نشر موقع “Geopolitika”، اليوم الأربعاء، مقالاً للمفكر الروسي ألكسندر دوغين، المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تحت عنوان “الحقيقة غير المتوقعة حول المليارات التي سُرقت من روسيا”.
وقال دوغين في بداية مقاله، إن واحدة من أكثر الحجج انتشاراً حول المليارات الروسية، هي أن الغرب قد سرق الاحتياطيات الروسية من العملات الأجنبية. وبالتالي “هذه الحجة تضع اللوم على الكتلة الليبرالية”، لكن دوغين دعا أيضاً إلى “ضرورة الغوص أكثر في خفايا الأمور لتبيان الحقيقة”.
وأضاف دوغين أن ما سيقدّمه في مقاله ولأنه موضوع اقتصادي، قد تشوبه بعض الأخطاء، لأنه ليس متخصصاً في الاقتصاد العام، ومؤلفاته السابقة متعلقة بالاقتصاد من الناحية الفلسفية والاجتماعية.
وتابع: “يتم تصوير صورة احتياطيات النقد الأجنبي في الغرب على أنها نقل سبائك الذهب مقابل الفائدة أو آلية أخرى للحصول على موارد مالية إضافية من تخزينها. بالطبع الملمين بالاقتصاد يعرفون أن هذا ليس صحيحاً، وأنه لم يتم نقل السبائك إلى الغرب”.
هذا الموضوع، وفقاً للمقال، كان محط جدل اقتصادي بين المفكّرين الروس في بداياته، حيث كان هناك تياران: التيار الأول المعارض لنقل السبائك إلى الغرب، ويطالب بدلاً من ذلك بإبقاء السبائك في روسيا وضخ الأموال في الاقتصاد الروسي.
أما التيار الثاني بقيادة حاكم المصرف المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا، فردّ على الأول، واعتبر أن ما يقدّمه من مقترح حول ضخ الأموال في الاقتصاد الروسي، سيؤدي في نهاية المطاف إلى التضخم وارتفاع الأسعار.
وقال دوغين إن ما قدّمه التيار الثاني، محق فيما يتعلق بالربط الصارم للروبل بالعملة الاحتياطية العالمية، ولكن على الرغم من ذلك، فإن هناك نموذجاً ثالثاً كان يجب النظر في أمره.
لكن في النهاية، ما حصل في روسيا هو تبنّي التيار الثاني، وربط العملة الروسية بالاحتياطات العالمية بهدف تحقيق الأرباح وليس توليد التضخم. ويقول دوغين: “لم يتم الاستماع إلى الاقتصاديين الوطنيين”.
وبعد أن أقرّ دوغين أن النموذج، الذي قدّمته نابيولينا، هو الذي ساد، اعتبر أن نابيولينا إما غير مؤهلة لوضع السياسة الاقتصادية أو خائنة. لكن ليكون منصفاً استمر دوغين في البحث “أين هو الذهب الروسي الآن”.
وبحسب التعريف الكلاسيكي: “احتياطيات الذهب والعملات الأجنبية هي أصول عالية السيولة تخضع لسيطرة السلطات النقدية”.
وتساءل دوغين في مقاله: “ماذا يعني هذا؟ وهل يعني أن احتياطيات النقد الأجنبي ليست بالضرورة ذهباً أو ليست ذهباً على الإطلاق. بالتحديد إن احتياطيات الذهب والعملات هي الأصول المالية والأوراق المالية. وأيضاً الأمر أكثر تعقيداً: إنه شراء السندات الغربية والمعاملات المالية المعقدة”.
عادة تعتبر الالتزامات المرتبطة بهذه الأوراق المالية صارمة، وفقاً للمقال، ولكن هذا في ظل الظروف العادية، ولكن الآن روسيا والعالم لا يمران بظروف عادية، ويضيف: “انهارت الالتزامات المترتبة عليها وتعثرت”.
لذلك اعتبر دوغين أن روسيا لم تضع شيئاً مادياً في الغرب، بل اشتركت معه فقط في مخططات مالية معقدة.
وبالنظر إلى هذا، لا توجد تريليونات روسية في الغرب، وحتى لو كان هناك شيء ما، إذا أردنا ضمانه، فلن يكون ذا قيمة.
وبالتالي وبحسب السياسات التي تؤيدها نابيولينا، فإن التزامات البنك المركزي الروسي تجاه الغرب، وبالتالي تجاه الاحتياطي الفيدرالي، هي “التزامات مقدسة”، ويجب أن يكون الإصدار النقدي لدورة واحدة فقط، ومرتبطاً بالعملة الاحتياطية.
وبحسب دوغين، وبما أن الأوضاع الآن غير عادية، فإن روسيا لن تكون مدينة لمن قتل شعبها ودمر أرضها ويطالبها بالتزامات كأن شيئاً لم يكن.
وسأل: “هل يجب الاستمرار في التصرف بشكل نقدي مع المغتصب والقاتل، واحترام الاتفاقات مهما كانت، أو النظر في الالتزامات بعد ما فعله الغرب بخط الأنابيب واحتياطياتنا وبشكل عام؟”.
وختم مقاله بالقول: “إذا اعتبر المرء أننا ما زلنا مخلصين للنزعة النقدية والقواعد العالمية التي انتهكها الغرب نفسه، بشكل صارخ، فإن روسيا لا تشارك فقط في السرقة القانونية، ولكن أيضاً في تمويل عدو مباشر لقتل الشعب الروسي، أي أنه إما الوطن أو النقد”.