أعداء الإسلام يزدادون كل يوم بسبب التفرقة والتشتت، لا بد من دحر هذه الفتن التي توقع الأمة العربية والإسلامية في أزمات وحروب شرسة، كل شعيرة تجمع المسلمين في مكان واحد تهدف إلى جمع الكلمة وتوحيد الصفوف، وفريضة الحج أحد أهدافها جعل المحبة والألفة بين المسلمين.
وحدة المسلمين تواجه الكيان الصهيوني ومخططاته الاستعمارية، وتواجه مخططات دول الاستكبار العالمي التي تسعى لتشريد الشعوب العربية والإسلامية، إن احتلال فلسطين ضمن سلسلة استعمارية إرهابية امتدت إلى الدول المستضعفة كسوريا واليمن، شعوب عانوا من إرهاب وإجرام إسرائيل ومكائدها، التي تسببت بتهجير الملايين وسفك دماء الأبرياء.
الحج فريضة لغسل الذنوب وتصفية القلوب، ولم شمل المسلمين وإزالة النزعات والخلافات بينهم، فمع اختلاف أعراقهم وأفكارهم يجتمعون لأجل توحيد الله وعبادته.
الحج لبيت الله الحرام، إدامةٌ لذكر الله، وإعلانٌ لطاعته والانقياد له سبحانه، وتعظيم شعائره وشرائعه.. وتتجلى معالم التوحيد في الحج في كل شعيرةٍ من شعائره، وموقف من مواقفه، وعمل من أعماله وذِكرٍ من أذكاره.
جاء النبي الخاتم ليعلن التوحيد ويهدم أركان الشرك.. فقد لبى بالتوحيد «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» وكان بعض الناس يزيد على تلبية رسول اللَّه فلم ينكر عليهم ماداموا على التوحيد، ولكنه التزم هذه التلبية لا يزيد عليها، ففيها توحيد الله عز وجل، ونفيُ الشريك عنه، وإثبات الحمد والنعمة والملك لله وحده لا شريك له. وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يلبي بتلبية رسول اللَّه ويزيد مع هذا «لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل» رواه مسلم.
إن فريضة الحج تأتى على رأس العبادات التي تحقق التوحيد في أسمى معانيه؛ فمظاهر العبودية في مناسك الحج ظاهرة وواضحة، فقد جمع الله عز وجل فيه ألوان العبادات القلبية والقولية والبدنية والمالية.. وأول شيء يبدأ به الحاج في هذه الشعيرة المباركة، أنه يفتتح ويستهل بكلمة التوحيد فهي المقصود الأعظم لهذا الدين فيقول {لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك}.
إن شعار الحجيج التوحيد الخالص المطلق لله؛ حيث يذهب كثير من المسلمين من كل فج عميق لأداء فريضة الحج، حيث يقصدون منبع النور الإلهي ومهبط الوحي المحمدي ومهوى أفئدة المسلمين ومعقد رجاء الموحدين.. يأتون إلى أول بيت وضع للعبادة تلبية لنداء أبو الأنبياء إبراهيم غيه السلام، واستجابة لدعوة العلى العظيم قال تعالى {وإذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتون من فج عميق }.. والناس فى الحج أشبه بالموتى يفارقون أموالهم وأهليهم، متجردين من زينة الحياة الدنيا، ليس لواحد منهم إزار ورداء، لا فرق بين جليل وحقير وصغير وكبير وغنى وفقير.. الكل خاضع لله.
ومن مظاهر التوحيد رفع الأصوات بالتلبية بعد الإحرام ونفى الشرك عنهم وانفراده بالحمد والنعمة والملك والمسلم يستشعر قمة العقيدة التي توحد قلوب العباد والكون حوله يتجاوب معه قال صلى الله عليه وسلم (ما ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هنا وهنا).. وعبارة لبيك لا تصدر إلا لمن يحب ولا يستحق ذلك كمالا وتقديسا إلا الله عز وجل.
لقد أمرنا سبحانه بالطواف ببيته قال تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق}؛ ما يدل على أن الطواف خاص بهذا البيت فلا يجوز الطواف بيت على وجه الأرض غير بيت الله إن كل طواف بكل بيت غير بيت الله باطل وليس عبادة لله عز وجل.