بدأت فرنسا بحصد نتائج سياستها في الشرق الأوس ودول أفريقيا، باريس التي تدعي الديمقراطية أصبحت في مستنقع العنصرية، وهذا ما ذكره التاريخ ونشاهده اليوم أمامنا.
اشتعلت شوارع باريس على مدار أيام، وذلك بعد مقتل 3 أكراد في إطلاق نار، الجمعة، على يد فتح مواطن فرنسي، أمام مركز ثقافي كردي وسط العاصمة الفرنسية.
والقتلى الثلاثة هم أمينة كارا المسؤولة عن الحركة النسائية الكردية في فرنسا – ورجلان أحدهما الفنان واللاجئ السياسي مير بيروير.
وأصيب ثلاثة رجال إصابة أحدهم خطيرة، لكن حياتهم ليست في خطر، وغادر أحدهم المستشفى. وخمسة من الضحايا الستة يحملون الجنسية التركية والسادس فرنسي.
ما الذي حدث؟
توجه المتهم في بادئ الأمر في وقت مبكر من صباح الجمعة، إلى سان دوني، وهي منطقة شعبية شمال باريس بسلاحه “مسدس كولت 45 من عيار 11، 43” من أجل “ارتكاب جرائم قتل أجانب” بحسب المدعية العامة.
وأحدث الهجوم الذي وقع الجمعة، صدمة في أوساط الجالية الكردية التي دانت العمل “الإرهابي”.
وبعد إلقاء القبض عليه إثر الواقعة، قال مطلق النار للشرطة إنه فعل ذلك لأنه “عنصري”.
وكشفت المدعية العامة في باريس لوري بيكوا في بيان، أنه أثناء احتجازه لدى الشرطة، اعترف بأنه يكن “كراهية للأجانب أصبحت حالة مرضية” منذ تعرض منزله للسطو في عام 2016.
ورُفع السبت، قرار التوقيف الاحتياطي للرجل البالغ 69 عاما لأسباب صحية، ونُقل إلى عيادة الأمراض النفسية بمقر الشرطة.
وفي تأكيد لفرضية الدافع العنصري للهجوم، قالت النيابة الفرنسية، الأحد، إن الرجل الذي اعترف بقتل ثلاثة أكراد في باريس، كان ينوي في البداية “اغتيال مهاجرين” في ضاحية شمال العاصمة.
ووصف المشتبه به نفسه بأنه “مكتئب” و”يميل إلى الانتحار”، وقال: “لكن قبل الإقدام على الانتحار، كنت أرغب دائما في قتل مهاجرين، أجانب، منذ هذا السطو”.
من هو المتهم؟
فرنسي الجنسية، وهو سائق قطار متقاعد وُصف بأنه يشعر بـ”الاكتئاب” ولديه “ميول انتحارية”.
ووفقا لأقواله، التي كشف فيها عن رغبته في “قتل أجانب”، كشفت النيابة: “تخلى الرجل أخيرًا عن التحرك في هذا الاتجاه، نظرًا لقلة الموجودين، وبسبب ملابسه التي تمنعه من إعادة تلقيم سلاحه بسهولة”.
وعاد بعد ذلك إلى منزل والديه، ثم خرج واتجه قبيل الظهر إلى شارع دينغيان، في وسط باريس حيث علم بوجود مركز ثقافي كردي، وأطلق النار.
وأضافت النيابة أنه “كان ينوي استخدام كل الذخيرة وقتل نفسه بالرصاصة الأخيرة”، ولكن انقض عليه عدة أشخاص في صالون حلاقة قريب قبل أن تقبض عليه الشرطة.
وقال المشتبه به، إنه اشترى سلاحه قبل أربع سنوات من أحد أعضاء نادي الرماية، وأنه خبأه دون استخدامه حتى نهار الجمعة.
وأدين في وقت سابق، عام 2017 لحمله سلاحًا محظورًا، وفي يونيو بتهمة استخدام العنف المسلح بحق لصوص – وهي الوقائع التي كشفها أثناء التحقيق معه – ووجهت إليه في ديسمبر 2021 تهمة ارتكاب أعمال عنف مسلحة مع سابق تصور وتصميم بدوافع عنصرية.
ويشتبه في أنه طعن مهاجرين في مخيم بباريس في 8 ديسمبر 2021. وبعد وضعه في الحبس الاحتياطي لمدة عام، أطلق سراحه في 12 كانون الأول/ديسمبر.
مثوله أمام قاض للتحقيق
ومثل المشتبه به في قتل ثلاثة أكراد، الجمعة، في باريس وأقر بأنه يشعر بـ”كراهية مرضية حيال الأجانب”، أمام قاض للتحقيق، الاثنين، تمهيدًا لتوجيه تهمة محتملة إليه.
وتأكد الدافع العنصري للحادثة، بعد أن أقر بأنه يشعر بـ”الاكتئاب” ولديه “ميول انتحارية”، للمحققين بأنه كان دائما “يشعر برغبة في قتل مهاجرين أجانب” منذ تعرض منزله لعملية سطو في 2016 وفقا لمدعية باريس لور بيكوو.
وأثار عدم الإبقاء على فرضية الهجوم الإرهابي منذ البداية، مشاعر الغضب والاستنكار.
ونظمت تظاهرات، السبت، تكريما للضحايا تخللتها أحيانا أعمال عنف وتخريب، في كل من باريس ومرسيليا وبوردو.
ودعا المجلس الديموقراطي الكردستاني في فرنسا إلى تظاهرة ظهر الاثنين، انطلاقا من الشارع الذي وقع فيه هجوم الجمعة، إلى شارع لافاييت على بعد مئات الأمتار حيث عثر على جثث الناشطات الثلاث من حزب العمال الكردستاني.
هجوم جديد يحيي صدمة قبل 10 سنوات
وأحيت المواجهات التي اندلعت بين متظاهرين أكراد غاضبين والشرطة في وسط باريس الجمعة، عقب اعتداء استهدف مركزا للجالية الكردية، صدمة أثارتها ثلاث عمليات قتل وقعت عام 2013 وبقيت من دون حل فيما يحمّل كثيرون تركيا مسؤوليتها
وأطلقت الشرطة التي انتشرت خارج المركز الثقافي الغاز المسيل لتفريق محتجين حاولوا خرق الطوق الأمني الذي يحمي وزير الداخلية جيرالد دارمانان، وفق ما أفاد مراسلو فرانس برس.
وشوهد البعض يلقون مقذوفات على الشرطة، ويضرمون النيران في حاويات القمامة بينما تضررت عدة سيارات خلال الاضطرابات.
واتهم الأكراد السلطات الفرنسية بعدم القيام بما يكفي لحمايتهم.
في كانون الثاني/يناير 2013، قتلت ثلاث ناشطات من حزب العمال الكردستاني، إحداهن من مؤسسات المجموعة، في مركز كردي قريب في اعتداء كان أشبه بهجوم محدد الأهداف.
وتم لاحقا توجيه اتهامات لرجل تركي بالوقوف وراء عمليات الاغتيال المفترضة، لكنه توفي في السجن عام 2016 قبل محاكمته.
وكالات