أعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر، الجنرال عبد الرحمن تشياني، أنّ الشعب النيجري هو الذي “سيحدّد العلاقات المستقبلية مع فرنسا”، وذلك بعد أسبوع من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مغادرة السفير الفرنسي نيامي، وقرب انسحاب القوات الفرنسية من هذا البلد الساحلي.
وقال الجنرال تشياني، في مقابلتين مساء أمس السبت مع التلفزيون الوطني، باللغتين المحليتين، إنّ “الشعب النيجري هو من سيحدد شكل العلاقات المستقبلية مع فرنسا”.
وتأتي هذه التصريحات بعد أسبوع من إعلان ماكرون عودة السفير في النيجر سيلفان إيتيه إلى باريس، ومغادرة نحو 1500 جندي منتشرين في النيجر “بحلول نهاية العام”.
وكان النظام العسكري الجديد قد أمر بمغادرة السفير وألغى اتفاقات تعاون عسكري مع باريس، مكرراً رغبته في سحب القوات الفرنسية.
وأضاف تشياني في المقابلة: “نحن نستعد لرحيلهم”، مؤكداً أنه “بما أنهم (الفرنسيون) كانوا هنا لمحاربة الإرهاب وأوقفوا من جانب واحد كل أشكال التعاون، فقد انتهت إقامتهم في النيجر”.
وأوضح بأنهم “قالوا إنهم أتوا لاجتثاث الارهاب.. لم يفشلوا في طرد الإرهابيين فحسب، وإنما ازداد عدد الإرهابيين”، وأنّ “البلاد كانت مهددة بالزوال يوماً ما، لذا قررنا اتخاذ الإجراءات لأنّ الأفراد (في نظام بازوم) لم ينصتوا إلى مستشاريهم العسكريين”.
وأشار تشياني إلى أن فرنسا “ليست البلد الوحيد الذي نقيم معه علاقات ثقافية”، وذلك رداً على قيام باريس بتعليق إصدار التأشيرات من النيجر وبوركينا ومالي.
ويشهد غرب النيجر وجنوب شرقها هجمات إرهابية ترتكبها مجموعات متطرفة معظمها مرتبط بتنظيمي القاعدة وداعش في أفريقيا.
لوكورنو: لقد كنا الحلّ بالنسبة للساحل الأفريقي
من جهته، اعتبر وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو الجمعة أن “الساحل مهدد بالانهيار” في اعقاب انسحاب القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو اللتين شهدتا انقلابين أيضا، وقريبا من النيجر.
وقال “لقد كنا الحل بالنسبة الى أمن منطقة الساحل”.
ويخوض النظام النيجري مواجهة مع فرنسا، منذ 26 تموز/يوليو، عندما أطاح الجنرالات بالرئيس محمد بازوم، الموالي للقوة الاستعمارية السابقة، والتي لم تعترف حتى الآن بالسلطات الجديدة في النيجر.
“المشكلة ليست الديمقراطية”
وبعد بضعة أسابيع من إعلانه مرحلة انتقالية أقصاها ثلاثة أعوام، قال تشياني إنه “لا يحق لنا أن نمضي خمسة أعوام في الحكم. يجب أن يكون (المرء) منتخباً للقيام بذلك”.
وفي رأيه أنّ “المشكلة لا تكمن في الديموقراطية. فالشخصيات المنتخبة تعمد أحياناً إلى خنق النصوص لتنفّذ فقط ما يجول في ذهنها”.
كذلك، علل الجنرال الإطاحة ببازوم بسبب “إهدار المال العام” من جانب القادة السابقين، إذ كان النظام السابق أقر بوجود فساد إداري وأعلن تشكيل لجنة لمكافحة الفساد في البلاد.
وذكّر تشياني بأنه سينظَّم “حواراً وطنياً” لصوغ نصوص جديدة تحكم الحياة السياسية في النيجر.
ومنذ تغيير النظام، فرضت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) عقوبات سياسية واقتصادية على النيجر، وهددت أيضاً بتدخل مسلح.
واعتبر تشياني أنّ الجماعة المذكورة “لم تحاول حتى معرفة أسباب” رفض نظام الحكم السابق، معرباً عن أسفه لأنّ “السكان يعانون من العقوبات”.
وبعد تعرضه لانتقادات من دول غربية وأفريقية، عمد النظام النيجري إلى إبرام تحالفات جديدة مع مالي وبوركينا فاسو، وقد أشار تشياني إلى أنّه “وقّع ميثاق دول الساحل الذي يهدف إلى إنشاء هيكلية للدفاع المشترك”، موضحاً أنّ “اتفاقاً اقتصادياً سيعقب ذلك”.
ويملك النظام العسكري الحاكم في النيجر شعبيةً كبيرة لدى النيجريين، في وقت يفتقد فيه الرئيس السابق لدعم شعبي وازن، ما شكّل عقبة أمام المطالبات الدولية بعودته إلى الحكم في ظلّ الالتفاف الشعبي حول القيادة الجديدة.