يواصل وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، هجومه على الهجرة، ولا يتخلى عن مشروعه “المنحرفون الأجانب” لمكافحة ما يسميه “الهجرة غير الشرعية وعنف الأجانب”.
وأعلن دارمانين بالفعل عن نيته “إصلاح قانون منح حق التراب في جزيرة مايوت في المحيط الهندي”. لكن الوزير المتشدد في موضوع الهجرة والأجانب، إختار الجزيرة السالفة الذكر (مايوت) كرمز لنيته وتصميمه في طرح أفكاره لمحاربة الهجرة.
ووفقاً للسلطات في مايوت، فإنّ إطلاق المراقبة البحرية الساحلية يمنع المهاجرين من ركوب “كواسا كواسا”، وهي قوارب آلية خفيفة، لمحاولة الوصول إلى الجزيرة من أرخبيل جزر القمر المجاورة، على أمل الوصول إلى حياة أفضل، مع الاستفادة من اللغة الفرنسية، والخدمات العامة، ولاسيما الصحة. في كل عام، تلد العديد من جزر القمر مهاجرين جدداً بإتجاه هذه الجزيرة الصغيرة في المحيط الهندي، بين شرق أفريقيا ومدغشقر.
يسكن هذه الجزيرة ما يقرب من الـ 400000 شخص. وشهدت جزيرة مايوت تضاعف عدد سكانها أربع مرات بين عامي 1985 و 2017 وفقاً لـ معهد الإحصاء الوطني INSEE، في ظل التأثير المشترك لارتفاع معدل المواليد والهجرة.
ويشير وزير الداخلية في تصريح لصحيفة “لوموند” إنه “إذا لم نفعل شيئاً، فسيكون هناك 700000 نسمة في مايوت في عام 2050″، مذكّراً أنه في الانتخابات الرئاسية، جاءت مرشحة التجمع الوطني، مارين لوبان، أولاً هنا بين المرشحين. ووفقًا له، فإن 40% من الأعمال الطبية التي يتم إجراؤها تتعلق بالمهاجرين غير المسجلين، كما هو الحال بالنسبة لمائة أو نحو ذلك من الفصول الدراسية التي يتم بناؤها كل عام.
إصلاح قانون سولي في مايوت
تجمع الدائرة 101 الفرنسية بين الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية – الفقر المدقع، بطالة الشباب، مشاكل التدريب – أو الأمن، مع نسبة انحراف أعلى بكثير مما هي عليه في فرنسا. قبل يومين من وصول وزير الداخلية، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الشباب والشرطة، وهو ما يحدث بانتظام. تماماً مثل حجارة الحافلات المدرسية أو الهجمات في منتصف الشارع. لكن الدولة الفرنسية وسلطاتها المحلية في مايوت لا تبحث فعلياً في أسباب الإنحراف والجنوح والعنف الحاصل، وبدل التركيز على حلّ أزمات السكان، وتحسين ظروف عيشهم تحمّل المهاجرين مسؤولية أي خلل أو تدهور إجتماعي.
جيرالد دارمانين، الذي تضاعفت مهامه في الجبهات الصيفية (حرائق، عواصف، مسابقات الدراجات النارية العنيفة)، يواصل هجومه على الهجرة، الذي بدأ في منتصف تموز/يوليو بإعلان مشروع قانون يهدف إلى رفع “جميع التحفظات التشريعية التي تمنع طرد الأجانب الجانحين. تمّ تأجيل النص، الذي أعلن عنه في بداية العام الدراسي،نهاية العام واستبداله بمشاورة، ثم بمناقشة في البرلمان، في تشرين أول/أكتوبر ، بحسب رغبة رئيسة الوزراء، إليزابيث بورن.
في مقابلة مطولة مع “جورنال دو ديمانش” في 21 آب/أغسطس، قبل السفر إلى دزاودزي، أعلن وزير الداخلية عزمه على إصلاح قانون حق الأراضي في مايوت، وتعميق إصلاح 2018. وينص هذا القانون على أنّ الطفل المولود هناك لأبوين أجنبيين لا يمكنه الحصول على الجنسية الفرنسية، إلا إذا كان أحد والديه قد أقام في الإقليم بشكل منتظم ومن دون انقطاع لأكثر من ثلاثة أشهر قبل ولادته. وتمنى دارمانين أن تزيد هذه الفترة إلى عام واحد. إذا قام المجلس الدستوري بمنع هذا الحكم، فقد أكد أنّ الرئيس إيمانويل ماكرون مستعد لإدخاله في إصلاح الدستور الذي يعدّه.
كما أشار دارمانين إلى رغبته في “مكافحة الاحتيال في الاعتراف بالأبوة”. وقال في مؤتمر صحافي: “إنّ الزيادة المستمرة في الموارد البشرية والتقنية لن تكون كافية قبل قطار تفعيل الشرطة والدرك مباشرة، ويجب علينا محاربة الجاذبية الاجتماعية والإدارية للمنطقة”.
إعادة فرض العقوبة المزدوجة على المخالفين الأجانب
في أعقاب اليمين واليمين المتطرف، أكد دارمانين أنّ “جزءاً كبيراً من الانحراف يأتي من المهاجرين”، وقال: “سنكون حمقى عدم إعلان ذلك”. وأوضح أنّ “48% من الأشخاص الموقوفين بسبب أعمال انحراف في باريس و 55% في مرسيليا، هم من الأجانب”.
وشدد دارمانين على أنّ “الأجانب في فرنسا يمثلون 7.4% من السكان و 19%من أعمال الجنوح”، مؤكداً رغبته في إعادة “العقوبة المزدوجة للمجرمين الأجانب”، حيث أعلن عن تشكيل 200 لواء درك في السنوات الست المقبلة. كما يريد الوزير المتشدد إطلاق “3000 مركز شرطة أخضر”، من أجل “تحسين عمل التحقيق القضائي”، لا سيما في حالات “الحرق العمد التي تسبب فيها المخربون”، بحسب تعبيره.
في جزيرة مايوت، أعرب المسؤولون المنتخبون، الذين إستقبلهم وزير الداخلية عن شكواهم. فقد أطلق رئيس جمعية رؤساء بلديات الجزيرة ماضي ماضي سوف “إن الهجرة تتقدم، إنها ترتفع”، في إشارة إلى العنف وانعدام الأمن.
من جهته، أعرب السيناتور ثاني محمد صويلحي عن أسفه”لإطلاق سراح القاصرين المعتقلين في اليوم التالي”، الأمر الذي “يثير حفيظة السكان”، وفق تعبيره.
دافع وزير الداخلية المتشدد عن قراراته، مشيراً إلى أنّ “عدد رجال الشرطة والدرك في الجزيرة قد زاد بالفعل بنسبة 50%”. كذلك أعلن عن سرب درك رابع متنقل.
وأشار دارمانين إلى أنّ جزيرة مايوت كانت المنطقة التي تبذل فيها الدولة “أقصى جهد” ، بما يتناسب مع عدد السكان. فيما قالت النائبة استيل يوسف بابتسامة: “نحن مسلمون لكننا مثل سانت توماس”.. “ننتظر لنرى لنؤمن”.