يومًا بعد يوم، تزداد عزلة دولة إسرائيل بين شعوب العالم؛ بسبب الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، منذ ما يقرب من عامين، والتي أدت لاستشهاد أكثر من 60 ألفًا، أغلبهم من الأطفال والنساء، بخلاف المجاعة التي تفتك بآلاف الأطفال.
واختلفت أشكال العزلة التي تم فرضها على قطاعات كبيرة وواسعة داخل دولة إسرائيل، وتم قطع علاقاتها معها سواء من قبل مؤسسات أو أفراد أو شركات، ترى في استمرار التعامل مع الكيان بمثابة مشاركة في الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، ودعوا الشعوب للحذو حذوهم.
القطاع الأكاديمي
كانت أبرز تلك التحركات الشعبية ما يعيشه القطاع الأكاديمي الإسرائيلي، وفقًا لقناة i24news، حيث أصبحت الدراسات التي يشارك فيها باحثون إسرائيليون كأن لم تكن، ويتم رفض مراجعتها من قبل نظرائهم في الأكاديميات الخارجية أو حتى فكرة قبول أوراق التقدم، في معاملة أشبه بالمقاطعة.
كما حدث انخفاض كبير في تمويل تلك المشاريع البحثية المشتركة. فبينما كان عام 2023 هو الأعلى في مستوى التعاون بين باحثي الاحتلال والأكاديميين الأوروبيين، حيث كانت 38% من الأبحاث الإسرائيلية يتم دراستها في الخارج، إلا أنه ومع التصرفات العدائية الإسرائيلية، انخفض هذا التعاون بصورة كبيرة جدًا.
خلق الأعذار
بات وصول الإسرائيليين إلى المختبرات والبنية التحتية البحثية في أوروبا محدودًا بنسبة كبيرة، كما تم إلغاء أو منع مشاركة الإسرائيليين في المؤتمرات المهنية من قبل المنظمين. كما انخفضت عدد التبادلات بين الأكاديميين الإسرائيليين والأوروبيين، حتى أن الشركات التي كانت تتنافس على التعاون مع العلماء الإسرائيليين باتوا يخلقون الأعذار من أجل وقف التعامل معهم.
وأثرت المقاطعة على عدة مجالات بحثية في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية، منها المجالات الطبية والفضاء وعلوم الكمبيوتر، وأيضًا علوم الفيزياء والأحياء. ومن أجل ذلك عملت وزارة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا التابعة للاحتلال على تشكيل لجنة للتعامل مع تلك المقاطعة التي يقودها أكاديميون في الدول الأوروبية.
الفصل العنصري
وفي السياق ذاته، قام مجلس مدينة برشلونة الإسبانية بقطع العلاقات المؤسسية مع إسرائيل رسميًا وإنهاء اتفاق التوأمة مع مدينة تل أبيب على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. كما أوقف المجلس اتفاقية الصداقة بينهما، وذلك حتى يتم استعادة احترام القانون الدولي والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
أيضًا ألغت برشلونة اتفاقية الصداقة والتعاون التي تنظم العلاقات مع تل أبيب، إلى حين استعادة احترام القانون الدولي، بجانب عدم استضافة أجنحة تابعة للحكومة الإسرائيلية في معارضه، ولا لشركات الأسلحة أو أي قطاع آخر يستفيد من الإبادة الجماعية والاحتلال والفصل العنصري والاستعمار ضد الشعب الفلسطيني.
مهرجان البندقية
ولم يسلم المجال الثقافي والفني من سيل المقاطعة الذي يضرب جوانب الاحتلال الإسرائيلي، حيث وقع أكثر من 1500 متخصص في مجال السينما من إيطاليا وحول العالم، بينهم مخرجون وممثلون وفنانون، طالبوا فيها منظمي مهرجان البندقية السينمائي الشهير باتخاذ موقف حازم تجاه الأزمة الإنسانية في غزة.
وبسبب ذلك، لن تستطيع الممثلة الإسرائيلية المعروفة جال جادوت حضور افتتاح المهرجان هذا الأسبوع، وفقًا لصحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، والتي تشارك آل باتشينو بطولة فيلم “أيدي دانتي”، الذي يُعرض في المهرجان العالمي، بسبب دعمها العلني للحكومة الإسرائيلية في الإبادة الجماعية.
سلاسل عالمية
وفي خضم طوفان المقاطعة الشعبية العالمية الذي تتعرض له إسرائيل، قامت إحدى أكبر سلاسل متاجر السوبر ماركت في المملكة المتحدة بالتوقف عن الحصول على المنتجات والخدمات من إسرائيل بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان وللقانون الدولي. بل وإزالة جميع المنتجات الإسرائيلية من الرفوف.
وجاء القرار في سابقة تاريخية، حيث نال تأييدًا ساحقًا في الجمعية العمومية السنوية للشركة العالمية، وتوقفوا عن استيراد المنتجات الإسرائيلية مثل الأفوكادو والفلفل والأعشاب والتمور، التي يتم جلبها من مزارع ومعامل تعبئة في مستوطنات غير شرعية في الضفة الغربية المحتلة.
وتكشف استطلاعات الرأي العالمية في الوقت نفسه عن أن الدعم العام والتعاطف مع إسرائيل في أوروبا انحدر إلى أدنى مستوى مسجل على الإطلاق، حيث تراوحت نسب المؤيدين لإسرائيل بين 13% و21% فقط في جميع الدول التي شملها الاستطلاع، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا والدنمارك وإيطاليا وإسبانيا.
عدم التواطؤ
أيضًا، قام سكان جزيرة إيج الأسكتلندية، الواقعة قبالة الساحل الغربي، باتخاذ قرار جماعي بمقاطعة كاملة لإسرائيل احتجاجًا على الإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة، وفقًا للصحيفة الأسكتلنديةThe National، واصفين القرار بأنه تم اتخاذه من أجل التضامن مع الشعب الفلسطيني وعدم التواطؤ في الإبادة الجماعية.
وأكد السكان أن هذا التحرك يتعلق بالتضامن والتعليم والمساهمة في حركة عالمية نجحت في الضغط على الشركات لقطع العلاقات الاقتصادية مع دولة الفصل العنصري إسرائيل وإنهاء التواطؤ في جرائم الحرب والعمليات في الأراضي المحتلة، داعين باقي المجتمعات لاتخاذ نفس القرار نحو تحقيق العدالة والتضامن.