وجّه الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي انتقادات حادة لقائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال آفي بلوط، في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تحت عنوان “أوبركومندانت آفي بلوط، جنرال الدم، مجرم حرب”، إذ أطلق عليه مسمى “أوبركومندانت”، وهي رتبة عسكرية عليا في الجيش النازي، ووصفه بأنه “مجرم حرب” يستحق المحاكمة في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
مصطلح نازي
يُعتبر مصطلح “أوبركومندانت” المستخدم في الجيش النازي يعني القائد الأعلى أو الآمر المطلق، لكنه يُستخدم في السياق الإسرائيلي بشكل ساخر وناقد عند الحديث عن قادة جيش الاحتلال، خصوصًا من يقودون الضفة الغربية، كما لا يصف المصطلح مجرد رتبة عسكرية عليا، بل يُقصد به الإيحاء بأن القائد يتصرف بعقلية استعلاء وغطرسة احتلالية شبيهة بضباط الاحتلال النازي في أوروبا، مما يرمز لسلطة مفرطة وتعسف في التعامل مع الفلسطينيين.
خلفية استيطانية
اعتبر ليفي في مقاله بصحيفة “هآرتس” أن أوامر بلوط في الضفة الغربية “ليست سوى عقاب جماعي للفلسطينيين وجريمة حرب يجب أن يُحاكم عليها في لاهاي”.
وانتقد الكاتب آفي بلوط، القادم من بيئة المستوطنات والمدارس الدينية، مؤكدًا أنه يوفر حماية لميليشيات المستوطنين ويغض الطرف عن اعتداءاتهم، بينما يسمح باقتلاع آلاف أشجار الزيتون، ومصادرة عشرات آلاف الدونمات، وشق طرق غير قانونية لخدمة البؤر الاستيطانية.
ورأى ليفي أن تعيين ضابط مثل آفي بلوط في منصب الحاكم العسكري للضفة الغربية يعني أن جيش الاحتلال عمليًا يُعيّن مساعدًا للمستوطنين في هذا المنصب، مضيفًا أن “المهمة تصبح أسهل مع بلوط، خريج المدرسة الدينية التحضيرية في عيلي، الذي سكن سابقًا في مستوطنة نفيه تسوف”.
حماية المستوطنين
كشف ليفي أن آفي بلوط أمر بتنفيذ “عمليات تصميمية” تهدف إلى “ردع” كل قرية تجرؤ على رفع يد على أي من “السكان”، مبينًا أن “السكان” المقصودين هم منفذو المذابح اليومية من المستوطنين، “فبالنسبة إلى بلوط، لا يوجد بشر آخرون في الضفة الغربية يتحمل الجيش مسؤولية حمايتهم سوى بلطجية البؤر الاستيطانية”.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال يساهم في تمكين المستوطنين من شن هجماتهم على الفلسطينيين بعدة طرق، أبرزها شق طرق غير قانونية إلى البؤر الاستيطانية، ما يساهم في تسهيل وصولهم إلى القرى الفلسطينية.
وأكد ليفي أن بلوط يهدد الفلسطينيين الذين يحاولون، بما تبقى لديهم من قوة، الدفاع عن بقايا أرضهم التي سُلبت منهم برعايته وتشجيعه، مؤكدًا أن بلوط أمر جنوده بتنفيذ عقاب جماعي، وهو، بحسب القانون الدولي، جريمة حرب.
كارثة بيئية
وثّق ليفي الآثار المدمرة لـ “العمليات التصميمية” التي أمر بها بلوط، مشيرًا إلى اقتلاع 3100 شجرة في بلدة المغير قضاء رام الله، معظمها أشجار زيتون قبل أسابيع قليلة من موسم القطاف.
وأوضح ليفي أن المغير فقدت في الأشهر الأخيرة 43 ألف دونم، حيث سمح بلوط بإنشاء 10 بؤر استيطانية عشوائية تحيط بالقرية من كل جانب، وسمح للمستوطنين العنيفين ببث الرعب في نفوس الأهالي الذين باتوا يخافون من الخروج إلى أراضيهم.
الأيديولوجيا العنصرية
أشار ليفي إلى أن اسم عائلة بلوط بالألمانية يعني “الدم”، وقال: “الآن يقوم جنرال الدم بتغيير وجه الضفة الغربية، وملامح الدولة الأخلاقية أيضًا. وربما سيُعيَّن لاحقًا ليكون قائد الإبادة الجماعية التالية بعد غزة”.
وبيّن أن سلوكيات بلوط وعنصريته ترجع إلى ما تعلّمه في المدرسة الدينية في “عيلي”، بأن “اليهود هم أسياد الأرض، وأن للمستوطنين الحق في الإحراق والهدم والاقتلاع والقتل كما يشاؤون. أما الفلسطينيون، فهم دون البشر، ولا يحق لهم شيء”.
وقال ليفي إن “تحت قيادة بلوط انتهت مذبحتان بمقتل فلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي. لم يُقدَّم أحد للمحاكمة، أما رافعو الأيدي الحقيقيون، المستوطنون، فلن يسلّط بلوط الضوء عليهم، ولن ينفذ عمليات تصميمية ضدهم، فهو وإياهم من البلدة نفسها، ويعتمدون تسريحة الشعر نفسها، وطبعًا يرتدون الكيباه المترهلة نفسها”.
سلطة مُطلقة
والمنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي هي القيادة المسؤولة عن جميع الوحدات والفرق العسكرية المتمركزة في الضفة الغربية والقدس ومنطقة تل أبيب، ويقع مقر قيادتها الرئيسي في مستوطنة “نيفيه يعقوب” المقامة في شمال القدس.
وآفي بلوط تولى مهام الحاكم العسكري للضفة الغربية ليجمع في يده، وبدون أي منازع، أدوار السلطات الثلاث فيها، وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية.
خلص ليفي إلى أن “جنرال الدم آفي بلوط يعكس الوجه الحقيقي لصهيونية ترى الفلسطينيين دون البشر، وتحول جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أداة في خدمة مشروع استيطاني عنيف يهدد بمزيد من الجرائم في الضفة الغربية”.