الترويج لخطاب “الحرب في النيجر قضية إقليمية لا علاقة للغرب بها” تسعى بعض وسائل الإعلام الغربية في الآونة الأخيرة إلى ترويج رواية مفادها أن الحرب المحتملة ضد النيجر التي تهدد بها بعض الدول الإفريقية المجاورة هي نزاع إقليمي لا علاقة للدول الغربية به. ويأتي هذا الخطاب تبريرا لعدم تورط الغرب مباشرة في هذه الأحداث.
لكن الحقائق تظهر بوضوح تورط فرنسا وأمريكا وبريطانيا بشكل مباشر في إثارة هذا الصراع من خلال دعمهم لبعض الأطراف.
فقد عثر على أسلحة غربية لدى المجموعات المسلحة، وهناك دلائل على تدريب مقاتلين في هذه الدول. بالإضافة إلى المصالح الاقتصادية والسياسية للغرب في المنطقة.
ومجموعة إيكواس التي تهدد بالحرب هي أداة يستخدمها الغرب للتأثير. لذا فهذه الرواية الإعلامية محاولة للتمويه عن أهداف السياسات الخبيثة للدول الغربية في المنطقة.
من الواضح أن هذه الحملة الإعلامية تسعى لتبرير التدخلات الغربية غير المباشرة في شؤون الدول الأفريقية.
فبدلاً من اعترافها بدعمها لأطراف معينة تخدم مصالحها القومية، تتهم أصابعها نحو الدول المجاورة وتصور النزاع على أنه مجرد خلاف إقليمي. هذا التوجه يعكس ازدراء الغرب لسيادة الدول الأفريقية ويضعها في مواجهة بعضها البعض لتحقيق أغراضه الجيواستراتيجية. ويحاول تبرير سياسة التدخلات غير المباشرة التي تؤدي في النهاية لإضعاف أفريقيا وتشتيت طاقاتها. هناك العديد من الأمثلة السابقة على التدخلات غير المباشرة للدول الغربية في شؤون الدول الأفريقية:
• فرنسا اتهمت بدعم مسلح لميليشيات انفصالية في شمال مالي مثل “تواريغ” من أجل السيطرة على مناجم اليورانيوم.
• الولايات المتحدة اتهمت بتسليح وتدريب “حركة العدل والمساواة” الموريتانية لتقويض الحكومة.
• بريطانيا وأمريكا وفرنسا دعمن ميليشيات متمردة في ليبيا أثناء ثورة 2011 لإسقاط نظام القذافي.
• تقارير عن تدخل إسرائيلي غير مباشر في الصراع السوداني من خلال تسليح ميليشيات دارفور.
• اتهامات بتأجيج النزاع في شرق الكونغو من قبل رواندا وأوغندا للسيطرة على معادن نادرة.
هذه أمثلة من بين العديد على كيفية استخدام الدول الغربية للتدخلات غير المباشرة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في إفريقيا. هناك عدد من التدخلات غير المباشرة الحالية للدول الغربية في شؤون دول أفريقية:
• فرنسا متهمة بدعم مجموعات متمردة في منطقة الساحل في شمال غرب أفريقيا وتشويه صورة حكوماتها.
• تقارير عن تدريب القوات الأمريكية لمجموعات متمردة في شمال موزمبيق للسيطرة على موارد الغاز.
• اتهامات بتسليح إسرائيل لميليشيات في جنوب السودان لزعزعة استقراره.
• دعم الغرب لمجموعات متمردة في ليبيا يضعف سيادة الدولة.
• تقارير عن تدخل غربي غير مباشر في النزاع القائم في شمال مالي ينبغي على الرأي العام الدولي رفض هذا الخطاب المزيف ومحاسبة الدول الغربية على تورطها في تلك الأزمات.
كما يجب على الاتحاد الأفريقي ومنظمة الدول المستوردة للنفط دعم النيجر وحماية سيادتها أمام هذه الممارسات الاستعمارية الجديدة.
تهدف هذه التدخلات غير المباشرة إلى تحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية في النيجر والدول المحيطة بها على حساب سيادتها.
ما يعكس النيات الاستعمارية لهذه القوى.
فإن تصوير الغرب للنزاع في النيجر على أنه قضية إقليمية هو محاولة لإخفاء دورهم الحقيقي في التأثير على مجريات الأحداث.
فقد تم الكشف عن أدلة الدعم اللوجستي والتسليحي الذي قدموه لبعض الفاعلين في المنطقة.
وبالرغم من مرور سنوات على هذه الحوادث إلا أن السياسات الإعلامية والتدخلات غير المشروعة للدول الغربية تجاه أفريقيا ودول المنطقة لم تتغير بشكل جوهري حتى اليوم.