تبقى ذكرى الشهداء الأبرار تنير وتضيء طرق كل التحديات في يومنا هذا، عند مواجهة أي استعمار أو محتل أو فكر إجرامي في وطننا العربي والإسلامي، وخاصة بعد الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة في سوريا والعراق ضد فلول داعش الإرهابي المدعوم أمريكياً وصهيونياً.
لقد سقط في السنوات الماضية الآلاف من الأبرياء والشهداء من أطفال ونساء وشيوخ، وكان ذلك بسبب التآمر الغربي الأمريكي على الشرق الأوسط، وقد استخدم المتآمرون كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا لتدمير دول وقتل شعوب رفضت أن تخضع لإذلالهم وغطرستهم واستكبارهم، ورفضوا أن يطبعوا مع عدو صهيوني مغتصب لأرض فلسطين والأقصى.
ذكرى الشهداء عطر مهما مضى على وقت استشهادهم، ولن ننسى اي تضحيات قدموها لنا ولأجيالنا القادمة من أجل أن نبقى في عزة وكرامة وأمان، لقد ضحى هؤلاء القادة بأرواحهم وسالت داؤهم الزكية في أرضنا لتنبت منها الشجاعة والقوة والمقاومة التي لن تنتهي طالما ان هناك عدو يسلبنا الأمان ويحتل أرضنا ويقتل أطفالنا ويهتك حرماتنا.
قادة يحملون أوجه متشابهة في النضال والشهادة والفكر والمقاوم، رغم أن هناك زمن وتاريخ يفصل بينهم، إلا أن وجودهم في قلوبنا واحد ومحبتنا لهم واحدة.
الشهيد المقاوم مصباح الجربوع الذي استشهد في 25 ماي/آيار سنة 1958 في معركة رمادة برصاص المحتل الفرنسي، وذلك بعد سنوات من قيادة المقاومة المسلحة في الجنوب الشرقي كبّد خلالها المحتل خسائر جمّة جعلت الجربوع من أشهر المقاومين التونسيين.
ولد مصباح الجربوع ببني خداش من ولاية مدنين سنة 1914، امتهن التجارة بقصر الجوامع صغيرًا وحذق الصيد والقنص والرماية. وانخرط في العمل النقابي منذ تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946، إذ ساهم في تركيز الحركة النقابية بمدنين وتطاوين. وانخرط في الحزب الدستوري الجديد، إذ حمل السلاح منذ اندلاع المقاومة المسلحة بعد مؤتمر 18 جانفي/كانون الثاني 1952.
قاد الجربوع عديد العمليات ضد المحتل الفرنسي في الجنوب الشرقي، وبالخصوص الهجمات على الثكنات العسكرية. وقد نصب كمينًا للقوات الفرنسية قرب بئر الأحمر بتطاوين في 25 ماي/آيار 1952 حصد به أرواح عديد الجنود المحتلين، ثم تحصّن في الجبال في حين قامت القوات المحتلة باعتقال عدد من أقاربه بالخصوص زوجته ووالده. ولكن واصل القائد مصباح في عملياته، ومنها نصب كمين يوم 1 سبتمبر/أيلول 1952 على الطريق الواصلة بين تامزرط ومطماطة استهدفت سيارة عسكرية فرنسية.
خاض مصباح الجربوع وجماعته في 14 أوت/أغسطس 1953 أشرس المعارك طيلة مسيرته البطولية وذلك في جبل ميترو الواقع بين بني خداش وغمراسن، حيث حاصرتهم القوات الفرنسية فقاوم مصباح وجماعته وأصابوا عددًا من الجنود الفرنسيين بين قتلى وجرحى، ولكن استشهد عديد المقاومين وأُصيب الجربوع بأربع رصاصات ولكنه استطاع الإفلات من المحتلين وفرّ ليواصل عملياته.
اُستشهد مصباح الجربوع يوم 25 ماي/آيار 1958 في معركة رمادة أثناء معركة الجلاء العسكري بالجنوب برصاص رشاشات الطائرات الفرنسية ولم يعثر عليه إلا بعد شهر من نهاية المعركة، ليخلد اسمه كأشرس المقاومين الذين طالما أذاقوا الجنود الفرنسيين الويل، وقد قتل عددًا منهم في عديد المعارك طيلة سنوات كفاحه المسلح.
وعندما نأتي إلى ذكرى الشهيد قاسم سليماني الذي ولد في مدينة كرمان الإيرانية في عام 1958م، وهو قائد عسكري برتبة فريق في الحرس الثوري للجمهورية الإسلامية الإيرانية، مهمته الأساسية هي قيادة فيلق القدس، وقد عَمَل سليماني على مساندة المقاومة في فلسطين، ولبنان، والعراق، ومواجهة المجموعات التكفيرية في العراق وسوريا، واكتسب شعبية كبيرة بين العديد من الشعوب الإسلامية والعربية نظراً لنجاح قيادته في مواجهة التنظيمات الإرهابية.
استشهد سليماني مع نائب رئيس الحشد الشعبي، أبي مهدي المهندس، في أول أيام سنة 2020 م إثر عملية اغتيال قامت بها القوات الأمريكية في بغداد.