إن ما نراه اليوم من أحداث في قطاع غزة من إبادة جماعية ومجازر بحق أهلها وأطفالها، يعيد بنا الذاكرة إلى الزمن البعيد، وكأن التاريخ يكرر نفسه من جديد، نكبة بعد نكبة، وهذا بمثابة تذكير لمن نسوا أو تناسوا فلسطين وقضيتها. النكبة، المصطلح الذي أطلقه الفلسطينيون على مأساتهم في 15 أيار عام 1948، بعد قيام الحركة الصهيونية باستكمال خططها المتوحشة بتهجيرهم من أرضهم، وقتل نسائهم وأطفالهم، وإقامة ما يدعى اليوم باسم “دولة إسرائيل” (المحتلة).
انتهج الاستيطان اليهودي منذ أكثر من 75 عاما فلسفة أساسها الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، بعد طرد أهلها وسكانها بذرائع تاريخية لا أساس لها، وبالتستر تحت غطاء ديني زائف بهدف تحقيق أهدافهم الاستعمارية، محاولين طمس الهوية الفلسطينية العربية وتهميش حضارتها العريقة وتاريخها الأصيل.
لقد كانت نكبة عام 1948 بمثابة الكارثة للشعب الفلسطيني، فقد أدت إلى تهجيرهم وتشردهم المتواصل، ولكن وعلى الرغم من ذلك فما زال الفلسطينيون في دول الاغتراب والشتات يحيون ذكرى يوم النكبة الفلسطينية بتنظيم مسيرات العودة والتظاهرات، كما أن الفلسطينيون الباقون في أرضهم ما زالوا يطلّون على أعتاب قراهم المدمّرة وبيوتهم المستعمرة مطالبين بحق العودة.
ورغم كل الخذلان العربي والعالمي تجاه حقوق هذا الشعب المظلوم، لا تزال الإرادة القوية والأمل الكبير باسترجاع الأرض المغتصبة يعزز قدرة المقاومة في مواجهة هذا العدو الوحشي الإجرامي، ويثبت أقدام كل من بقي في ميدان المعركة ليؤكد للعالم أن فلسطين عربية ولن تكون إلا عربية.
إن الشعب الفلسطيني يؤكد لنا بإحيائه لهذه الذكرى، أنه ما زال شعباً متمسكاً بأرضه ومبادئه، رافضاً للمشاريع الصهيونية وخططها الاستعمارية، وباشتراكهم من مختلف أنحاء العالم داخل فلسطين وخارجها، يؤكدون على وحدتهم ويجدّدون عهدهم بالعودة إلى أوطانهم واسترجاع أرضهم المحتلة.