توجه مع بداية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أكثر من 3 ملايين و700 ألف طالب سوري من مختلف المراحل التعليمية إلى مدارسهم في سوريا، والتي بلغ عددها 14505 في كافة المحافظات.
وطلبت وزارة التربية والتعليم من مديري المدارس عدم التشدد في الزي المدرسي بشرط أن يكون مناسبا، والتقليل من القرطاسية اللازمة للطلاب والاكتفاء بما هو ضروري قدر الإمكان.
وقامت منظمات خيرية ومبادرات أهلية ومجتمعية بتوفير الحقائب المدرسية والزي المدرسي والقرطاسية والكتب لتخفيف العبء عن الأسر المحتاجة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن الحصار الأمريكي المفروض على البلاد.
الحقيبة المدرسية؛ حلم الاطفال السوريين
وقالت نهى، وهي معلمة في إحدى المدارس الثانوية بدمشق: “لقد دفعت راتبي بالكامل”.
اشترت السيدة الأربعينية مستلزمات ابنتها المدرسية، بما في ذلك حقيبة مدرسية وقرطاسية، من سوق الخاجة الشعبي.
وقالت: “لقد أصبح قدوم العام الدراسي مناسبة صعبة على العائلات، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع تكاليف الدراسة إلى مستويات غير مسبوقة، اقترضت بعض المال من صديقتي، في انتظار تحويل الأموال من والدي”. أخي المغترب في ألمانيا.”
ويحتاج كل طالب في سوريا إلى أكثر من 500 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 31 دولاراً تقريباً، لشراء مستلزمات مدرسية، في وقت يصل راتب الموظف الحكومي إلى ما يعادل 15 دولاراً فقط.
هذا العام، لم تتمكن نهى من شراء زي مدرسي جديد لابنتها.
بل لجأت إلى إحدى مجموعات الملابس المستعملة على فيسبوك من أجل الحصول على قطع ربما لا تزال بحالة جيدة. واختتمت حديثها قائلة: “نحن نعرف مشاعر أطفالنا ورغباتهم. كنا أطفالاً أيضاً وكنا مفتونين بالملابس الجديدة والحقائب المدرسية والأقلام الملونة.. ولكن ماذا يمكننا أن نفعل في مثل هذا الموقف؟! أبسط الأشياء”. أصبحت أحلامنا.”
ارتفاع نسبة الأطفال السوريين المتسربين من المدارس
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن أكثر من 10 آلاف مدرسة تضررت جراء الحرب، نصفها مدمر بالكامل، وهو ما يشكل نحو 42% من إجمالي عدد المدارس قبل عام 2011.
ورغم أن الحكومة السورية تمكنت خلال الفترة التي أعقبت استقرار الوضع الأمني في العديد من المناطق، من إعادة تأهيل وإصلاح العديد من المدارس، والتي وصل عددها في عام 2018 إلى نحو 7372 مدرسة، إلا أن صعوبة عودة العديد من النازحين إلى محافظتهم ورغبة الآخرين في البقاء في المناطق التي نزحوا إليها لأسباب اقتصادية تشكل ضغطاً مستمراً على الهياكل المدرسية في المناطق التي حافظت على استقرارها طوال سنوات الأزمة.
وبحسب بيان لوزارة التربية، فإن الزلزال الذي ضرب سوريا في السادس من شباط/فبراير الماضي، أدى إلى مقتل 37 معلماً وتضرر 5595 مدرسة.
ويواجه القطاع التعليمي في سوريا مشكلة كبيرة، وهي زيادة أعداد الأطفال المتسربين من المدارس، حيث وصلت النسبة العام الماضي رسمياً إلى أكثر من 22% – بزيادة نحو 50% عن العام السابق – في حين أن منظمة اليونيسف ويقدر عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في سوريا بأكثر من 2.4 مليون طفل، 40% منهم من الفتيات. وأضافت المنظمة في بيان لها: “أما بالنسبة للأطفال القادرين على الالتحاق بالمدرسة، فإنهم غالبا ما يتعلمون في فصول دراسية مكتظة وفي مبان لا تتوفر فيها مرافق كافية من المياه والصرف الصحي والكهرباء والتدفئة والتهوية”.
يُشار إلى أن التعليم مجاني في المدارس الحكومية السورية، ويلزم قانون التعليم الإلزامي المطبق في سوريا منذ الثمانينات، كل والد لكل طفل من الروضة حتى الصف الثاني عشر بتعليم أبنائه. وعدم القيام بذلك يعرض الوالدين للسجن أو العقوبة.
تختلف المناهج الدراسية باختلاف الميليشيات المسيطرة
كما تواجه سوريا مشكلة تعدد المناهج الدراسية، إذ تختلف باختلاف الميليشيات المهيمنة، التي تسعى كل منها إلى برمجة أفكار وقناعات الأطفال وفق أجندتها الخاصة.
على سبيل المثال، في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، تم اعتماد منهج دراسي. فهو يؤجج النزعة القومية والصراع الطائفي في المجتمع ويعبث بثقافة المنطقة وتاريخها.
وفرضت مناهج تعليمية باللغة الكردية تتوافق مع رؤيتها السياسية التي تمجّد رموز الشعب الكردي التنظيمات الكردية، تروي قصص بعض مقاتليها، وتقدمهم شهداء وأبطال.
وتم إلغاء مادة التربية الوطنية واستبدال وفرض مادة أخرى تسمى “الأمة الديمقراطية” والتي تتضمن مجموعة أفكار لعبد الله أوجلان.
تم تغيير مادة التاريخ بشكل كامل، حيث أصبحت تتضمن دروساً عن تاريخ الأكراد والآشوريين في المنطقة، دون ذكر التاريخ الأموي والعباسي. كما تم إلغاء مادة التربية الإسلامية، وتم إنشاء مادة “الثقافة والأخلاق” والتي تضمنت أبحاث تمجد الطبيعة وأبحاث أخرى عن الديانات الوثنية القديمة.
أما موضوع الجغرافيا فيشمل خرائط ما يسمى كردستان، والتي شملت شمال سوريا من المالكية إلى البحر الأبيض المتوسط غرباً، وجنوب وشرق تركيا، وشمال العراق، وغرب إيران.
هذه المناهج غير معترف بها أو معتمدة، مما يمنع طلاب المنطقة من الالتحاق بالجامعات السورية أو جامعات دول أخرى، وجعل العديد من السكان المحليين يختارون النزوح الداخلي إلى مناطق الدولة السورية أو المناطق التي يتم تدريس مناهج اليونيسف فيها كحل لمشكلة اللاجئين. مشكلة أطفالهم.
وفي مناطق سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، تمت طباعة المناهج التعليمية باللغة التركية.
وأصبح النظام التعليمي في شمال غربي سوريا، منذ عام 2016، تابعًا للمؤسسات التعليمية التركية.
وتسمى المدارس بأسماء قتلى من الجيش التركي، ويتم تدريس مادة خاصة عن “تاريخ الثورة السورية” من وجهة النظر التركية.
كما يضطر الطلاب إلى تعلم اللغة التركية كجزء من سياسة التتريك في هذه المنطقة.
أما المعلمون السوريون، فإن الشرط الأساسي لتجديد عقودهم هو إجادتهم اللغة التركية أيضًا.
الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع المغرب العربي الإخباري بل تعبر عن رأي كاتبها حصرياً.
سوريا
الاحتلال الأمريكي لسوريا
زلزال سوريا
العقوبات على سوريا
الحرب على سوريا
المدارس في سوريا