موقع المغرب العربي الإخباري :
لم يكن بمقدور احد ان يتوقع كل هذا الصمود الاسطوري لغزة سكانا ومقاومة، فبينما استخدمت اسرائيل اعلى مستويات الصدمة والترويع في حربها على غزة، الا ان الجميع في القطاع المحاصر والمنهك بعد سنين طويلة من الحصار الاسرائيلي والعربي قرروا ان يتصدوا للغزو وان يتحملوا كل التبعات المرتبطة به ايا كانت الاثمان المطلوب دفعها.
وفي الجانب الاخر لم يتوقع احد ان يتمكن الكيان الغاصب ان يتحمل شهورا طويلة من الحرب وتدمير البنية الاقتصادية بعد اجلاء مستوطنيه من مستوطناته الزراعية في غلاف غزة وعلى حدود فلسطين المحتلة الشمالية مع لبنان، وهي المستوطنات التي كانت تزود مجتمع الكيان بنسبة كبيرة من حاجاته للخضار والفاكهة والاغذية الزراعية والحيوانية الاخرى والتي ادت الحرب الى وقفها كليا بعد نزوح القوى البشرية العاملة فيها نتيجة الحرب مما احدث مشكلة كبيرة للكيان ولكنها سرعان ما حلت وذلك بتوفير مصادر جديدة للغذاء من دول الاقليم وخاصة دولتان واحدة دولة اسلامية والاخرى عربية.
هذا فيما يتعلق بالجانب الخاص بطرفي الصراع على ارض فلسطين التاريخية، اما االبعد الخارجي للصراع فالحديث يطول، لكن ابرز المعطيات الاستراتيجية فيه هي تلك المتعلقة بعلاقة الكيان مع داعمته الرئيسية الولايات المتحدة الامريكية وذيلها التاريخي بريطانيا. وفي هذا السياق تمكن نتنياهو ان يخلق لنفسه شرنقة يتمركز فيها بشكل آمن من الضغوط الامريكية عليه، فهو يعلم ان الرئيس الامريكي بايدن يخوض معركة انتخابات رئاسية قاسية ضد خصمه الصعب دونالد ترامب وان الامر بالنسبة لنتنياهو سيان، فاذا فاز ترامب وتربع على مكتبه البيضاوي في البيت الابيض فتلك امنية اسرائلية كبيرة اصبحت حقيقة، اما اذا فاز بايدن فان حدود قدراته الشخصية على التأثير على نتنياهو مقيدة الى حد كبير ومعروفة مسبقا ولا تدعو للقلق فهو اصلا يتمنى ان يكون صهيونيا كما صرح بذلك بنفسه.
اذن نتياهو يعتبر نفسه مؤمنا استراتيجيا امام الضغوط الامريكية بغض النظر عمن سوف يفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة، وهذا في الواقع ما تهتم به اسرائيل في البعد الخارجي لاستراتيجيتها الحربية وهو ما دفعها الى توسيع العدوان جنوبا وشمالا وتعميقه من حيث التدمير والترهيب واستخدام استراتيجية التجويع الشامل للسكان في غزة.
اما البعد الثالث فهو البعد العربي في الصراع، وهو بعد يعد الاخطر في ديناميات الصراع في المنطقة ككل وبشكل خاص في الحرب الحالية على غزة، حيث تبين منذ اللحظات الاولى لاندلاع طوفان الاقصى ان النظام السياسي العربي في اغلبه ليس عاجزا عن فعل اي شئ فحسب بل انه منحازا للكيان في الكثير من حلقات الصراع خاصة الاستراتيجية منها سواء علم بذلك او لم يعلم، وان الصراخ حول ضرورة توفير المعونات والمساعدات الطارئة لاهالي القطاع هي السقف الاعلى للموقف الرسمي العربي ولن يتجاوزه مستقبلا بغض النظر عن المنحى الذي ستسلكه الاحداث وهي تقترب من حافات النهاية.
انسخ الرابط :
Copied