بعد مرور قرابة شهر ونصف على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ما زال الاحتلال حتى الآن عاجزاً عن تقديم صورة نصر واحدة في مواجهته مع المقاومة الفلسطينية، ورغم كل المجازر والجرائم الوحشية التي مارسها الاحتلال في غزة، لم يستسلم أهل القطاع وبقوا صامدين أمام خطط التهجير وسياسة الأرض المحروقة التي لجأ إليها الاحتلال عندما عجز عن مواجهة حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” في الميدان في عملية “طوفان الأقصى” التي هزت الكيان الصهيوني وطمست أسطورته.
فقد انتصرت المقاومة الفلسطينية رغم ثرثرة الحكومة الاسرائيلية وتغطيتها على خساراتها الكبيرة التي تكبدتها في صفوفها، وعلى الرغم من وحشية الاحتلال فقد فشل في تحقيق أهدافه التي برّر بها قتل الأطفال والنساء في غزة، كما عجز عن تركيع الغزّيين وتهجيرهم خارج وطنهم، أو تحمل ضغوط المقاومة التي أهلكت قواته وأفشلت سياساته الهمجية.
إن رضوخ نتنياهو وحكومته للتفاوض مع “حماس” وقبوله بهدنة إنسانية ما هو إلا دليل ثابت وواضح على انهيار الكيان الصهيوني وهشاشته أمام المقاومة الفلسطينية، فقد تلوّثت صورة إسرائيل أمام العالم وأمام حلفائها وانعزلت دوليّاً وانكشفت الحقائق التي كانت تخفيها تحت أقنعتها المزيفة، وأوشك جيل المؤسسين للصهيونية على الانقراض.
لا يمكن أن يُبنى سلام مع مخادعين يعملون على تصفية الوجود الفلسطيني بجميع مقوماته، فمع الإعلان عن الهدنة المؤقتة، بدأت جميع الأطراف تتهيأ للمرحلة الجديدة، ولا سيما المجتمع الصهيوني بعد انهيار الأسطورة التي قام عليها حلمهم الجماعي في اغتصاب أرض فلسطين وتهجير أهلها، وإن القادم سيكون أسوأ وأصعب على الاحتلال.
أخيراً مبروك لأهل غزة الأبطال هذا الانتصار العظيم الذي تحقق بفضل صبرهم وإيمانهم القوي وتضحياتهم الضخمة، فرسموا بدماء الأطفال والشهداء لوحة نصر أعادت الأمل والحياة للقضية الفلسطينية الخالدة.