مهما تحدثنا عن آثار الوحدة الإسلامية في مواجهة أعداء الإسلام والإنسانية، فإن هناك نتائج أكثر وأعظم من التي نراها أو نستنتجها في أي عمل اجتماعي أو سياسي، فريضة الحج التي أمر الله تعالى عباده أن يؤدوها في كل سنة، لها أبعاد اجتماعية واقتصادية ودينية، فلقاء هذه الأعداد الكبيرة من جميع أنحاء العالم، هو لقاء مبارك يهدف إلى طاعة الخالق وعبادته.
إن تجسيد الوحدة الإسلامية يكمن في عدة مسائل مهمة، منها وحدة الصف والكلمة، وهذا يكون بين جميع المذاهب الإسلامية، وأيضاً إزالة العقبات وكل ما يعكر صفوة المسلمين ووحدتهم، وهناك الكثير من المقومات التي تخدم وحدة المسلمين وتزيدهم قوة لتحطيم حصون العدو ومكائده.
على الحجاج أن يجسدوا بسلوكهم الأبعاد والتكاليف الفردية والمعنوية والاجتماعية والسياسية لفريضة الحج العظيمة والفاخرة، لأن الحج المقبول والكامل هو بمثابة عين جارية ينهل منها الامة الاسلامية والمجتمع البشري، فمن قصد هذا المكان العظيم عليه أن ينزع من فكره كل الشبهات حول إخوانه في كل المذاهب الإسلامية، وعليه حلّ العقد الذهنیة السیاسیة لدی الحجاج.
وما نراه في بعض بلاد المسلمين في الوطن العربي دليل على وجود تلك العقد الذهنية، فما رأيناه ونراه الآن في سوريا يؤكد أن جبهة الاستکبار تعتزم القضاء علی حلقة الوصل فی سلسلة المقاومة فی المنطقة، هذه السلسلة المجاورة للکیان الصهیوني الغاصب، الذي يسعى لاغتصاب حقوق المسلمين واحتلال أراضيهم.
وأيضا ما نراه في فلسطين الجريحة بشكل يومي من انتهاك لحقوق الإنسان والمسلمين، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى والقدس، إن دعم دول الاستكبار للتنظيمات الإرهابية في الدول العربية إنما كان لتقوية الصهاينة في فلسطين، فما جرى في سوريا واليمن وتونس وليبيا، وغيره من الدول العربية والإسلامية من أحداث دموية إنما هو من تنفيذ أيادي الكيان الصهيوني، لضرب وحدة المسلمين وكلمتهم، فبعد كل ما تفعله تلك الغدة السرطانية في الأمة العربية والإسلامية، تأتي فريضة الحج المباركة لتبرهن للعالم آثار هذه النعمة العظيمة من قبل الله عز وجل، عبر وحدة المسلمين وتآلفهم وتكاتفهم لنصرة إخوانهم المظلومين.
ان تقوية التيارات المنحرفة والمتطرفة لدى جميع المذاهب الإسلامية، تعد من الأساليب التي يتبعها أعداء الأمة الاسلامية لبث الفرقة والخلافات، فعلى الشعوب والدول الاسلامية أن تدرك الحاجة الماسة للعالم الاسلامي إلى التفاهم والتضامن والتعاون من خلال تحليها باليقظة وان تلتزم بضرورات الوحدة وتفي بها.
إن الصهيونية باعتبارها حزب سياسي يتبرأ منه اليهود ويكرهونه تحتل منذ أكثر من ستين عاماً الأراضي الإسلامية الفلسطينية وقبلة المسلمين الأولى وترتكب كل يوم جريمة ولكن غالبية الدول الإسلامية لا تحرك ساكناً حيال نداءات الاغاثة التي يطلقها المسلمون الفلسطينيون، في حين أن بامكان حركة الحج العظيمة أن تكون مؤثرة في البحث عن جذور هذا الانفعال والاختلاف وتوطئة الأرضية لتضامن المسلمين مع الشعب الفلسطيني وكل الشعوب المظلومة في العالم.