موقع المغرب العربي الإخباري :
يتردد عبر وسائل الإعلام العبرية أن انكسار المقاومة الفلسطينية، والسيطرة الإسرائيلية على غزة يصب في مصلحة الأنظمة العربية، التي تخشى على استقرارها وأمنها جراء تمدد الأذرع العسكرية لدولة إيران، والمتمثلة بحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وانعكاس ذلك على مستقبل المنطقة بشكل عام.
ويطيب للإعلام الإسرائيلي أن يثير الشك بأهداف حركة حماس في مقاتلة إسرائيل، وأن حركة حماس مكوّن رئيس لحركة الإخوان المسلمين، وانتصارها على إسرائيل سيرفع من شأن حركة الإخوان، ويضع الأنظمة العربية في زاوية المقصرين والعاجزين عن مواجهة إسرائيل، في الوقت الذي استطاع فيه تنظيم صغير، لا يمتلك جيشاً، ولا يمتلك موارد دولة، استطاع أن يتصدى للجيش الإسرائيلي كل هذه الفترة الزمنية من التدمير والقتل.
دق الأسافين في أوساط المجتمع العربي، وصناعة الفرقة في ربوع البلد الواحد، وشحذ همم الخلافات الحزبية والمذهبية سياسة يتبعها الصهاينة منذ الأزل، ولولا هذا السلاح الفتاك الذي يوظفه الصهاينة، لما استطاعوا البقاء في قلب الشرق أسياداً، ولما استطاعوا من قبل أن يقيموا دولتهم على أرض عربية، ويشردوا سكانها تحت سمع وبصر الأنظمة العربية، التي تبادلت الاتهام، وتبادلت الشك في القدرات.
فهل حقاً يصب انكسار المقاومة الفلسطينية في مصلحة الأنظمة العربية؟
انكسار المقاومة الفلسطينية في غزة يعني انتصار الفكرة الصهيونية التي تنادي بالسيطرة على كل أرض فلسطين من خلال القوة، بل والمزيد من القوة، ويعتبر الانتصار مكافأة للتطرف الصهيوني، وجائزة ترضية لنتانياهو وبن غفير وسموتريتش، وفتية التلال، وكل أولئك المتطرفين العقائديين الذين لن يكتفوا بالمطالبة بتصفية القضية الفلسطينية عن طريق الحسم، بل سيعبرون إلى المرحلة الثانية من العدوان، ليطالبوا بتوسيع حدود دولة الصهاينة ـ كما يشجع على ذلك الرئيس الأمريكي السابق ترامب، الذي يزعم أن إسرائيل دولة صغيرة، ويفكر بتوسيعها. وتوسيع دولة الصهاينة سيكون على حساب الدول العربية المجاورة، ووفق الخريطة التوراتية التي طرحها سموتريتش في فرنسا، وأزعم أن هذا الانتصار الإسرائيلي لا يصب في مصلحة الأنظمة العربية، وعلى رأسها النظام العربي في الأردن، الذي سيكون أكبر المتضررين من النصر الإسرائيلي.
انكسار المقاومة الفلسطينية في غزة يعني انطفاء جذوة الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية بشكل عام، وانكسار روح الانتماء للوطن في غزة والضفة الغربية، وهذا ما تسعى إليه السياسة الإسرائيلية التي تنادي بيهودية الدولة، ولا معنى ليهودية الدولية دون تنقيتها وتصفيتها من الوجود العربي، والتفرد بامتلاك رقية الأرض الفلسطينية من النهر إلى البحر، خالية من السكان العرب، ولهذا السبب كان قرار الكنيست الإسرائيلي قبل أسابيع، حين صوت 68 عضو كنيست إسرائيلي على عدم السماح بقيام دولة فلسطينية، على افتراض أن قيامها سيقوض وجود دولة الصهاينة.
إفراع غزة والضفة الغربية من السكان الفلسطينيين سيكون على حساب الأنظمة العربية، ولاسيما الأردن العربي؛ الذي سيكون الأكثر تضرراً من الهجرة الجماعية للفلسطينيين، سواء كانت هجرة طوعية أو جبرية، فالنتيجة هي المزيد من العبء الإنساني والحياتي والاجتماعي على الأردن العربي؛ حيث سترتد المتغيرات الديمغرافية على أرض فلسطين بالسلب على أمنه واستقراره.
انكسار المقاومة الفلسطينية في غزة سيحفز المتطرفين اليهود الذين يقتحمون المسجد الأقصى بشكل يومي، يدنسون طرقاته بصلاتهم التلحمية، هؤلاء المتطرفون سيجدون الوقت قد حان لذبح بقرتهم المقدسة، على طريق إقامة هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، فهل تدمير المسجد الأقصى يصب في مصلحة الأردن العربي؟
السيطرة على الأرض العربية، واستغلال موارد الأمة، وانكسار الإنسان العربي وتحطيم انتمائه، هذا هو الهدف الإسرائيلي من مواصلة العدوان على غزة، وهذا هدف تجمع عليه أمريكا مع إسرائيل، التي ترى بالحرب على غزة حرب وجود لإسرائيل نفسها، وحرب المصالح الأمريكية في المنطقة لعدة عقود، كما صرح بذلك الرئيس الأمريكي بايدن، لذلك كان تهشيم صورة البطل الفلسطيني المقاوم، وتشويه صورة البطولة الفلسطينية على رأس أهداف العدوان الإسرائيلي على غزة، ليتمثل الهدف التالي تعزيز الثقة بالنفس، روح الانتماء داخل مجتمع الصهاينة، وهو يرزم حقائبه، ويتهيأ للرحيل.
كاتب فلسطيني/ غزة
انسخ الرابط :
Copied