موقع المغرب العربي الإخباري :
لو كنت جنديا أو ضابطا في أحد الجيوش العربية، لانتابني شعور بالقهر، وكذلك الغيرة من تلك الشراسة التي يمتاز بها المقاوم الفلسطيني في قطاع غزّة، وهو يخوض حربا، ليس ضد جيش الإحتلال فحسب، بل هو في مواجهة مباشرة مع آلة الحرب الأمريكانية والألمانية والبريطانية والفرنسية كذلك، وفوق كلّ ذلك مؤامرات الأشقّاء، أو ممن كانوا يوما ما أشقّاء للشعب الفلسطيني، غير أنّهم شربوا حتى الثمالة كأس التصهين والتخاذل والتواطؤ.
جيوش العرب تراقب ما يجري في غزة، وهي تعلم أنّ ما تقوم به المقاومة بعد ما يقارب ثمانية أشهر يفوق الخيال، وخاصة بعد تمكّنها من ترتيب أوراقها من جديد، وإعادة قدراتها العسكرية بصورة فاعلة في مختلف أنحاء القطاع، وامتلاكها القدرة على المبادأة، والإحتفاظ بقوّتها، وكأنها في الأيام الأولى للحرب، وجيوش العرب يصيبها الذهول وهي تشاهد المقاوم يرتدي (الشبشب) ممرّغا به أنوف جنود جيش الإحتلال، في حين ينظر الجندي العربي إلى بسطاره الأمريكاني الذي يقوم بتلميعه بصورة يومية، وناظرا إلى الكمّ الكبير لأوسمته ونياشينه التي حصل عليها من خلال حروب لم يشارك فيها أبدا.
وحين ندقق بما يجري ؛ فإنّ المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام لا يمكن هزيمتها أو القضاء عليها، وهذا القول ليس من عندي أبدا، بل هذا ما تقوله وسائل إعلام صهيونية وغربية وقادة أمنيون وعسكريون في كيان الإحتلال، وبالتأكيد ؛ فإنّ جيوش العرب تراقب تطور الأوضاع في القطاع، وكأنّ الأمر برمّته لا يعنيها، فهناك ما هو أهمّ لدى هذه الجيوش من فلسطين وشعبها ومقدساتها، ولا يعنيها أبدا عشرات آلاف الشهداء والجرحى في غزة .
كتائب القسام وسرايا القدس وكل المجاهدين على أرض غزّة باتوا يسطّرون ملاحم من الصعب تخيّلها أو وصفها، فعلى مدى الشهور الماضية عجز الجيش الذي لا يقهر (في نظر المتخاذلين العرب فقط) عن تحقيق أي من أهدافه، في وقت تمكّن هذا الجيش من إذلال أمّة العرب في حروب عديدة لم تستمر سوى بضعة أيام، فواجهت الأمّة نكبة ونكسة ووكسة والكثير من الصدمات.
فلسطين لا تحتاج إلى جيوش العرب، هي اليوم بحاجة للقسام وأخواتها فقط، لتحقيق الزحف نحو فلسطين والإنتصار، وعلى أنظمة الحكم العربية، في غالبيتها، أن تترك المقاومة كي تؤدي المهام التي يجب أن تكون منوطة أصلا بجيوشها، أن تبتعد عنها وتدعها للقيام بمهمتها المقدسة، المتمثّلة بتحرير فلسطين دون انتقاص شبر واحد منها.
دعوا الخيانات جانبا، ولو مرّة واحدة، جرّبوا المقاومة ولو مرّة واحدة أيضا، بعد أن جرّبنا جيوشكم مرّات كثيرة، فالمقاومة هي الحلّ، وهي ذاتها التي سترفع رايات الإنتصار، وسنبني معها أقواس النصر في كل أنحاء غزة، التي أصبحت تؤرّق العديد من حكّام الردّة، الذين يشعرون اليوم بأنّ ساعة رحيلهم قد حانت، في ظلّ ما تحققه المقاومة من بطولات ومعجزات، وأن الطوفان قادم إليهم لا محالة.
كاتب فلسطيني
انسخ الرابط :
Copied