بينما كان أطفال غزة يبحثون عن جرعة ماء في حرّ يوليو، سقطت قنابل إسرائيلية على نقطة توزيع المياه، لتمزج بين الماء ودماء هؤلاء الأطفال، وتزامنًا مع تعثر المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب في القطاع، وتحولها إلى جدل طويل، فلا يزال الفلسطينيون يدفعون ثمنًا باهظًا في لعبة تقودها دولة الاحتلال.
غارة على المياه
قالت مصادر طبية فلسطينية، إن غارة جوية إسرائيلية استهدفت نقطة لتوزيع المياه في وسط قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل 6 أطفال و4 آخرين، وأكد مستشفى العودة أن الشهداء سقطوا أثناء محاولتهم الحصول على المياه في أحد أكثر المناطق تضررًا من الحرب.
وأظهرت مقاطع فيديو من المكان أطفالًا ممددين وسط دلاء مياه ممزقة وحاملات بلاستيكية، وسط حالة من الفوضى والرعب.
واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن الغارة كانت تستهدف “عنصرًا من حركة الجهاد الإسلامي”، لكن الذخيرة انحرفت وسقطت على بُعد عشرات الأمتار من الهدف، وأن الحادث قيد التحقيق، بحسب “يديعوت أحرونوت” العبرية.
مذبحة السبت
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن 139 جثة وصلت إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية، وهو أعلى رقم منذ 2 يوليو، مما رفع عدد الشهداء الإجمالي إلى 58,026 قتيلًا منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023.
كما استشهد 12 شخصًا على الأقل وأُصيب أكثر من 40 آخرين في غارة على تقاطع مزدحم وسط غزة يوم الأحد، وفقًا للدكتور محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء، الذي أشار إلى أن من بين الضحايا الطبيب أحمد قنديل، أحد أعمدة الطواقم الطبية في القطاع، وفق “سي إن إن” الأمريكية.
وفي حادث آخر، اتهمت وزارة الصحة الفلسطينية جيش الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق النار على فلسطينيين كانوا يحاولون الوصول إلى موقع مساعدات في جنوب رفح يوم السبت، مما أدى إلى استشهاد 27 شخصًا، في حين نفت منظمة “مؤسسة غزة الإنسانية” الأمريكية الإسرائيلية المثيرة للجدل أي علاقة للحادث بمواقعها، وصرّح جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه يراجع التقارير.
لكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكدت أن مستشفاها الميداني استقبل 132 مصابًا، منهم 25 توفوا على الفور، وستة لاحقًا، مؤكدة أن هذا العدد “هو الأعلى منذ افتتاح المستشفى في مايو 2024”.
وقالت اللجنة في بيان: “إن تكرار الحوادث وسقوط هذا العدد الكبير من الضحايا المدنيين يُسلّط الضوء على ظروف غير إنسانية يعيشها سكان غزة”.
ووفقًا لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإن ما يقارب 800 فلسطيني لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات منذ أواخر مايو وحتى 7 يوليو 2025.
توسيع رقعة الغارات
شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلية غارات جوية على مخيم الشاطئ للاجئين قرب مدينة غزة، أمس السبت، مما أسفر عن استشهاد 13 شخصًا وإصابة 40 آخرين، بحسب مدير مستشفى الشفاء.
وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان له أنه استهدف أكثر من 150 موقعًا في أنحاء القطاع، بينها أنفاق، ومواقع إطلاق صواريخ، ومراكز قناصة، ومستودعات أسلحة.
على وقع الحرب الدائرة، تستمر المفاوضات المتعثرة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار جديد، بالتوازي مع محاولات لإبرام صفقة لتبادل المحتجزين، إذ أعرب ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن أمله في التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الأسبوع، مؤكدًا أن ثلاثة من أصل أربعة ملفات خلافية قد حُلّت.
وقال ويتكوف، وفق شبكة CNN: “لقد تقدّمنا كثيرًا، تبقت نقطة واحدة فقط عالقة بعد يومين من المحادثات غير المباشرة”، وفي اليوم ذاته، ناقش الرئيس الأمريكي ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الملف الفلسطيني في اجتماع داخل البيت الأبيض، وصرّح ترامب قائلًا: “يجب أن نضع نهاية لهذا النزيف”.
شروط تعجيزية
قال مسؤول رفيع في حركة حماس، وفق شبكة CNN، “إن المفاوضات توقفت”، مؤكدًا أن إسرائيل أدخلت شروطًا جديدة، من بينها “خرائط انتشار جديدة لقواتها في غزة”.
وفي المقابل، قال مصدر سياسي إسرائيلي، وفق الشبكة، إن “إسرائيل أبدت مرونة كبيرة”، متهمًا حماس بـ”العناد” وإفشال جهود الوسطاء، وذكر المصدر أن الخلاف الأساسي حاليًا هو حول نقاط إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي بعد بدء سريان وقف إطلاق النار، حيث اقترحت إسرائيل انسحابًا جزئيًا من شمال غزة في اليوم الأول، ومن الجنوب في اليوم السابع، بينما تُطالب حماس بانسحاب كامل دون تأجيل.
من المقرر أن يلتقي نتنياهو، الأحد، مع وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير لمناقشة تطورات المفاوضات، وسط رفض شديد من جناح اليمين المتطرف داخل الحكومة، وعلى رأسه بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
في المقابل، أظهرت استطلاعات للرأي أجرتها القناة 12 الإسرائيلية أن 74% من الإسرائيليين يفضلون صفقة تنهي الحرب مقابل عودة جميع المحتجزين أحياءً أو موتى، فيما دعم 8% فقط الصفقة المرحلية الحالية.
يُصرّ نتنياهو على حق إسرائيل في استئناف العمليات العسكرية بعد وقف إطلاق النار المؤقت لمدة 60 يومًا، بينما تُصرّ حماس على وقف دائم للعدوان، وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة.
