غارة أمريكية غادرة تغتال القائد والمناضل الحاج قاسم سليماني، أحزن فقده قلوب المجاهدين في كل بقعة من فقاع الأرض، وأبكى عيون الشرفاء في الشرق الأوسط، والشعوب التي دافع عنهم بإخلاص وخلصهم من إجرام داعش والكيان الصهيوني، لم يكن يميز هذا القائد الشجاع بين شعب وآخر مع اختلاف قومياتهم وأديانهم ومعتقداتهم، إذ كان همه الوحيد هو نصرة المظلومين أينما كانوا، ونصرة محور المقاومة وتحرير كل أرض مغتصبة.
بعد حوالي 7 عقود من الإنكار، أقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن المحامي والزعيم الوطني الجزائري، علي بومنجل “تعرض للتعذيب والقتل” على أيدي الجيش الفرنسي إبان الاستعمار، متراجعا بذلك عن رواية باريس القديمة بأنه انتحر، ويحتلّ المحامي والزعيم الوطني الجزائري علي بومنجل رمزية خاصة ضمن قيادات ثورة التحرير الجزائرية ضد الاحتلال، بالنظر إلى مساره الحقوقي الحافل بالدفاع عن مناضلي الثورة الجزائرية، فهو واحد من النخبة الثوريّة المثقفة ذات التكوين العالي تلك الفترة.
أبطال المقاومة والثورات المناهضة للظلم والاستعمار يسلكون طريقا واحدا وتجمعهم الأفكار المشرقة لحب الشهادة وعدم الخوف من الأعداء، والقائد الحاج سليماني لم يتراجع يوما عن أهدافه في نصرة المظلومين، ولم يستسلم أبدا أمام إرهاب الأعداء، فشغله الشاغل هو التقدم للأمام وتحقيق النصر وإعلاء كلمة الحق، إلى أن اغتالته أيادي الغدر والحقد الأمريكية والصهيونية كما اغتالت أيادي الاستعمار الفرنسي المجاهد والمناضل علي بو منجل، فهؤلاء المستعمرين لا يعرفون سوى لغة القتل والغدر ولا يملكون الشجاعة لأية مواجهة.
ففي 9 فبراير/شباط 1957، ألقى جيش الاحتلال الفرنسي القبض على بومنجل، ليتعرض للتعذيب لمدة شهر كامل على يد الجنرال بول أوساريس وأعوانه. وفي 23 مارس/آذار من نفس العام، تمّ رميه من الطابق السادس من إحدى البنايات بقلب العاصمة الجزائرية، وقتها أعلن الاحتلال عن رواية الانتحار الوهميّة، قبل أن تفصح الحقيقة عن نفسها بعد مرور 43 عامًا، بمذكرات أوساريس عام 2000.
تحتفل الجزائر منذ 2004 بتاريخ 23 مارس/آذار كيوم وطني للمحامين، باعتباره موافقا لذكرى تصفية المحامي والمناضل الثوري بومنجل، ويعتبر المحامون الجزائريون احتفاءهم السنوي بهذه المحطة بمثابة تكريم لكافة المحامين الوطنيين الذين رافعوا خلال الثورة، بل دفعوا حياتهم ثمنا لحرية واستقلال الجزائر.
ويحي المسلمون والمقاومون كل عام ذكرى استشهاد القائد سليماني الذي ضحى بحياته ودمه لنصرة المظلومين ونصرة القدس والأقصى، ودفاعا عن كرامة المسلمين في التصدي لأشرس مجرمي الأرض عصابات تنظيم داعش الإجرامية.
هنيئا للقائد سليماني وهنيئا للمناضل بو منجل وهنيئا لكل شهيد ومناضل سلك درب الشهادة واختار الكرامة والعزة ورفض الذل والاستسلام.