في ظل تسليط الضوء على الانتخابات الرئاسية في إيران وحول النتائج التي أثبتت حب وولاء الشعب الإيراني لأرضه وقيادته، تأتي مقارنات لابد من ذكرها والإشارة إليها والتي أذهلت العالم بعد كل التوقعات بحدوث الفوضى والإنفلات الأمني إثر وفاة السيد رئيسي ورفاقه في حادثة سقوط الطائرة.
علينا أن نعترف نحن كعرب ومسلمين بأن حقيقة الديمقراطية في إيران لا تكمن في صناديق الاقتراع وانتخاب رئيس البلاد فحسب، بل هي حقيقة متجزرة في حياة الإيرانيين والتي تتعايش معهم في كل ظروفهم، في المجتمع والاقتصاد والسياسة وغيرها من الأمور المهمة في حياة الفرد اليومية والمستقبلية، إن فقد هذه الحريات في بعض البلدان العربية وعلى رأسها السعودية تشير إلى أن المفارقات كبيرة بين دولة تحترم شعبها وتعطيه حرية الرأي والتعبير في طرح وحل المعضلات وبين دول تدعي الحرية واحترام الشعوب وهي تزيفها بأقنعة لإظهارها أمام العالم والمجتمع الدولي، هذه المفارقات تكشف السبب الرئيسي وراء الانضباط الأمني والهدوء الشعبي في انتخاب رئيس للبلاد دون فوضى أو أي توترات داخلية.
الشعب الايراني حتى هذه اللحظة لا يلتف حول الأشخاص بل يلتف حول المشروع، وحول القيادة، ويلتف حول مبادئ وقيم وأخلاق وأصالة وهم يلتصقون بالشخص بقدر ما يلتصقون بهذه القيم وهذه القيادة وهذا المشروع، وعندما لاحظنا التشييع المهيب للسيد رئيسي كان يوضح حجم امتنان الشعب الايراني لكل رمز يقود البلاد ويخدم مصالحهم ومستقبلهم، لقد فتحت إيران الابواب لكل من يريد أن يتابع الانتخابات الرئاسية، والجميع يعرف بأن هناك اكثر من 500 مراقب واكثر من 30 دولة دون حدود مفتوحة لكل من أراد أن يأتي ويراقب، وبالتالي هؤلاء المراقبين رأوا بأم العين أن تمديد التصويت كان من أجل إحتواء الاعداد الكبيرة من الناخبين الذين اتوا وليس العكس وهذا ما يظهر ما نراه عبر الاعلام، وكل ذلك يعتبر من عوامل نجاح الانتخابات.
أما ما شهدناه ونشهده من انتخابات برلمانية ورئاسية في الدول المجاورة وخاصة السعودية والبحرين، يوضح لنا المفارقات الكبيرة والتي تكمن في عدم احترام أي رأي مقابل مصالح السلطات الحاكمة، فكتم الأفواه هو الطريق الأسلم للحفاظ على الهيمنة والتسلط لسنوات طويلة دون أي مواجهة.
إن نجاح الانتخابات الإيرانية هو بسبب التحضيرات التي سبقت الانتخابات، واولى هذه التحضيرات هي المناظرات الخمسة وطريقة إنجازها، والتي كانت على درجة عالية من المسؤولية، وهذا أيضا لا يوجد في دول القمع والتسلط والتي تخشى من أي مناظرة تكشف خفايا ما يجري في كل بلد، لأن هذه المناظرات تحترم عقول المواطنين ورأيهم في انتخاب من يروه مناسباً ليقود البلاد ويرعى مصالحهم.