لم يعُدْ اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأمريكية قادرًا على إسكات أصوات الغضب الرافضة لممارساته الدموية وجرائم الإبادة التي لا تنقطع أخبارها على المنصات الإعلامية الدولية، لترسم صورة لا تنقل سوى جزء ضئيل من حجم المعاناة التي يتكبدها الفلسطينيون بصفة يومية تحت وطأة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
الولايات المتحدة الأمريكية، التي عُرِفت بتعاطفها السياسي مع إسرائيل، رسميًا وشعبيًا، باتت أصوات الناخبين فيها تنطق بحقيقة واضحة، تتمثل في أن الاحتلال يرتكب “إبادة جماعية” في غزة.
وحسب استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك، وأبرز نتائجه موقع “JNS” المعني بالشأن اليهودي في الولايات المتحدة، يرى 50% من الناخبين الأمريكيين أن ممارسات إسرائيل داخل القطاع تندرج تحت وصف “الإبادة الجماعية”، بينما عارض ذلك 35% من المشاركين في الاستطلاع، فيما لم يدل 15% برأيهم في هذا الصدد.
وفي ما يمكن وصفه بإشارة واضحة على أدنى مستوى من الدعم لإسرائيل، وكذلك أعلى مستوى من المعارضة لممارساتها العدوانية في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، عارض نحو 60% من الناخبين إرسال المزيد من المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، مقابل 36% أيدوا ذلك.
وعلى أساس حزبي، تفاوت دعم إسرائيل، حسبما أوضح استطلاع الرأي، إذ أيَّد 75% من الديمقراطيين وصف “الإبادة الجماعية”، وعارضت النسبة نفسها زيادة المساعدات العسكرية، وفي المقابل عارض 64% من الجمهوريين هذا الوصف، وأيَّد 56% استمرار المساعدات.
وقال المستقلون إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بنسبة 51% مقابل 34%، كما عارضوا إرسال الولايات المتحدة الأمريكية إرسال المزيد من المساعدات العسكرية إلى إسرائيل، بنسبة 66% مقابل 27%.
واعتبر تيم مالوي، محلل استطلاعات الرأي في جامعة كوينيبياك، أن هذه النتائج تعد دليلًا واضحًا على تزايد الدعم للفلسطينيين وتراجع الرغبة في تمويل إسرائيل عسكريًا بشكل حاد، مشيرًا إلى أن التقييم -الذي وصفه بـ”القاسي”- لطريقة تعامل إسرائيل في غزة يعبر عن استياء واسع.
وينبع الاستياء بصفة أساسية من الممارسات الإسرائيلية العدوانية، والتي أدت إلى مجاعة قاسية يشهدها قطاع غزة، إذ قال نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إن 514 ألف شخص، أي ما يقرب من ربع الفلسطينيين في قطاع غزة، يعانون من المجاعة، وإنه من المتوقع ارتفاع العدد إلى 641 ألفًا بحلول نهاية سبتمبر المقبل.
في مواجهة هذا الرفض والغضب الواضح، طلبت إسرائيل من مرصد عالمي لمراقبة الجوع، أمس الأربعاء، التراجع عن تقييم خلص إلى أن مدينة غزة والمناطق المحيطة بها تعاني من مجاعة وأنها ستتفشى على الأرجح، واصفة التقرير بأنه “معيب للغاية”.
وبعد مرور ما يقرب من عامين على حربها على غزة، رفضت إسرائيل مرارًا مثل هذه النتائج باعتبارها خاطئة ومنحازة لصالح حركة حماس الفلسطينية.
وزعم المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية إدن بار تال أن “التقرير معيب للغاية وغير مهني ويفتقر بشكل خطير إلى المعايير المتوقعة من هيئة دولية مكلفة بمثل هذه المسؤولية الخطيرة”، مضيفًا أن هناك مؤشرات على أن البيانات شابها الاختلاق أو الانتقاء أو التجاهل.