لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لك لبيك، فريضة عظيمة ومباركة تطل علينا بعد أيام، وهي فريضة الحج التي تجمع جميع المسلمين باختلاف لغاتهم وجغرافيتهم وأفكاركم ومذاهبهم، هذه الفريضة التي توحد الكلمة وترفض التفرقة والعنصرية، أي أن أفضل خلق الله أفضلهم بالتقوى، إن فریضة الحج ترکیبة من عناصر العبادة و التضرّع و المشارکة السیاسیة و الاجتماعیة، فزيارة بيت الله الحرام و أداء مناسك الحج فرصة لا نظير لها لتطهير النفس و التقرب إلى الباري تعالى و توفير الزاد للعمر كله، فعلى كل المسلمين أن يعرفوا قدر وقيمة کل شعیرة من شعائر و أعمال الحج و أن يطهروا أنفسهم وأرواحهم في معين هذه النعمة الكبرى.
وأما حول الوحدة الإسلامية، فالحج یمثل مظهراً وفرصة حقیقیة لـ ” الوحدة الاسلامیة “، وهذا ما يؤكده التواجد المتزامن لجمیع الشعوب بکل الفوارق العرقیة والمذهبیة والثقافیة والظاهریة في مکة المکرمة والمدینة المنورة، فهناك من يسعى إلى التقلیل من حقیقة و أهمیة الأمة الإسلامیة من خلال أنواع الأسالیب بما فیها تضخیم مفهوم القومیة، وهناك من يخلق الصراعات الداخلیة في بعض البلدان بذرائع مذهبية و سیاسیة و حتی حزبیة، ناتجة عن الجحود بنعمة الوحدة.
إن الحج یُشکل نموذجاً ذا مغزی لتشکیل الأمة الإسلامیة وفرصة کبیرة للغایة للتناغم قلباً ولساناً و وسیلة للتعاطف بین مسلمي العالم، ولصد مؤامرات القوى الدولية الظالمة التي تستهدف الاسلام والمسلمين وتتآمر ضد القرآن الكريم، والتي تدرك جيداً بأن صحوة الشعوب تنبع من القرآن و الاسلام.
منذ عشرات السنين يسعى المستكبرون لضرب المسلمين بمختلف الأساليب، عبر ضخ الأموال وإنشاء العشرات من المراكز والمؤسسات الفكرية والسياسية في أميركا وأوروبا وفلسطين المحتلة والدول العميلة، لتقوم بدراسة الاسلام ومعرفة و تفعيل سبل مواجهة العوامل الباعثة على اليقظة و الاقتدار للأمة الإسلامية.
بلا شك أن قوى الغطرسة العالمية تتابع بكل جدية خلق العنف والتفرقة بإسم الاسلام وإثارة النزاعات بين الشعوب لاضعاف الأمة الإسلامية، لذا من الواجب علينا كمسلمين أن نحبط هذه المكائد والمؤامرات التي تحاك ضد ديننا ونبينا الكريم محمد (ص)، وضد قرآننا العظيم.
إن مفهوم الوحدة يتجسد في التكاتف والألفة والمحبة ونبذ التفرقة والنزاعات، مهما كنا أقويا سنكون فريسة التآمر ودول الاستكبار في حال استسلمنا للفتن وأصحابها، الله سبحانه وتعالى لم يميز البشر في كتابه العزيز إلى بالتقوى، و هذا يؤكد مدى أهمية إزالة تلك الشوائب والمحرضات على الكره والعنف بين الشعوب العربية والإسلامية.