موقع المغرب العربي الإخباري :
أشرت في مقال ” مخاطر الدعم العربي للهجوم الإسرائيلي على المنشئات النفطية أو النووية الإيرانية .. “إلى أن موقف البلاد العربية والإسلامية على وجه العموم، تجسيد عملي للمثل الشائع ” أُكِلْتُ يوم أُكِل الثور الأسود..” فتفريط البلاد العربية في أمن بعضها البعض، وتحالفها مع قوى أجنبية ضد بني جلدتها جعلها مجالا مفتوحا لكل أشكال الابتزاز، كما أن اعتماد النظم الحاكمة على المظلة الخارجية للبقاء في كراسي الحكم و معاداتها لشعوبها، جعل موقف هذه الأنظمة ضعيفا من ناحيتين: أولا، فهي أنظمة عارية من كل شرعية، لذلك لا تستطيع مواجهة الأجنبي الذي يدرك افتقارها لحاضنة شعبية تحميها ضد ابتزازت “ترامب” و”بوش” و”بوتين” و”نتنياهو”.. وثانيا، أنها فاقدة للإرادة فهي لا تستطيع العودة لشعوبها، فالشعوب فقدت الثقة في هذه الأنظمة و تنتظر لحظة زوالها بفارغ الصبر..
-
يوم من أيام الله:
و نحن نخلد الذكرى السنوية الأولى لعملية الكرامة طوفان الأقصى المبارك، التي هزت عرش الكيان وغيرت كل التوازنات الإقليمية و الدولية و أسقطت كثيرا من المسلمات والأقنعة، ومن ضمن المسلمات التي تم إسقاطها إلى الأبد ، أسطورة الجيش الذي لا يقهر، و أكذوبة إسرائيل واحة الديموقراطية في المنطقة ، و القلعة الحصينة التي لا يمكن هزيمتها ، هذا الكيان المصطنع الذي إختزل خرافة العبقرية اليهودية و التفوق العسكري و التكنولوجي للعقل الصهيوني المتفوق، كما تم تدمير جدارها الذكي الذي يسمع “دبيب النملة”، وبرامجها التجسسية التي إشتهرت في عالمنا العربي و أصبحت نظم الاستبداد تشتريها للتجسس على شعوبها و معارضيها ..لذلك فإن يوم 7 أكتوبر يوم من أيام الله التي ينبغي ان ندرسها لأبنائنا و نحفظ ذكراها و نخلدها ..ففي هذا اليوم تغير كل شيء في هذا العالم، فالعلم قبل هذا التاريخ ليس هو العالم بعده، فهذا الحدث العظيم لم يستهدف دولة الاحتلال و يكسر جبروتها و إنما امتد لباقي أرجاء العالم، فسقطت أقنعة الغرب الراعي لحقوق الانسان و للقيم الإنسانية الكونية، فتبين أن كل ذلك مجرد شعارات و بروباغندا صفراء، رأينا كيف دعمت حكومات منتخبة ديموقراطيا حرب الإبادة الجدرية رغم معارضة شعوبها
-
خطاب أبو عبيدة :
و صدق أبو عبيدة في كلمته التي ألقاها بمناسبة الذكرى الأولى للطوفان العظيم من غزة العصية الصامدة، القاهرة لعدوها، وقال “عام مر على عملية الكوماندوز الأكثر احترافية ونجاحًا في العصر الحديث”..وأشار إلى أن كتائب القسام وجهت ضربة استباقية هائلة للاحتلال الإسرائيلي بعد أن وصل تخطيطه لضربة كبرى للمقاومة في غزة إلى مراحله النهائية.
وأكد أبو عبيدة أن معركة طوفان الأقصى جاءت بعد أن وصل عدوانه على الأقصى إلى مرحلة خطيرة غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن الاحتلال توغل في الاستيطان والتهويد والعدوان على الأسرى، وهو ما دفع إلى انطلاق المعركة.
وتابع أن مسيرات من اليمن والعراق تتجول في سماء فلسطين المحتلة وتضرب العدو وتكبده خسائر كبيرة.
وأوضح أنه بعد عام من بدء طوفان الأقصى، جمهورية إيران الإسلامية توجه ضربات الوعد الصادق لترهب الاحتلال الإسرائيلي.
وقال أبو عبيدة إن “البطل ماهر الجازي يشعل فتيل جبهة أردنية عربية أصيلة، ملتحمة شعورياً وتاريخياً وجغرافياً مع بلادنا وشعبنا، ويعيش الكيان الصهيوني في العالم ككيان وحشي قاتل مجرم، منبوذ من كل أمم الأرض وشعوبها الحرة، كيان لا يفكر سوى في بناء الجدران والأسوار والمناطق العازلة”.
وتابع أبو عبيدة بالقول: “لا يشد هذا الكيان إلا حبال الإدارة الأمريكية المعهودة التي ستنقطع بلا شك مع مرور الزمن”، مشيرًا إلى أن “عمليات المقاومة تستنزف القدرات الأمنية والدفاعية للعدو، وتكبده خسائر اقتصادية، وتفرض عليه التهجير”.وأشار إلى أن كيان الاحتلال يعيش منبوذًا من كل أمم الأرض وشعوبها الحرة.
وشدد أبو عبيدة على أن خيار المقاومة هو الاستمرار في معركة استنزاف طويلة ومؤلمة مع الاحتلال الإسرائيلي..وقال أبو عبيدة إنه “بعد مرور عام نحن أمام شعب فلسطيني أسطوري بصمود أسطوري رغم الخذلان وبطش عدو يسانده الأمريكان والغرب”.
وأكد أنه عام ولا تزال المقاومة تقاتل في معركة غير متكافئة ضد عدو مجرم لا يتورع عن ارتكاب كل الجرائم.و أشار أبو عبيدة إلى أن مجاهدي ومقاومة الشعب الفلسطيني يواصلون صمودهم البطولي في كل شبر من قطاع غزة.
-
توحيد الدم المقاوم:
و خطاب أبوعبيدة تقييم صادق و موضوعي لعام من النضال و الصمود و التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني، و قدمها أيضا الشعب اليميني و اللبناني و الإيراني ، معركة الطوفان و سنة الحسم غيرت الكثير من المعادلات ، ووحدت الدم المقاوم و كسرت قيود و اغلال الخلافات المذهبية و الطائفية التي إجتاحت المنطقة منذ زرع هذا الكيان السرطاني في قلبها ..
-
رسائل البيجر:
و نحن نحلل ما تم إنجازه في هذه السنة ، و حساب المكاسب و الخسائر، سأعود بالقارئ لهجمات البيجر و إغتيال السيد حسن نصر الله و رفاقه رحمهم الله ، و حالة الإحباط التي إجتاحت صفوف المقاومين و المتعاطفين و المحبين للمقاومة، و شعور العدو الصهيوني و حلفاءه و محبيه بالنصر والانتشاء بالنصر الساحق والماحق، والذي أراد العدو و حلفاءه من المتصهينين أن يقدمه للعالم العربي كتفوق علمي و تكنولوجي كاسح لا يمكن مجاراته او تحديه، فالكيان المحتل حاول أن يمرر رسالة ضمنية مفادها أن صف المقاومة ة العالم العربي والإسلامي ككل يعاني من مرض مزمن و تخلف علمي و تكنولوجي و فجوة تقنية ومعرفية يصعب ردمها او تجاوزها، وعجز هذا العالم العربي والإسلامي المنكوب بالإستبداد والتبعية للغرب ، عن مواكبة هذا التطور وفشله في توطين التكنولوجيا و التحكم في مخرجاتها..
-
الاختراق البشري:
لكن هذه الرسالة الملغومة غير صحيحة بالمطلق، فالانتصار المرحلي للصهاينة ليس مرده التفوق التكنولوجي، وإنما الاختراق البشري، فالمحيط العربي-الإسلامي حافل وحابل وحامل لفيروس الخيانة والنذالة والنفاق والجبن والتبعية للغالب والقوي والاستعداد الفطري للبيع والشراء في كل شيء..
-
المعلومات الذهبية:
فالمعطيات والمعلومات الذهبية التي مكنة العدو من اقتناص القيادات و تحديد الأهداف سربت من جواسيس و خونة ، و يمكن العودة للتقارير التي تناولتها العديد من الصحف الغربية ، فالمنطقة تعاني من وفرة في الخونة والمخترقين ذهنيا وأخلاقيا وسيكولوجيا..أما الحديث عن التفوق التكنولوجي والاختراق السيبراني فهو مردود على أصحابه ، لأن هناك تفوق عربي و إسلامي في المجال التكنولوجي و السيبراني، و تطالعنا الصحف والمجلات العالمية بإختراقات يومية لشبكات وبرامج محصنة من طرف قراصنة عرب و مسلمين ، و ليس في ذلك غرابة ، فأبو عبيدة في كلمته وجه نداء لهذا الجيش السيبراني العربي -الإسلامي لتوجيه هجمات سيبرانية وإلكترونية للكيان وحلفاءه..كما ان هناك علماء كبار من كل أرجاء العالم العربي و الإسلامي يشتغلون في كبريات المختبرات العلمية العالمية و مراكز الأبحات المتصلة بالذرة و النانو تكنولوجي والبيولوجيا الحيوية وغيرها من التخصصات الدقيقة ..
-
خط بارليف المتطور:
بل إن أطروحة التفوق التكنولوجي مردود عليها بدليل الاختراق الذي حصل يوم 7 أكتوبر 2023 ، فغالبا ما حاولت البروباغندا الصهيونية تصوير الحاجز و الحائط الإلكتروني الذي يفصل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة بانه أقوى من خط برليف ..
و للعلم فإن خط برليف هو نظام دفاع عسكري ثابت، يتكون من سلسلة من التحصينات العسكرية المنيعة، تدعمها عوائق طبيعية، شيده الاحتلال الإسرائيلي على امتداد الساحل الشرقي لقناة السويس عام 1969، بهدف البقاء الدائم في سيناء، والحيلولة دون استعادتها من قبل القوات المصرية.
و قد وُصف في حينه، بأنه أقوى خط دفاع عسكري حينها، ومع ذلك تمكن الجيش المصري من اختراق دفاعاته وتحطيم حصونه خلال بضع ساعات أثناء حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، بقيادة و تخطيط رئيس الأركان سعد الدين الشاذلي رحمه الله ..وسجل بذلك أول نصر عربي على إسرائيل، تهاوت معه أسطورة “الجيش الذي لا يقهر”.
فسياج غزة أقوى و أكثر تقدما من خط برليف فهذا السياج الأمني الإلكتروني ، يرصد ذبيب النمل و قادر على رصد أي حركة مهما كانت دقيقة ، لكن شاءت قدرة رب العالمين ، ثم تخطيط و عزيمة المقاومين بعد ذلك، أن نرى كيف تم إختراق هذا الحاجز في دقائق برا و بحرا و جوا..
و حدث تفجير البيجرات و اغتيال القيادات لا يصل إلى معشار ما حصل يوم 7 أكتوبر 2023 ، فهذه الهجمة شلت أدمغة الصهاينة و أفزعت أفئدتهم كبارا و صغارا، و لازال تأثيرها ساري المفعول بديلي خشيتهم من تكرار ذات السيناريو بشمل فلسطين المحتلة من خلال المقاومة الإسلامية في لبنان و من غزة أيضا ..و حتى لا أطيل على القارئ الكريم فإني سأرحل ما تبقى من نقاش للمقال الموالي ن و في الختام كل عام و المقاومة و أحرار الأمة بخير و مبارك ذكرى طوفانكم العظيم.. و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..
كاتب وأستاذ جامعي مغربي
انسخ الرابط :
Copied