قام الرئيس الأميركي، جو بايدن، بزيارة وصفت بالمفاجئة لأوكرانيا بعد ظهر اليوم الإثنين 20 شباط/ فبراير، والتقى في كييف، نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
هناك، أمضى بايدن عدة ساعات، ثمّ سرعان ما غادر المدينة، للقيام بزيارة مخطط لها أساساً إلى بولندا.
وكانت وسائل الإعلام الأوكرانية أول من أبلغ عن زيارة بايدن، بعدما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أخبار عن قطع الشوارع وحظر حركة المرور في كييف.
وبعد ذلك، نشرت تدوينات صوراً لبايدن مع زيلينسكي، بالقرب من كاتدرائية القديس ميخائيل.
بالتزامن، كانت هناك تقارير عدة عن دوي صفارات الإنذار والتنبيه الجوي في كييف، كما تم نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر زيلينسكي وبايدن يسيران على أصوات صفارات الإنذار.
كذلك، أكد زيلينسكي نفسه زيارة بايدن من خلال نشر صورة لهما معاً، وكتب الرئيس الأوكراني في قناته على منصة تيليغرام: “جوزيف بايدن، مرحباً بكم في كييف! زيارتكم هي مظهر مهم للغاية لدعم جميع الأوكرانيين”.
ماذا جرى قبل وصول بايدن إلى كييف؟
نقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن مصادر في البيت الأبيض، أنه قبل رحلة بايدن إلى كييف، اتصلت واشنطن بموسكو لاستبعاد أي صدام بين الطرفين.
وعدّت الوكالة الأميركية هذه الإجراءات ضرورية لتجنب أي حسابات خاطئة، يمكن أن تؤدي إلى نزاع مباشر بين القوتين النوويتين.
وعليه، راقبت طائرات الاستطلاع الأميركية، وفقاً لمراسلنا، سماء أوكرانيا من أجواء بولندا بينما كان بايدن في كييف، “لكن، من دون أن تجرؤ على الاقتراب من الأجواء الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا بالكامل”.
وكان الرئيس الأميركي ينوي زيارة كييف في 24 شباط/فبراير، في ذكرى مرور سنة كاملة على العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. لكن، وفقاً للمراسل، فإن موسكو لم تعطِ الضوء الأخضر، لتزامن زيارة بايدن إلى كييف مع التواريخ الروسية، التي تحمل جميعها رمزية.
ولذلك، اضطر الرئيس الأميركي إلى تعديل برنامج زيارته إلى بولندا، مقتطعاً منها يومها الأول، للذهاب إلى كييف.
أما عن صفارات الإنذار التي دوّت في أثناء وجود بايدن في كييف، فلم يكن لها أي معنى، وفقاً لمراسل الميادين، إذ “لم تقم روسيا بمهاجمة العاصمة الأوكرانية اليوم”.
كذلك، ذكرت صحيفة “الغارديان”، نقلاً عن مسؤولين في البيت الأبيض، أنه تم إعطاء الضوء الأخضر للرحلة، يوم الجمعة الماضي، بعد تلقي إحاطة أمنية نهائية. وهذا كان على مستوى عال من السرية.
وأعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة أبلغت روسيا أن بايدن ذاهب إلى كييف قبل ساعات قليلة من مغادرته.
وقال سوليفان: “لقد أبلغنا الروس بأن بايدن سيسافر إلى كييف. فعلنا ذلك قبل ساعات من مغادرته لعدم التضارب، وبسبب الطبيعة الحساسة لتلك الاتصالات، لن أخوض في كيفية ردها أو الطبيعة الدقيقة لرسالتنا، لكن يمكنني أن أؤكد أننا قدمنا هذا الإشعار”.
وعلى الرغم من أن البيت الأبيض ظل حذراً بشأن كيفية سفر بايدن إلى أوكرانيا، وفقاً لصحيفة “الغارديان”، لكن مسؤولاً أميركياً نقلت عنه صحيفة “نيويورك تايمز” أن بايدن وصل إلى كييف بعد رحلة عبر المحيط الأطلسي إلى بولندا.
ثم عبر الحدود بالقطار، وسافر لمدة 10 ساعات تقريباً إلى كييف بالطريقة نفسها التي سافر بها مسؤولون أميركيون آخرون في الأشهر الأخيرة، ورؤساء دول مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وهو أيضاً طريق يستخدمه الصحفيون وعمال الإغاثة والدبلوماسيون مع إغلاق المجال الجوي المدني الأوكراني، خلال العام الماضي.
ومع ذلك، لم يتضح ما إذا كان بايدن قد استخدم محطة كييف الرئيسية أو محطة أخرى، إذ لم يرَ أحد، وفق “الغارديان”، أي علامة على إجراءات أمنية إضافية في محطة كييف المركزية.
وعند وصوله إلى كييف في الساعة 8 صباحاً، قابلت بايدن قافلة من المركبات المدرعة، تم إحضارها مسبقاً بسرية، وسارعت إلى نقله عبر الطرق المغلقة إلى اجتماعه مع زيلينسكي.
ووفقاً لصحيفة “واشنطن بوست”، وافق الصحفيون المرافقون لبايدن على حجب تفاصيل الزيارة في الوقت الفعلي حتى مغادرته، بما في ذلك معلومات حول كيفية وصوله إلى العاصمة الأوكرانية.
زيارة استفزازية
بدوره، وصف النائب في مجلس الدوما الروسي عن شبه جزيرة القرم، ميخائيل شيريميت، اليوم الإثنين، زيارة بايدن إلى كييف بأنها استفزازية.
وقال شيريميت، في تصريح لـ”سبوتنيك”: “هذا استفزاز، لا يوجد توصيف آخر، إن زيارة دولة تعدّ طرفاً في النزاع، هي خطوة تحد صارخة، وستكون لها عواقب وخيمة على نظام كييف”.
وأضاف أن بايدن وزيلينسكي مجرمان دوليان، سيحاسبان بشكل كامل أمام القانون، قائلاً إنهما “ديكتاتوران دمويان”.
وتابع أنّه “مع وصول بايدن، بدأ العد التنازلي لزيلينسكي، ويجب على الشعب الأميركي أن يدرك أن حكامه التعساء لا يحتاجون إلا إلى الحرب والدمار والمأساة”.
واختتم شيريميت قوله: “إنّ أناساً مثل بايدن وفريقه، هم وصمة عار على الشعب الأميركي مثل الفاشيين بالنسبة إلى الألمان”.
يذكر أن بايدن أعلن بعد وصوله إلى كييف تزويد أوكرانيا بحزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 500 مليون دولار، مؤكداً دعمها عسكرياً بالذخيرة المدفعية والأنظمة المضادة للدروع ورادارات المراقبة الجوية.
وقال بايدن للمستشارين، إنّه أراد من خلال زيارة كييف في هذه الأيام أن يُظهر للحلفاء، أن إدارته لا تزال ملتزمة بتقديم الدعم لأوكرانيا، حسبما أفادت صحيفة “نيويورك تايمز”.