موقع المغرب العربي الإخباري :
إن أي مسعى أو وساطة يضطلع به نظام مطبع من أجل وقف العدوان والمجازر التي يرتكبها الكيان في غزة او لمنع الهجوم على رفح، هو بالضرورة مسعى كاذب وينطوي على تواطؤ ومشاركة للكيان ما لم يبدأ هذا النظام بنفسه ويحاسبها . فمثل هذه المساعي لا تؤخذ على محمل الجد طالما يضطلع بها حكام عملاء لا أصدقاء، ولا مصلحة لهم بمواجهة الكيان أو إضعافه . وطالما أن القنوات كلها مفتوحة مع الكيان والأبواب مشرعة في الاتجاهين معه ،وطالما أن هذه الأنظمة المطبعة تمتلك أقوى وسائل الضغط السياسية والاقتصادية والأمنية على الكيان وقادرة إن توفرت لديها الارادة السياسية أن تفرض التوزان وأكثر، وأن تلجم الكيان وأمريكا وبريطانيا من ورائه .
ومن المضحك المحزن أن مساعي الوساطات المدعى بها كلها تذهب باتجاه الولايات المتحدة وتقفز عن الكيان نفسه، بل لا يصل الكيان منهم سوى كل انواع الدعم الاستراتيجي . ولا أدري، ولا ابن كار يدري ما الذي يجرأ أن يقوله الواحد من هؤلاء الحكام المطبعين الى الرئيس الأمريكي داخل الأبواب المغلقة وأوراقهم كلها أمامه مكشوفة ومهدورة ومفضوحة .هل سيُنَظّرون عليه بما هو أعلم به منهم، أم أنهم يريدون الاستماع للتقييم الأمريكي إزاء دعمهم للكيان،أم هي مجرد رسائل تمويه لشعوبهم ترحب أمريكا بها وبتزويرها، بل قد يكون موضوع البحث في اللقاء أمراً أخرلا علاقة له بما يجري بفلسطين . وباختصار يمكن أن نسرح بخيالنا لعشرات الإحتمالات ولكن ليس منها الغاية التي اعلن أو يعلن عنها.
هذا هو الزمان الذي نصنف فيه الحاكم العربي الذي لا يتأمر على فلسطين والفلسطينيين والمقدسات بالحاكم الوطني والصامد والحر. هذا هو الزمان الذي تنوخ في الشعوب العربية لحكام بلهاء يتفاجؤون بهم من صنع أو دعم عدوهم الوجودي .هذا زمان تصبح فيه الامبراطورية المصرية خاضعة لكيان هش بلا تاريخ وغريب عن المنطقة ومتربص بها، بفضل عميل يخلف عميلا مخلوفاً بعميل . هذا زمان نجح فيه حكام عملاء أو جهلة في تكريس الخطة الاستعمارية في أقلمة الوطن العربي وأقطاره، هذا زمان ينشأ فيه نظام استعماري غير مباشر خصيصا للعرب , هذا زمان تُمرر فيه أكبر كذبة مكشوفة بالتاريخ على يد التحالف الصهيو\ غربي ،قَدّموا ِفيها متهودي مملكة الخزرالخليط الأسيوي الأري من قوميات مختلفة للعالم على أنهم من بني اسرائيل وأحفاد ابراهم، واحتلو فلسطين بالإرهاب وأقاموا كيانا فيها هو مستعمرة وأسموها بكل وقاحة واستهتار بالأخرين وبالتاريخ، باسم إسرائيل.
لعبة كبيرة وخطيرة ودنيئة يتبنونها الحكام العرب المطبعون . وعلى الشعوب العربية أن تنتبه وتخرج من هذه اللعبة وأن لا تنساق للمشاركة بها دون وعي أو تقبلها وإلّا ستأتي نارها عليهم قطراً وراء أخر. واللعبة منبثقة عن كون وجود الحكام العرب المطبعين في السلطة هو وجود وثيق الصلة بوجود الكيان الصهيوني، وبقاؤهم مرتبط ببقائه، وإن أي تهديد لوجود الكيان هو تهديد لوجودهم بالسلطة , وأي مهدد له هو مهدد لهم . وبالتالي فإن المقاومة الفلسطينية التي هي شرفنا وكرامتنا ووجودنا الإعتباري كشعوب عربية، والأمل الوحيد في تحريرنا من القبضة الصهيو امبريالية، تعتبر , وأعني المقاومة،خطراً وجودياً على الحكام العرب هؤلاء وعدوة لهم، وبالتالي المستهدَف الأكبر لهم .
أما لعبة حكام التطبيع هذه فلا شك أنها في سياق مؤامرة صهيو-امريكية وتقوم على تكريس تقبل استحلال سفك الدم الفلسطيني في أعين شعبنا العربي بل وشعوب العالم في كل أقطاره لا سيما من قبل الكيان الصهيوني .وهو الأمر الذي يعمل الكيان وأمريكا معاً على إشاعته في نفوس شعوب وحكومات العالم من خلال الإمعان في المجازر الإبادية والدفاع عنها كعمل مشروع للدفاع عن النفس . وإن اشتراك حكام التطبيع في هذا المسعى يتجاوز هدف شرعنة وتكريس الإقليمية الهدامة لفكرة وحدة العرب ووطنهم وفكرة المشروع العربي في نفوس وعقول شعوبنا الى ما يمكن أن نسميه بأقلمة القضايا والمشاكل والمصالح العربية وفك الإرتباط النفسي والعاطفي والوشائجي فيما بين الشعوب العربية من ناحية ومع الشعب الفلسطيني والقضية من ناحية أخرى .
وبهذا السياق لقد استُغلت مباريات كأس أسيا من قبل أنظمة التطبيع لترسيخ اللعبة الدنيئة في تكريس فكرة استحلال دم الفلسطينيين من خلال إشاعة الأنظمة سياسة عدم الإكتراث لما يجري من حرب ابادة لأهلنا هناك . ولا أعتقد أني وغيري نعترض على المشاركة بذاك الحدث الرياضي،، ولكن أن نجعل أو يجعل النظام الأردني من بلدنا وشعبه المستهدفين بالمشروع الصهيوني والمعنيين بالقضية الفلسطينية مباشرة من مثل هذه المباريات مناسبة يحشد لها ناس الدولة للإحتفال في هذه الظروف المؤلمة والقاسية القائمة والتي تجري فيها مذابح ومجازر ضد شعبنا الفلسطيني الشقيق والأهل والجار، فإنما يرسل النظام بهذا رسائل مزيفة باسم شعبنا للمجرمين والموالين لهم وللعالم وحتى لأهلنا في فلسطين بأننا نحن الأردنيين غير معنيين بما يرتكب ضد اخواننا ولا نتعاطف أو حتى نحترم مآتمهم وأحزانهم ومشاعرهم .
وما اريد الوصول اليه أن هذ الأفعال تصب مباشر في بوتقة التآمر على الدم الفلسطيني والقضية الفلسطينية وتزييف ارادة الأردنيين. وإجراء من النظام أو على الأرجح من دائرة المخابرات مكشوف ومطلوب صهيونياً وفاشل ومرفوض من شعبنا الاردني بكل مكوناته حتى ينقطع النفس .
كاتب عربي اردني
انسخ الرابط :
Copied