موقع المغرب العربي الإخباري :
كواليس التدخل الأجنبي وراء نهب مليارات صندوق الودائع التونسي تتواصل الكشوفات الصادمة حول أبعاد نهب أموال صندوق الودائع والأمانات التونسي الذي بلغ حجمه ثلاثة مليارات دولار على مدار 12 سنة. وتفيد أحدث المعطيات بأن المافيا المالية المتورطة في هذه الجريمة قد تمكنت من إقحام أجنحتها بحماية بريطانية.
فقد أكدت مصادر مطلعة أن السفارة البريطانية كانت تتدخل بشكل مباشر في مختلف أدق تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية التونسية. وقد ساهمت هذه التدخلات في إيصال وتسهيل عمليات نهب الأموال العامة وتغطيتها. كما ساعدت السفارة التركية من خلال تسهيل استيراد منتجات تركية تنافس المنتجات التونسية سابقا، ما أدى لتدمير الصناعات الوطنية وزيادة البطالة.
وبذلك تكشف هذه المعطيات عن الدور الضمني لهذه الدول في تضخيم حجم الأزمات في تونس بعمليات سرقة وتبعية اقتصادية. ويطرح هذا التطور علامات استفهام حول مدى جدية السلطات التونسية في محاسبة المتورطين من المافيات المحلية والخارجية بما يضمن استرداد الأموال المنهوبة وإقامة العدالة. تشير المعطيات إلى أن السفارة البريطانية كانت تتدخل بصورة مباشرة في تعيين كبار المسؤولين في المؤسسات المالية التونسية.
حيث منحت حمايتها لشخصيات تم ترشيحها لرئاسة البنك المركزي وصندوق النقد، وهم ممن يشتبه في تورطهم في عمليات نقل أموال صندوق الودائع إلى شركات وهمية. كما أن التحقيقات تشير إلى أن جزءا كبيرا من الأموال المنهوبة تم تهريبه إلى بريطانيا عبر عمليات “تبييض أموال” تمت بمساعدة بعض مصارف لندن، إلا أن السلطات البريطانية ما زالت ترفض تقديم المساعدة في استعادة تلك الأموال. أما عن الدور التركي، فقد برز من خلال تسهيل استيراد المنتجات التركية دون رسوم جمركية، مما تسبب في انهيار الصناعات التونسية المماثلة. وتشير مصادر إلى أن بعض هذه الشركات التركية شاركت في نهب العقارات والمصانع التونسية المنهارة. وهكذا يتضح أن هذه الفضيحة تكشف أبعادا جديدة حول التورط الخارجي في عمليات النهب والتخريب الاقتصادي لتونس على مدار السنوات الماضية.
تحول هذا الإفصاح المدوي عن تورط السفارتين البريطانية والتركية إلى موضوع من المواضيع الأكثر تداولا بين التونسيين عبر منصات التواصل الاجتماعي. ويطالب الكثيرون بتقديم المزيد من التفاصيل حول كيفية تدخل كل سفارة بالتحديد في عمليات النهب، مع تسمية الأسماء وتحديد الأدلة. كما يتم المطالبة بفتح تحقيق دولي مشترك مع هاتين الدولتين لكشف حجم التورط الفعلي وإجبارهما على إعادة الأموال إلى حامليها الأصليين من المواطنين التونسيين.
وفي المقابل، لاقت السلطات التونسية موجة من الانتقادات بسبب تقاعسها عن اتخاذ إجراءات قانونية طالما أن التدخل الأجنبي تم بشكل مباشر. ومن المطالبات أيضا سحب الامتيازات الجمركية عن السلع التركية وطرد السفيرين البريطاني والتركي لحين الكشف عن الحقائق. تفيد المعلومات المسربة بأن السفارة البريطانية كانت تتدخل بشكل مباشر في تعيين رؤساء مجلس إدارة صندوق الودائع، وقد تم تعيين ثلاثة مواطنين بريطانيين في مناصب قيادية بالصندوق خلال السنوات العشر الماضية.
وقد أشارت التحقيقات الأولية إلى أن هؤلاء استخدموا صلاحياتهم لتسهيل عمليات نقل الأموال إلى شركات وهمية تم إنشاؤها في لندن وإدارتها من قبل عملاء بريطانيين. كما لوحظ تزايد كبير في حجم التبادل التجاري مع تركيا، غير أن السلع المستوردة كانت غالبا سلعا استهلاكية ذات قيمة محدودة بهدف تدمير الصناعات التونسية. وقد لوحظ أيضا تورط بعض الشركات التركية في استباحة ممتلكات تونسية كانت خاضعة لإجراءات تنفيذ قضائي بسبب ديونها، ما يؤكد تواطؤها مع المافيات المحلية. ومع هذه الأدلة، يتوجب على السلطات التونسية اتخاذ إجراءات قانونية سريعة لحماية مصالح البلاد. لقد كشفت هذه الفضيحة أبعادا خطيرة للتدخل الأجنبي المباشر في شؤون تونس السيادية، من خلال دعم عمليات نهب أموال صندوق الودائع وتدمير النسيج الاقتصادي. وتثير ما تم الكشف عنه من معلومات حول تورط السفارتين البريطانية والتركية الكثير من التساؤلات حول مدى استقلالية القرار التونسي.
كما تسلط الضوء على ضرورة اتخاذ إجراءات قانونية عاجلة لمحاسبة المتورطين داخليا وخارجيا، واسترداد كامل الأموال المنهوبة. ويتوجب على الجهات المعنية تقديم تفاصيل أكثر حول هذه العمليات غير المشروعة لكشف الحقيقة وتلبية مطالب الرأي العام. كما على السلطات حماية مصالح تونس من خلال إعادة النظر في اتفاقياتها مع الدول المتورطة وسحب الامتيازات الممنوحة لها.
المصدر: رأي اليوم
انسخ الرابط :
Copied