موقع المغرب العربي الإخباري :
يقول الحاخام اليهودي إلياهو مالي: “لا ينبغي ترك أحد على قيد الحياة، ولا حتى النساء والأطفال.. لا يوجد كائنات بريئة!”. ويتابع: “إن النساء هن من يصنعن الإرهابيين”.
يعتقد الحاخام مالي أن المبدأ الذي ينبغي تطبيقه في الحرب الأمريكية الإسرائيلية على قطاع غزة هو “عدم ترك أحد على قيد الحياة”، وذلك “لأنهم سيحاولون قتلك”. وينطبق هذا أيضًا على الأطفال، وذلك لأن “الطفل اليوم هو محارب غدًا”.
وأجرت شبكة “آر تي” الروسية الحكومية، مؤخرًا مقابلة مع الناشط جوناثان بولاك، والذي يعتقد أن الآراء التي عبر عنها الحاخام إلياهو مالي هي “السائدة في إسرائيل”. ويقول أن “الجمهور الإسرائيلي يدعم الإبادة الجماعية المستمرة بحق الفلسطينيين، ولا يمكن تسميتها بأي شيء آخر”.
ويتابع بولاك أن “تعيش كفلسطيني في إسرائيل يعني أن تكون مواطنًا من الدرجة الثانية، وأن تتعرض باستمرار للاستعباد”.
وبحسب بولاك فأن اليهود في فلسطين المحتلة ينظرون إلى الفلسطينيين على أنهم “ليسوا بشرًا”.
يرتكب الجيش الإسرائيلي المدعوم عسكريًا وإقتصاديًا وتكنولوجيًا من أمريكا الشمالية جرائم وحشية في قطاع غزة، وكان آخرها وليس بآخر “مجزرة” ما يُعرف بمجزرة دوار الكويت، والتي راح ضحيتها 20 فلسطينيًا وإصابة 161 آخرين كانوا ضمن آلاف الفلسطينيين المتجمعين قرب منطقة دوار الكويت جنوب شرقي مدينة غزة بانتظار المساعدات الغذائية القادمة من جنوب القطاع. والمتهم الرئيسي في هذه الجريمة الجيش الإسرائيلي وخاصة المدارس الدينية اليهودية التي تقف خلفه، والمنتشرة في المستوطنات وامتداداتها عبر بلدات ومدن الخط الأخضر.
ومن أجل التدقيق في خلفية هذه الجرائم الشنيعة، وأسسها الفكرية والدينية والسياسية، والتي يتبناها ويبشر بها عدد كبير جدًا من المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلا عن عدد متزايد من أفراد الجيش الإسرائيلي واليهود داخل الخط الأخضر، فمن الضروري قراءة “توراة الملك”، وهو كتاب ألفه الحاخامين يتسحاق شابيرا ويوسيف اليتسيور، واللذان يديران في مستوطنة يتسهار في الضفة الغربية مدرسة دينية تدعى “مازال يوسف حيا”.
يسرد الكتاب مجموعة من الأفكار المتطرفة والعنصرية والمعادية للإنسانية، ويُصنف البشر إلى مراتب متعددة. يحتل اليهود في الكِتاب أعلى مرتبة، ولا يقاس اليهودي بأي إنسان آخر، فاليهود هم البشر الحقيقيين الوحيدين، بينما يرى أن “الأغيار” أقل مرتبة واقرب إلى مكانة الحيوانات. ولذلك، يدعم الكتاب اتخاذ الدولة اليهودية مواقف تمييزية تجاه الأمم الأخرى في أحسن الأحوال، أو السماح بقتلهم ولاسيما في أوقات الحرب.
يتناول المؤلفان بإسهاب قضية تهيمن على الكتاب بأكمله، وهي متى يُسمح لليهود بقتل الأغيار “مصطلح يطلقه اليهود على غير اليهود”؟ ومتى يجب على اليهود قتلهم؟
يوضح الحاخام الأمريكي الإسرائيلي يتسحاق غينزبرغ، وهو شخصية دينية محترمة بين اليهود المتدينين في الكيان الصهيوني، أن “الأغيار” هنا هم في الأساس العرب الفلسطينيين، ويقول في مقدمة توراة الملك أن القضايا التي يتناولها الكتاب “ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوضع، في أرض إسرائيل التي يجب أن نستعيدها من أعدائنا”. ويتابع إن “الكتاب يخدم تحقيق هذا الهدف، ويعزز الروح المعنوية للشعب الإسرائيلي وجيشه، ويشرح النظرة الشاملة العميقة للتوراة والقانون اليهودي بشأن القضايا العالقة ذات الصلة”.
ويقول المؤلفان: “في الحرب على مصير أرض إسرائيل، ينبغي قتل الأغيار”، مضيفين أن “الأغيار، والذين يطالبون بهذه الأرض لأنفسهم، يسرقونها منا، لكنها إرث الأجداد”.
يمثل هذا الكتاب دليلاً للحائرين والمترددين والذين يبحثون عن فتوى دينية يهودية حول التوقيت الزمني لجواز قتل العرب الفلسطينيين، ومتى يجب أن يتم ذلك وفقاً للشريعة اليهودية. وزيادة على ذلك، يُقدم الكتاب دعمًا معنويًا ودينيًا للعديد من المستوطنيين وأفراد الجيش الإسرائيلي الذين يقتنعون بمحتواه قبل قراءته.
يدعم الكتاب قتل غير اليهود بنصوص من الشريعة اليهودية، والكثير من الاقتباسات لكبار حاخامات اليهود بأعمارهم المختلفة، وبذلك يضفي الكتاب هالة دينية كبيرة تؤثر على الكثير من اليهود ولاسيما المتدينين.
لا يستشهد الكتاب بالتوراة المكتوبة إلا قليلًا، فقد استند المؤلفان على التوراة الشفهية “مشناه توراه”، وعلى التفسيرات الحاخامية في التلمود البابلي، وهما من أهم المصادر في الشريعة اليهودية، إلا أن الكتاب يستعرض ويستشهد بالنصوص اليهودية الأكثر تطرفًا والتفسيرات والآراء القانونية التي تسمح أو تفضل أو تدعو أو تأمر بقتل “الأغيار”، متجاهلين الجانب الإنساني تمامًا، وهذا ما يجعل الكتاب أكثر خطورة، وذلك لأنه يحرض صراحة إلى إبادة العرب الفلسطينيين.
نُشر الكِتاب في العام 2009 من قبل المعهد الكتابي في مدرسة “مازال يوسف حيا”، ويتألف من نحو 310 صفحة، من مقدمة وستة فصول وملخص.
يزعم المؤلفان في الفصل الأول أن الالتزام الكتابي “لا تقتل” يحظر فقط قتل اليهودي على يد يهودي، إلا أنه لا ينطبق على الإطلاق على اليهودي الذي يقتل واحدًا أو أكثر من الأغيار. ويشير الكتاب إلى أنه في كثير من الحالات يحق لليهودي قتل الأغيار، وفي كثير من الحالات الأخرى يجب على اليهودي قتل الأغيار.
ويزعم المؤلفان في الفصل الثاني على أن غير اليهودي الذي يخالف إحدى الشرائع المفروضة على أبناء نوح “يجب قتله”. ولا تتطلب تنفيذ جريمة القتل هذه وجود محكمة أو شهود إثبات، ويكفي فقط أن يرى اليهودي أو يعلم أن غير اليهودي يخالف أحد القوانين السبعة فيقتله!
ويقارن المؤلفان في الفصلين الثالث والرابع بين اليهود وغير اليهود، مع التركيز على مدى التزام كل جانب بمعتقداته وموقفه من القتل. ويخلص المؤلفان إلى أن اليهود يتمتعون بحرية قتل غير اليهود أكثر من قدرة غير اليهود على قتل غيرهم من الأمم.
وفي الفصل الخامس، وتحت عنوان “قتل غير اليهود في الحرب”، يزعم المؤلفان أنه ليس فقط المقاتلون الذين يشاركون في الحرب ضد الكيان الصهيوني هم الذين يجب قتلهم، ولكن أي مواطن في المنطقة أو في دولة معادية، يشجع المقاتلين أو يعرب عن رضاه عن أفعالهم، فيجب قتله أيضًا.
ويضيف المؤلفان أن مواطني المنطقة أو الدولة المعادية، والذين لا يشجعون دولتهم على ارتكاب أعمال حرب ضد الكيان الصهيوني، بالمقدور أيضًا قتلهم، زاعمين أن الشريعة اليهودية تشكك في أنهم لا يريدون في وقت السلم سفك دماء اليهود. ويتزايد هذا الشك إلى حد الدعوة بقتل المدنيين الأبرياء من الأغيار، والذين لا يشاركون على الإطلاق في الحرب.
ويقدم المؤلفان أسبابًا أخرى للسماح بقتل المدنيين الأبرياء وهي “إن جزءًا كبيرًا من الحقد والشر الموجود داخل هؤلاء الأغيار المدنيين ينبع من انتهاكهم للقوانين السبعة”، ولذلك “فإننا ننفذ الحكم ونقتلهم لمخالفتهم القوانين السبعة”، ولهذا “حكم حكماؤنا الكبار بأن أفضل الأمم في زمن الحرب هم الموتى”، أي أنه لا مجال لإصلاح غير اليهود، وذلك “لشدة خطورتهم وخبثهم”.
أما الأطفال منذ الولادة وحتى المراهقة، والذين بالطبع لا يخالفون القوانين السبعة لعدم إدراكهم أو سماعهم عنها، فبالمقدور قتلهم أيضًا، وذلك لأنهم “الخطر المستقبلي، يعيشون ويكبرون ويصبحون بالتالي أشرارًا مثل آبائهم”. ولذلك “يجب قتل الظالمين، حتى لو أدى ذلك إلى قتل الأطفال والمدنيين”.
وفي الفصل السادس، يؤكد المؤلفان على حق الكيان الصهيوني في استهداف وقتل مواطني الدولة المعادية، بغض النظر عن أعمارهم وعددهم، حتى لو كانوا قدْ ولدوا للتو أو كانوا مسنين أو على حافة الموت، سواء كانوا ذكورا أو إناثا، شاركوا في القتال أم لا، يحق للكيان الصهيوني استهدافهم وقتلهم جميعا. وجهة نظرهم مبنية على الشريعة اليهودية والتفسيرات الحاخامية على مر العصور!
وأضفى المؤلفان هالة من التبجيل على الانتقام في الفصل السادس، مؤكدين على وجوب الانتقام من الفلسطينيين، فالانتقام ضرورة تجعل قتل الأشرار أمراً لا بد منه، إنها حاجة أساسية للهزيمة والفوز، ولذلك فمن الممكن تأخير دفن موتى الأغيار من أجل الانتقام.
ويضيف المؤلفان: “لا يجب استبعاد أحد عندما تنتقم إسرائيل. جميع الفلسطينيين معرضون للانتقام. وفي مواجهة الانتقام، لا أحد بريء، سواء كانوا كبارًا أو صغارًا أو أطفالًا أو رجالًا أو نساءًا، وبغض النظر عن صحتهم… يجب الانتقام من الأطفال والكبار، الرجال والنساء، مهما كانت حالتهم”.
ولتأكيد تبرير قتل الأطفال، وخاصة الرضع الذين ولدوا للتو، يقول المؤلفان إن “بني إسرائيل قتلوا أطفال مدين الصغار”، وهو مكان جغرافي يعتقد أنه يقع في السعودية في الزمن الماضي.
إن قتل الأطفال بشكل جماعي ليس المقصود منه فقط خلق توازن الرعب، لأن هؤلاء الأطفال ينتمون إلى الأشرار، بل “لوجود حاجة داخلية للانتقام”، وقتل الأطفال، وخاصة الصغار منهم، يستجيب لهذه الحاجة. وفي تعداد أسباب قتل الأطفال الفلسطينيين، يقول المؤلفان “إنه من الممكن التعامل مع ضرورة قتل الأطفال الفلسطينيين على أساس أن القدر اختارهم ليُقتلوا من أجلهم”.
وبناء على ذلك، يمكن الاستنتاج أن توراة الملك تبرر قتل الجيش الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا لمئات المدنيين الفلسطينيين الأبرياء إذا صادف وجودهم، طوعا أو قسرا، وفي أي مكان يتواجد فيه الفلسطيني فهو مطلوب، ومباح سفك دمه دون تهمة أو محاكمة، فالانتقام ليس ضروريًا للأحياء اليهود فحسب، بل لأمواتهم أيضًا.
انسخ الرابط :
Copied