تجاوزت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل، ليشمل أراضي جديدة بريف القنيطرة في جنوب غربي سوريا، وفق ما كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن عيد العلي، أحد سكان قرية “الحميدية” بريف القنيطرة، والتي احتلها الجيش الإسرائيلي عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، أن جيش الاحتلال توغل خارج المنطقة العازلة في جنوب غربي سوريا، وقال إن إسرائيل “أنشأت منطقة عازلة على أراضينا ومنعتنا من دخولها”.
وكانت الدبابات والمركبات الإسرائيلية دخلت إلى الحميدية في اليوم التالي لسقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي، وعند ذلك أمر جنود إسرائيليون ناطقون بالعربية، السكان بمغادرة منازلهم لبضعة أيام وتسليم أسلحتهم أثناء تفتيشهم المنازل والمباني، وعند عودة القرويين قال بعضهم إنهم وجدوا منازلهم مدمرة أو منهوبة.
على الحافة الغربية للحميدية، وعلى بعد نحو ميل واحد خارج السياج الحدودي الإسرائيلي، أقامت جرافات الاحتلال حاجزًا ترابيًا خارج القرية باتجاه الداخل السوري. وهناك ترجَّل بعض الجنود الإسرائيليين وقال أحدهم لـ “وول ستريت جورنال” إنهم يمنعون القرويين من عبور المنطقة حتى لرعي ماشيتهم، لأسباب أمنية.
وأصبح الطريق الرئيسي المؤدي إلى الحميدية مغلقًا، ما أجبر أهل القرية على سلوك طريق التفافي طويل للوصول إلى منازلهم.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله، إن “الجيش ينفذ عمليات لضمان الأمن بالمنطقة العازلة في سوريا”، وزعم أن قوات الاحتلال “لم تحظر التجوال في قرية الحميدية لكنها تتحكم في الحركة بها”.
وفيما يخص الاعتقالات التي استهدفت عددًا من الأشخاص، قال المسؤول العسكري الإسرائيلي إن الأمر يتعلق باعتقال أشخاص “مشتبه في قيامهم بأنشطة إرهابية”، على حد زعمه.
وفي السياق، قال جيش الاحتلال إن القوات القتالية التابعة للواء المظليين بقيادة الفرقة 210 تواصل العمل في سوريا، من أجل إزالة ما وصفتها بالتهديدات الموجهة ضد إسرائيل وسكان الجولان المحتل بشكل خاص.
وأضاف جيش الاحتلال أن قواته داهمت خلال هذا الأسبوع موقعًا سوريًا عُثر فيه على مقر قيادة لإحدى وحدات النظام السوري السابق، يحتوى على دبابات خارجة عن الخدمة وناقلات جند مدرعة ومدافع كانت تستخدم من قبل نظام الرئيس بشار الأسد، وقال أيضًا إنه دمر هذه الأسلحة وصادر ما سماها “وسائل قتالية” أخرى، بينها قذائف هاون وعشرات الصواريخ.
ومنذ 10 فبراير الماضي، شنَّت إسرائيل 89 عملية توغل بري و29 غارة جوية ومدفعية في جنوب غربي سوريا، بالإضافة إلى 35 غارة جوية أخرى في أماكن أخرى من البلاد، وفقًا لبيانات جمعها محلل الشؤون السورية ومدير نشرة “سوريا ويكلي”، تشارلز ليستر.
وفي أعقاب سقوط الأسد في 8 ديسمبر الماضي، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جيش الاحتلال بالسيطرة على المنطقة العازلة التي تضم عددًا من القرى السورية. وزعم أن هذه الخطوة مؤقتة لضمان عدم تمركز أي قوة معادية بالقرب من الحدود مع إسرائيل، وسط الاضطرابات الداخلية في سوريا.
واستولت قوات الاحتلال بسرعة على قمة جبل الشيخ، أعلى جبل في سوريا، وتقدمت على طول المنطقة العازلة وخارجها، وفي الوقت نفسه تقريبًا نفذ الاحتلال مئات الغارات الجوية في جميع أنحاء سوريا مستهدفًا طائرات مقاتلة ودبابات وصواريخ وأسلحة أخرى تابعة لنظام الأسد.
ودخلت القوات الإسرائيلية المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة انتهاكًا لاتفاقية فصل القوات لعام 1974، كما أعلنت إسرائيل نيتها الحفاظ على سيطرتها على هذه المنطقة.
وقال نتنياهو، إن إسرائيل ستستمر في السيطرة على المنطقة العازلة لحين تشكيل قوة سورية قادرة على تطبيق اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وهذا التغيير أثر على استقرار المنطقة، إذ شهدت المنطقة الجنوبية من سوريا، بما في ذلك درعا والقنيطرة، توترات واشتباكات بين أهالي المنطقة والقوات الإسرائيلية.
وفجر الخميس الماضي، لقي 9 مدنيين حتفهم وأُصيب آخرون إثر قصف القوات الإسرائيلية على حرش سد الجبيلية الواقع بين مدينة نوى وبلدة تسيل غرب درعا، وأشارت المحافظة إلى وجود استنفار وغضب شعبي كبير في المنطقة بعد هذه المجزرة، خصوصًا في ظل تقدم القوات الإسرائيلية لأول مرة إلى هذا العمق، واشتبك الأهالي في محافظة درعا جنوب سوريا مع القوات الإسرائيلية بالقرب من سد الجبيلية.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير لها نشر يناير الماضي، إن جنود الاحتلال اجتاحوا القرى السورية الحدودية، واستولوا على أعلى قمة في سوريا (جبل الشيخ)، وأقاموا حواجز على الطرق بين البلدات السورية، والآن يطلون على القرى المحلية من مواقع عسكرية سورية سابقة.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في فبراير الماضي، أن جيش الاحتلال شرع في بناء مواقع دائمة في الأراضي السورية، التي توغل فيها في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، وتشير صور الأقمار الصناعية إلى إنشاء منشآت عسكرية داخل الأراضي السورية، بالقرب من هضبة الجولان المحتلة، ما يؤكد نية إسرائيل تحويل وجودها العسكري إلى دائم.