في السابع من أكتوبر الماضي، أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عملية عسكرية واسعة النطاق، أطلقت عليها اسم “طوفان الأقصى”، ردًا على الانتهاكات المتواصلة للاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى المبارك والتصعيد العسكري في الضفة الغربية.
بدأت العملية بإطلاق صواريخ متقدمة من غزة على مناطق عدة في إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب، مما أدى إلى إصابة العشرات من المستوطنين. وردت قوات الاحتلال بشن غارات جوية عنيفة على القطاع، استهدفت البنية التحتية المدنية والعسكرية للمقاومة.
على مدى أسابيع، استمرت المواجهات بين الطرفين، حيث واصلت المقاومة إطلاق الصواريخ، فيما كثفت إسرائيل من ضرباتها الجوية والبرية على غزة. وسرعان ما تحولت المعركة إلى حرب شاملة، شهدت تدميرًا هائلاً للمنازل والمنشآت المدنية في القطاع، واستشهاد المئات من الفلسطينيين.
في الوقت نفسه، اندلعت انتفاضة شعبية واسعة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، حيث خرج الآلاف في مظاهرات حاشدة تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وإسنادًا للمقاومة. وشهدت المدن الفلسطينية اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال، أسفرت عن سقوط العشرات من الشهداء والجرحى.
على الرغم من تفوقها العسكري، فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة من العملية، وهي تدمير البنية التحتية العسكرية للمقاومة وإسكاتها بشكل نهائي. فقد أظهرت فصائل المقاومة قدرة كبيرة على الصمود والتصدي للعدوان، وواصلت إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية.
من جهتها، لجأت قوات الاحتلال إلى ممارسات وحشية ضد المدنيين العزل في غزة، حيث استهدفت بشكل متعمد المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء، ما أدى إلى تشريد أكثر من مليون ونصف فلسطيني من منازلهم وفرض حصار خانق على القطاع.
في نهاية المطاف، لم يبق أمام إسرائيل سوى قبول وقف إطلاق النار بعد أكثر من ثلاثة اشهر من القتال العنيف. وبدلاً من تحقيق الردع المنشود، أظهرت “طوفان الأقصى” صلابة المقاومة وإصرارها على مواصلة الكفاح المسلح حتى تحرير فلسطين.
خرجت المقاومة الفلسطينية من هذه المعركة أكثر قوة وعزيمة، فيما زادت حالة الاحتقان الشعبي على الأرض تجاه الاحتلال. كما أعادت العملية قضية المقاومة المسلحة إلى صدارة الأحداث الإقليمية والدولية، بعد محاولات لإقصائها واختزالها كخيار وحيد للتحرير.
لا شك أن دماء الشهداء التي سالت في طوفان الأقصى ستبقى ملهمة للأجيال القادمة لمواصلة الكفاح حتى زوال الاحتلال، ولن تذهب ضحياتهم هدرًا. فالشعب الفلسطيني مستمر في نضاله العادل من أجل حريته واستقلاله، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.