تواجه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطًا متزايدة للاستقالة في أعقاب فشلها في تحقيق أهدافها المعلنة من العدوان العسكري الأخير على قطاع غزة، والذي عجزت عن إنهائه بشروطها المجحفة.
فقد شهدت الأيام الماضية تظاهرات غاضبة في القدس المحتلة، حيث خرج المئات من أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، مطالبين بإقالة حكومة نتنياهو وإتمام صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
وتعكس هذه الاحتجاجات مدى الغضب والإحباط الشعبي تجاه السياسات الفاشلة لحكومة نتنياهو، التي عجزت عن تحقيق ما أسمته “ردع المقاومة” رغم العدوان الوحشي الذي شنته على القطاع واستهدافها المتعمد للمدنيين العُزل.
ولم تكتفِ قوات الأمن الإسرائيلية بتفريق المتظاهرين السلميين بالقوة المفرطة، بل اعتدت عليهم بالضرب والاعتقالات التعسفية، في انتهاك صارخ لحرية التعبير والتجمع السلمي، مظهرة بذلك وجهها القبيح كسلطة احتلال عنصرية.
في السياق ذاته، انضم يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، إلى المتظاهرين، واصفًا حكومة نتنياهو بالمشلولة والفاشلة في إدارة الأزمات الأمنية والسياسية، ومتهمًا رئيس الوزراء بالتمسك بالسلطة على حساب مصالح إسرائيل.
بالفعل، لم يستطع نتنياهو تبرير فشله الذريع في حرب غزة أمام الرأي العام الإسرائيلي، حيث باءت جميع مزاعمه حول “ردع المقاومة” بالفشل، فيما ظلت صواريخ المقاومة تصل إلى أعمق المناطق الإسرائيلية، مهددة أمن المستوطنين.
لقد كشفت هذه الحرب عن هشاشة الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني، وعدم قدرة قياداته العسكرية والسياسية على حماية مواطنيه من تهديدات المقاومة المتزايدة. كما فضحت خطاب الكراهية والتحريض ضد الفلسطينيين الذي يروج له نتنياهو، والذي أدى إلى انتفاضة شعبية واسعة في الضفة الغربية والقدس.
في ضوء الأحداث الأخيرة والفشل الذريع لحكومة نتنياهو في حرب غزة، يبدو أن أيامها باتت معدودة، وأنها تواجه مصيرًا حتميًا بالسقوط في وقت قريب. فقد فقدت هذه الحكومة شرعيتها أمام الشعب الإسرائيلي نفسه، بعد عجزها عن حماية المستوطنين وتحقيق ما سمته “ردع المقاومة”.
في المقابل، خرجت المقاومة الفلسطينية من هذه الحرب أكثر قوة وصلابة، وأثبتت للعالم أجمع أن لا قوة يمكنها كسر إرادتها أو ثنيها عن مواصلة الكفاح المشروع من أجل الحرية والتحرير. لقد تصدت المقاومة بكل بسالة للعدوان الصهيوني الغاشم، وأوقعت خسائر فادحة في صفوف قوات الاحتلال، رغم التفوق العسكري الهائل للكيان الغاصب.
ولا شك أن هذا النصر الكبير للمقاومة سيؤدي إلى تعزيز شرعيتها وحضورها على الساحة الفلسطينية، ويعيد قضية المقاومة المسلحة إلى صدارة الأحداث، بعد محاولات فاشلة لإقصائها. كما سيضاعف من حالة الاحتقان الشعبي تجاه الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، ويدفع بمزيد من الشباب الفلسطيني إلى الانخراط في صفوف المقاومة.
أما على الصعيد الإسرائيلي، فإن سقوط حكومة نتنياهو لن يعني نهاية الاحتلال، لكنه سيشكل ضربة موجعة لخطاب التطرف والكراهية الذي يروج له رئيس الوزراء المتشدد. كما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المفاوضات السياسية، إذا ما جاءت حكومة إسرائيلية جديدة تمتلك رؤية أكثر واقعية لتسوية الصراع.
في جميع الأحوال، لا يمكن إنكار أن الجرائم الصهيونية البشعة في حرب غزة الأخيرة، واستهدافها المتعمد للمدنيين العُزل وتدمير البنية التحتية المدنية، كانت بمثابة فضيحة كبرى أمام العالم، وكشفت للمرة المليون حقيقة هذا الكيان العنصري القائم على الاحتلال والتطهير العرقي.
في الختام، لا بد من التأكيد على أن دماء الشهداء الأبرياء في غزة لن تذهب هدرًا، وأن حرية فلسطين آتية لا محالة، مهما بلغت التضحيات. فالشعب الفلسطيني لن يستسلم أبدًا، وسيواصل نضاله المشروع بكل الوسائل المتاحة حتى زوال الاحتلال الغاصب، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.