موقع المغرب العربي الإخباري :
يبدو أنّ رئيسَ وزراءِ العدوِّ الصهيونيِّ بنيامين نتنياهو مصمّمٌ على قيادةِ التغيير في المنطقة والعالم حتى وإنْ بدا للكثيرِ أنّهُ يقوم وحدَهُ في تنفيذ هذا المشروع، لا بل إنّ نتنياهو لم يكن قادراً على الاحتفاظِ بهذا ( السّرّ الاستراتيجيّ) الكبير والخطير على المنطقة والعالم، لولا دعمُ الإدارة الأمريكية، وسكوتُ معظم الدول الغربية والعربية والإسلامية وهي تقدّمُ له الدعمَ اللازمَ لتنفيذ مشروعه الاستعماري البغيض، والحقيقة إن رئيسَ وزراءِ العدوِّ أرادَ وضعَ قادةِ العرب، وجها لوجه، ودون حياء أمام مشروعه، عندما قام برفع خريطتين اثنتين خلال كلمته التي ألقاها في أواخر أيلول الماضي 2024 في الأمم المتحدة، واصفا الخريطة التي حملها جهة قلبه أنها تمثّل ” النعيم” للمنطقة والعالم، وهي الخريطة التي تُظهِرُ الممرَّ الهنديَّ بين الهند والشرق الأوسط وأوربا، والذي يمرّ في فلسطين المحتلة، وهو الممرُّ الذي تمّ الإعلان عنه في قمّة مجموعة العشرين في نيودلهي أيلول 2023، أي قبل عام كامل تقريبًا من اليوم الذي ألقى فيه نتنياهو كلمتَهُ ( الخرائطيَّةَ) في الأمم المتحدة.
وبعد عام تقريبا من بدء خطته العملية في تنفيذ الجزء المطلوب منه المتعلّق بالممرّ الهندي، ولأنه كان حريصًا جدّاً على تطبيق الخطة العملية في هذا المشروع، فقد قام بتوسيع نطاق حربه على فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن وإيران، مستفيداً من شبكات العملاء الكبيرة التي يديرُها داخلَ عددٍ من هذه الدول وغيرها من دول العالم، وهي الدول التي من شأنها أن تأتي ب”اللعنة” على العالم إن بقيت على ما هي عليه، ولم يتردّد نتنياهو لحظةً في إهانة الأمم المتحدة وشتم أعضائها على منبرها عندما وصفها بأنها “مستنقع لمعاداة السامية”، علما أنّ معظم المنظمات الدولية تقف إلى جانب نتنياهو، سرا أو علنا، سواء في حرب الإبادة التي يشنّها على الشعب الفلسطيني، أو من خلال العدوان المستمرِّ الذي يشنُّهُ على لبنان وسورية واليمن وغيرها، بعد أن انتقلَ في حربه من سياسة المناوشات والردود إلى سياسة الحرب الشاملة المفتوحة، بعد أن أقدم على اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وعدد كبير من قادة الصّفّ الأوّل في الحزب من عسكريين ومدنيين، وهو العارف بأبعاد هذا الاغتيال البشعِ وتأثيره على المنطقة والعالم، والمدرك في الوقت نفسه حاجته المتوحّشةَ لممارسة إجرامه على قوى المقاومة والإسناد قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية الأولى لمعركة طوفان الأقصى، إيمانًا منه بضرورة التخلّص من أصحاب الرؤوس المدبّرة والصقور الحامية في جبهة الرفض المقاومة لتحقيق المشروع الصهيوني، وهو (النصر) الذي أراده استكمالا لعدوانه على الأراضي السورية بعد فشله في القضاء على دولتها الوطنية من خلال أدواته التكفيرية.
ولهذا فلا غرابة أن تصف صحيفة ” نيويورك تايمز” الأمريكية العملية الخاصة التي نفذها الكيان الصهيوني ضد مركز البحوث العلمية في مصياف يوم 8 أيلول 2024 بأنها ” الطلقة الأولى” للحملة الإسرائيلية ضد حزب الله اللبناني، وهي العملية التي خطط لها منذ سنوات، قبل أن يبدأ العدو خطواته العملية لتدميرها تدميرا شاملا بعد إعلان وزير الدفاع الصهيوني وقتها ” بيني غانتس” في عام 2022 أن “مركز البحوث العلمية في مصياف يستخدم لإنتاج صواريخ متطوّرة، مؤكدا أن إيران استخدمت أكثر من عشر منشآت عسكرية في سورية لإنتاج صواريخَ وأسلحةٍ متطورة لوكلائها، وأن هذه المنشآت باتت جبهةً إيرانيّة أخرى”، وهو ما يعني أن ثمة كثيراً من الأهداف السورية الموضوعة في قائمة الاستهداف الصهيوني وبنك أهدافه المستقبلية خاصة مع حرص رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو على تنفيذ مشروعه كاملا في ظل الدعم الغربي المطلق له، والشلل أو الغطاء العربي والإسلامي في معظم الدول، وهي الأيام التي وصفها نتنياهو ب”العظيمة وبأنها نقطة تحول تاريخية”، وهو ما يؤكده زعماءُ الولايات المتحدة الأمريكية وقادتُها الذين يقدّمون الدعم المطلق لتنفيذه، لا بل إنهم يدعمون أي عملية إبادة لكل من يقف في مواجهة المشروع الصهيوني، ولعل كلام ” جاريد كوشنر” صهر الرئيس الأمريكي السابق ” دونالد ترامب” وكبير مستشاريه لشؤون الشرق الأوسط كان واضحا لا لبس فيه عقب استشهاد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله 27 أيلول 2024، إذ عدَّ هذا اليومَ هو الأكثر أهمية في الشرق الأوسط منذ توقيع اتفاقيات “أبراهام”، وحسب رؤيته، فإن إيران الآن أصبحت مكشوفة تماما، وأن السبب في عدم تدمير منشآتها النووية، على الرغم من ضعف أنظمة دفاعها الجوي، هو أن حزب الله كان بندقيةَ غضبٍ موجّهةً نحو “إسرائيل”، بعد أن أمضت إيران السنوات الأربعين الماضية في بنائه قوّةَ ردع لها، مؤكّدًا أن إيران عالقة في ما وصفه الشرق الأوسط القديم، بينما يعمل نتنياهو على ” رفع مستويات الأمن والرخاء الإقليميين للمسيحيين والمسلمين ولليهود على حدٍّ سواء”.
إزاء هذه الحربِ المجنونةِ والاندفاع اللامسبوق لرئيس وزراء العدو الصهيوني في ارتكاب مزيد من المجازر والاغتيالات، يبقى السؤال مفتوحا والصوت عاليا:
ما الذي ستفعله دول محور المقاومة والتنظيمات المقاومة في الأيام القادمة؟
وهو سؤال غدا أكثرَ إلحاحًا مع التدهور الدراماتيكي الكبير في المنطقة، ومع التأكيدات الكبيرة، والمدعومة بالأدلة من الأصدقاء قبل الأعداء، والتي لم يكن آخرها ما نشره الكاتبُ الروسي ” ديمتري نيفيدوف” في تقرير ضمن موقع ” المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات”، بأن الهدف التالي، بعد لبنان، للقادة الصهاينة لتحقيق حلم ” إسرائيل الكبرى” سيكون سورية، لاسيما وأن التصرفاتِ العدوانيّةَ لنتنياهو بدأت تتحوّلُ تدريجيّاً تجاه الحدود مع سورية، وهو ما يتقاطع مع رغبة الصقور الصهاينة بالاستيلاء على الجنوب اللبناني لرغبتهم في خلق تهديد أكبرَ لدمشقَ ليس من الجنوب والشرق فحسب وإنما من الغرب والجنوب الغربي أيضا.
كاتب سوري
انسخ الرابط :
Copied