يستقبل الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي وعد بإعادة إطلاق التحالفات التقليدية للولايات المتحدة وتعميقها، الخميس، في البيت الأبيض نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسيعمل على تخفيف التوتر بشأن مشاريع دعم الصناعات الأميركية التي تعتبرها باريس “عدوانية”.
وقال الرئيس الفرنسي الخميس في مقابلة مع شبكة “ايه بي سي” إنّ الولايات المتحدة وأوروبا “ليستا على قدم المساواة” بسبب الدعم الأميركي الذي تنص عليه خطة جو بايدن حول المناخ، التي تعطي الأولوية للمنتجات المصنوعة محلياً.
واعتبر ماكرون أمس أنّ التحالف مع الولايات المتحدة “أقوى من أي شيء آخر”، لكنه حذّر من “خطر” أن تصبح أوروبا عموماً وفرنسا تحديداً ضحية للتنافس التجاري الراهن بين واشنطن وبكين، أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
ويريد بايدن تنشيط الصناعات الأميركية وطمأنة طبقة وسطى تضررت من العولمة، مع الوقوف في الوقت نفسه في وجه بكين. هذا يمر عبر دفاع بدون قيود عن المصالح الأميركية، على الصعيد العسكري – وهو ما ثبت عبر “أوكوس”- كما على الصعيد الصناعي.
وأوضح ماكرون أمس أنّ تداعيات برنامج المعونات الحكومية للشركات في الولايات المتّحدة ستكون كارثية على الاستثمارات في أوروبا.
ويعتزم جو بايدن خصوصاً تعزيز قطاع السيارات الكهربائية بهدف استحداث مزيد من الوظائف الصناعية وتحقيق الانتقال في مجال الطاقة وإحراز تقدّم في المنافسة التكنولوجية مع الصين.
دبلوماسية وعشاء
وقال ماكرون لبرلمانيين أميركيين: “ربما تقومون بحل مشكلتكم، لكنكم تفاقمون مشكلتي”، مشدداً على ضرورة أن تقوم فرنسا أيضاً بدعم الطبقة الوسطى والوظائف.
وحذّر الرئيس الفرنسي من أنّ برنامج الولايات المتحدة للاستثمارات والإعانات لمساعدة الشركات المحليّة يهدّد “بتفتيت الغرب”. وقال إنّ “هذه الخيارات لا يمكن أن تنجح إلا إذا كان هناك تنسيق بيننا، إذا اتّخذنا القرارات سويّاً، إذا تناغمنا مجدّداً”.
بعد تصريحاته هذه، توجه ماكرون وزوجته بريجيت لتناول العشاء مع جو بايدن وزوجته جيل في مطعم إيطالي في واشنطن، وهو ما كان لقاء خاصاً و”سياسياً” في الوقت نفسه بحسب ما قال مستشار لقصر الاليزيه.
وأكد أنّ الرئيس الفرنسي سيكرر “هذه التصريحات الأساسية” أمام بايدن وهو متمسك جداً أيضاً بمصير “الطبقة الوسطى”.
إلى جانب هذه المحادثات، سيكون موقف الرئيسين بشأن الصين سيكون مثيراً للاهتمام حيث إنّ واشنطن تريد أن يشاطرها الأوروبيون بشكل أكبر قلقها حيال تصاعد قوة بكين في كل المجالات، لكن فرنسا حريصة على رسم مسارها الدبلوماسي الخاص.
والثلاثاء، قال كريس كونز، السيناتور الديمقراطي المقرب من الرئيس بايدن، إنّ الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي إلى الولايات المتحدة “لن تثمر معجزة” للصناعيين الأوروبيين المتضررين من قانون “خفض التضخم”، على الرغم من وصف هذه الزيارة بأنّها تتويج للعلاقة “الوطيدة” بين الحليفين.
وقبل أيام، قال وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير، إنّه يتعيّن على أوروبا العمل على “حماية المصالح الاقتصادية للاتحاد الأوروبي” أمام إجراءات الولايات المتحدة لمواجهة التضخم.
وفي 18 من الشهر الحالي، حذّرت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيت بورن، من أنّ فرنسا “لن تقف مكتوفة اليدين” في مواجهة خطة الاستثمار الأميركية الهائلة لمكافحة التضخم، والتي يُحتمل أن تضر بالمنافسة التجارية.
وصادقت واشنطن، في 13 آب/أغسطس الفائت، على “قانون خفض التضخم” الذي وضعه جو بايدن، ويُعَدّ أكبر استثمار يُعتمد على الإطلاق في مكافحة تغير المناخ، إذ يخصص 370 مليار دولار لبناء توربينات تحركها الرياح وألواح شمسية وسيارات كهربائية.