميكيات المنطقة المعقدة هو السبب في نهاية اللعبة المأساوية— وقد يكون نتنياهو آخر رئيس وزراء لإسرائيل.
الرد الإيراني: نتيجة تراكمية لسياسات إسرائيل
اغتيال نصر الله، سواء كان مخططاً أم لا، كان متوقعاً أن يثير غضباً واسعاً داخل محور المقاومة، وخاصة في إيران التي تعتبر حزب الله أقوى وكلائها في المنطقة. لكن هذا الرد يتجاوز كونه ضربة عسكرية محسوبة؛ إنه بيان ضد سياسات إسرائيل العدوانية واحتلالها المستمر. استهداف إيران لمقر الموساد في إسرائيل يعكس أن نقاط ضعف إسرائيل لا تكمن فقط في جهازها العسكري، بل تمتد أيضاً إلى أسسها الاقتصادية والأمنية.
هذه الضربات الصاروخية لا تحمل فقط رمزية قدرات إيران العسكرية، بل تمثل أيضاً اصطفافاً متزايداً بين الأطراف الإقليمية التي ضاقت ذرعاً بالتوسع الإسرائيلي وانتهاكاته للقوانين الدولية. حزب الله، الذي يمثل المصالح الاستراتيجية لإيران في لبنان، كان دائماً شوكة في خاصرة إسرائيل، ولكن الديناميكيات تغيرت بشكل كبير بعد اغتيال نصر الله، ما دفع طهران للتخلي عن ضبط النفس التقليدي.
تعنت نتنياهو
على مدار سنوات، رسم نتنياهو سياسات متشددة ومواقف غير قابلة للتفاوض تجاه فلسطين ولبنان وإيران، ما جعله يُصوَّر كزعيم “قوي”، لكن هذه القوة بدأت تتآكل تحت وطأة تعنته. رغم نجاح نتنياهو في توطيد قاعدته الداخلية، إلا أن سياساته عزلت إسرائيل عن جزء كبير من العالم ووضعت ضغوطاً كبيرة على علاقاتها مع حلفائها الرئيسيين. من الواضح بشكل متزايد أن إسرائيل لا يمكنها الاستمرار في مسارها العسكري والتوسعي دون أن تواجه عواقب بعيدة المدى.
من خلال دفع الحدود باستمرار، سواء عبر توسيع المستوطنات أو حصار غزة أو استهداف حزب الله وجماعات إقليمية أخرى، زرع نتنياهو سخطاً عميقاً ليس فقط داخل الأراضي الفلسطينية، بل عبر العالم العربي والإسلامي. رفضه الدخول في مفاوضات جادة واعتماده المفرط على التفوق العسكري وضع إسرائيل في وضع غير قابل للاستمرار. الهجوم الصاروخي الإيراني هو مجرد بداية؛ المزيد من الهجمات الانتقامية قد يزعزع استقرار البنية التحتية الإسرائيلية ونسيجها الاجتماعي.
هل هو سوء تقدير استراتيجي؟
اعتمد نتنياهو لفترة طويلة على فكرة أن القوة العسكرية الإسرائيلية ستحميها من التهديدات الوجودية، لكن الأحداث الأخيرة قد تكشف عن سوء تقدير استراتيجي. باستهداف إيران للموساد—الذي يعتبر واحدة من أكثر وكالات الاستخبارات سرية وقوة في العالم—تعرضت مصداقية البنية التحتية الأمنية لإسرائيل لضربة قاسية. ما كان يُعتبر درعاً لا يمكن المساس به أصبح الآن رمزاً لضعف إسرائيل.
علاوة على ذلك، فإن استهداف محطات الطاقة يرسل رسالة واضحة بأن استقرار إسرائيل الاقتصادي، الذي يعتمد بشكل كبير على صناعة الغاز المزدهرة، بات في خطر. أظهرت إيران أنها تمتلك القدرة على شل قطاع الطاقة الإسرائيلي—وهو تطور قد تكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد الداخلي والاستثمارات الدولية.
نهاية الاستثنائية الإسرائيلية
أكثر أهمية من الأضرار المادية التي لحقت بإسرائيل هو التأثير النفسي على الدولة وشعبها. على مدى عقود، عملت إسرائيل تحت وهم أنها دولة استثنائية، محمية بتفوقها العسكري وتحالفاتها الغربية. هذا الاعتقاد يتعرض الآن للاهتزاز، ليس فقط من قبل القوى الخارجية مثل إيران، ولكن أيضاً من خلال أزمة قيادة داخلية.
رفض نتنياهو التنازل، والانخراط في الحوار، أو الاعتراف بالمظالم المشروعة لجيران إسرائيل يقود البلاد إلى مستقبل مجهول. فكرة إسرائيل التي لا تُهزم، والتي لا تتأثر بمحيطها، تتآكل بسرعة، وقد تكون العواقب أن نتنياهو سيصبح آخر زعيم لإسرائيل الموحدة.
نتنياهو آخر رئيس وزراء لحلم يحتضر
إذا كان التاريخ يعلمنا شيئاً، فهو أن أي دولة لا تستطيع الحفاظ على هيمنتها بالقوة فقط. الضربات الصاروخية الأخيرة تؤكد أن خصوم إسرائيل لم يعودوا مستعدين لقبول الوضع الراهن. مع استمرار نتنياهو في تصعيد العنف، قد تتعرض إسرائيل، كما نعرفها الآن، لخطر الانهيار.
من غير المستبعد أن يُذكر نتنياهو كآخر رئيس وزراء لإسرائيل—على الأقل في شكلها الحالي. دائرة العنف والاحتلال والعدوان الإقليمي التي لا نهاية لها قد وصلت إلى نقطة الغليان. الهجوم الصاروخي الإيراني يرسل إشارة بأن حقبة الهيمنة الإسرائيلية غير المشروطة قد انتهت.
إذا استمر نتنياهو في مساره الحالي، فقد يترك إرثاً من الدمار والعزلة والتفكك. بدلاً من قيادة إسرائيل نحو مستقبل من السلام والأمن، فقد يشرف على انهيارها.
السؤال الآن ليس ما إذا كانت إسرائيل ستصمد أمام حزب الله، بل ما إذا كانت ستصمد أمام نفسها. بدون تغيير جذري في سياساتها وقيادتها، تقف إسرائيل على حافة كارثة قد لا يكون هناك مناص أو مهرب منها.
كاتب اردني
انسخ الرابط :
Copied