أغلقت النيجر، أمس الأحد، مجالها الجوي حتى إشعار آخر، مشيرةً إلى التهديد بتدخل عسكري من قِبَل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، وذلك بعد رفض قادة الانقلاب المهلة التي حددتها المجموعة لإعادة الرئيس المخلوع، محمد بازوم، إلى منصبه.
وجاء في بيان للمجلس العسكري، بثه التلفزيون الرسمي، مساء أمس أنّ المجال الجوي للنيجر مغلق اعتباراً من اليوم، وذلك في مواجهة تهديد التدخل الذي أصبح أكثر وضوحاً.
وأكد البيان أنّ قوات النيجر المسلحة وكافة الدفاعات والقوات الأمنية، بمساندة الدعم الراسخ من الشعب، مستعدة للدفاع عن وحدة أراضي البلاد، مشيراً إلى وجود انتشار مسبق لقوات “إيكواس” في بلدين بوسط أفريقيا استعداداً لتدخل، من دون أن يذكر تفاصيل.
وتضمّنت برامج تلفزيونية بُثّت أمس مناقشةً حول مائدة مستديرة، بهدف حشد التضامن في مواجهة عقوبات “إيكواس”، التي أكد المجلس العسكري في النيجر أنّها غير قانونية وغير عادلة وغير إنسانية، وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.
وتجمّع الآلاف من أنصار المجلس العسكري في العاصمة نيامي، مرحّبين بقرار عدم الإذعان للضغوط الخارجية أو التراجع عن الانقلاب، كما نُظّم اعتصام بالقرب من قاعدة جوية في نيامي، تعهّد المشاركون فيه بالمقاومة إذا لزم الأمر، لدعم الإدارة العسكرية الجديدة، من دون اللجوء إلى العنف.
وقاد المنظّمون هتافات “تحيا النيجر”، في حين بدا أنّ الكثير من المشاعر معادية لـ”إيكواس” وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للبلاد، كما ظهرت في شوارع العاصمة علامات على دعم المجلس العسكري الذي تسلّم الحكم في البلاد.
وقال الجنرال المتقاعد أمادو أدامو: “لقد فهم شعب النيجر أنّ هؤلاء الإمبرياليين يريدون زوالنا. وإن شاء الله، ستكون المعاناة من نصيبهم”، في حين رأى رئيس وزراء النيجر، حمودو محمدو، أنّ الحكومة المعزولة “لا تزال تعتقد بإمكان التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة”.
وكانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قد أعلنت أنّ قادة الدفاع في دول غرب أفريقيا وضعوا خطةً لـ”تدخّلٍ عسكري محتمل” في النيجر، في حالة عدم تنحّي قادة المجلس العسكري الانتقالي.
وفي حين لم تعلّق المجموعة الإقليمية الأفريقية بشأن خطواتها التالية، أو موعد انتهاء مهلة إعادة النظام السابق على وجه الدقة، قالت إنّها ستصدر بياناً اليوم، بعد أن أثار تعهّدها بالتدخل العسكري مخاوف من تفجير الصراع في المنطقة المضطربة أصلاً.
وقبل إعلان “إيكواس” أنّها قد تتدخّل عسكرياً في النيجر، حذّر قادة الانقلاب من أي تدخّل عسكري في بلادهم، معتبرين أنّ قمة المجموعة التي عُقدت في نيجيريا تهدف إلى “المصادقة على خطة عدوان ضد النيجر من خلال القيام بتدخل عسكري وشيك في العاصمة نيامي، بالتعاون مع دول أفريقية ليست أعضاء في المنظمة وبعض الدول الغربية”.
وأكّد القادة العسكريون في النيجر أنّ “أي تدخل عسكري في نيامي، سيجعلنا مضطرين للدفاع عن أنفسنا حتى آخر رمق”، وتابعوا: “نريد أن نذكّر مرةً أخرى، المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، أو أي مغامر آخر، بعزمنا الراسخ على الدفاع عن وطننا”.
كذلك، اتهم قادة الانقلاب العسكريون في النيجر فرنسا، التي قالت إنّها ستدعم جهود “إحباط الانقلاب”، من دون تحديد ما إذا كان ذلك يتضمن المساعدة العسكرية، بالرغبة في التدخل عسكرياً لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم إلى مهامه.
وأكدت مالي وبوركينا فاسو أنّ أي تدخّل عسكري ضد نيامي سيُعدُّ “إعلان حرب ضد واغادوغو وبامكو”، محذّرتين من أنّه سيؤدي إلى انسحاب مالي وبوركينا فاسو من “إيكواس”.
وفي تشاد، قال مصدر مقرّب من دوائر صنع القرار في أنجمينا إنّ بلاده “لن تشارك في أي عملياتٍ عسكرية في النيجر”، مؤكداً أنّ “الشعوب الأفريقية في جميع دول المنطقة ترفض أي تدخل عسكري في النيجر”.
كذلك، شدّد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، على أنّ أزمة النيجر “تُحل بالمنطق و ليس بالقوة”، مؤكداً أنّ بلاده لن تتدخّل عسكرياً، ولن تستعمل القوة مع جيرانها الذين سيبقون أشقاء وأخواناً، وهي مع الشرعية الدستورية وضد استعمال القوة”.
أما السنغال فأعلنت، على لسان وزيرة خارجيتها أيساتا تال سال، أنّها ستشارك في التدخل العسكري في النيجر، إذا قرّرت منظمة “إيكواس” القيام به.
وجاء كل ذلك بعد أن أعلن جيش النيجر، في 27 تموز/يوليو الماضي، عزل رئيس البلاد، محمد بازوم، وتشكيل “المجلس الوطني لحماية الوطن”، الذي ترأسه مجموعة من القيادات العليا في الجيش.
والرئيس المعزول محمد بازوم، الذي انتخب عام 2021، هو حليف وثيق لفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للنيجر، وقد شهدت البلاد محاولة انقلاب في 31 آذار/مارس 2021، قبل يومين فقط من تنصيبه.
وتثير الأوضاع في هذا البلد الأفريقي مخاوف بشأن مستقبل البلاد والمنطقة، في وقت تواجه النيجر تحديات أمنية متزايدة، بسبب تهديد الجماعات المسلحة المتنامية في منطقة الساحل، كما تثير قلق الغرب، خصوصاً فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما أنّ الرئيس المعزول، يُعدُّ رجل باريس الأول في دول الساحل الأفريقي