موقع المغرب العربي الإخباري :
ليس الحكماء من أهل الأديان والمذاهب فحسب بل من أهل العلم أيضا.
بعد أعوام قليلة من قيام ʺإسرائيلʺ على أرض فلسطين، عُرض على ʺاينشتاينʺ العالِم الفيزيائي الشهير رئاسة ʺإسرائيلʺ مع مغريات أخرى كثيرة و مع وعده بترك المجال له في صورة القبول، لمواصلة عمله في مجال البحث و الاستكشاف…
المهم، بالنسبة لهم، أن يَقْبَلَ فقط و يقرن اسمه اللامع مع اسم الدولة الجديدة.
رفض العالِم الصّادق ذلك المقترح الخبيث متعلّلا بأنّه غير قادر على الرّئاسة بسبب الشيخوخة و كان وقتها في الثالثة و السبعين!! و لكنّه ساق في المقابل أسبابا للرّفض جدّ وجيهة لا يقدر على الاعتراف بها إلاّ أصحاب المواهب الحقيقيّة في كلّ زمان و مكان و من كلّ المذاهب و الأديان.
لقد قال لهم أنّه لا يملك المهارة اللازمة للتعامل مع الأشخاص و بأنّه يكره… السياسة.
إنّه تواضع الناس الصّادقة مع نفسها و مع النّاس… و المخلصة أبدا لعِلمها و عملها.
لقد قال لهم قبل ذلك أنّ نجاح الإنسان في عمل ما لا يعني وجوبا نجاحه في عمل آخر و أنّ نجاحه في مجال الفيزياء لا يعني أنه سيحقّق نفس النّجاح لو مارس وظيفة مختلفة في ظروف مختلفة…و مع ذلك فقد أصرّوا على أن يستغلّوا أصله اليهودي و تفوّقه العلمي لتثبيت أركان دولتهم المسقطة في أرض ليست لها و لن تكون يوما لها.
سيبقى ʺاينشتاينʺ عالِما فذّا لا شك في ذلك… لكن و هذا الأهم بالنسبة لنا سيبقى إنسانا حكيما مهما كانت معتقداته و سواء كان متدينا أم لم يكن أو كان من ملّتنا أم لم يكن.
لقد كان ممّن يتكلّم بالحكمة و يعمل بها و ليس من أولئك المنافقين الذين يُشبعوننا دروسا في الاستقامة و بمجرد أن يُلقى لهم عظم في شكل منصب أو مال ينطلقون كالكلاب وراءه غير آبهين بما قالوا من قبل و ما سمع النّاس منهم.
أتذكّر هنا الدكتور مصطفى محمود صاحب برنامج ʺالعلم و الإيمانʺ في تواضعه و أدبه الجم.
يُحكى أن الرئيس أنور السادات عرض عليه ذات مرّة منصبا حكوميا فاعتذر له معترفا غير خجلان: يا سيدي الرئيس، أنا رجل مطلّق لم أنجح في إدارة زواج فكيف أنجح في إدارة وزارة؟!!
إنه كلام العقلاء المحترمين الذين لا يخجلون من الاعتراف بأخطائهم و عيوبهم و يعرفون جيدا حدود مجالهم الذي برعوا فيه و لا يتجاوزونها مهما كانت المغريات، فأين هم من أولئك المتهافتين دوما على كلّ شيء و أي شيء بكل الأشكال و الطرق و أكثرها، للأسف، بالغصب و إن لزم الأمر بالحرب!
رحم الله مصطفى محمود الذي تعلّمنا منه أنه لا فصل بين العلم و الإيمان و لا انفصال مهما تشكّكنا في الأمر و كثر بيننا الجدال.
رحم الله ذلك الفيزيائي الكبير الذي اطّلع على بعض أسرار الكون العظيمة فقال مقولته المأثورة: ʺ شيئان لا حدود لهما: الكون… و غباء الإنسانʺ.
صَدَقْتَ يا أيها العالِم الحكيم،
فلولا عِلمك، و إن يبقى محدود، لقبلتَ يومها بكرسي الرئاسة…
و لولا غباؤهم، اللامحدود، لما أقاموا على ظهر فلسطين دولة الشّؤم و لما سمّوها خطأً باسم إسرائيل!!!
انسخ الرابط :
Copied