خلال الـ48 ساعة الماضية، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر الهجمات دموية على قطاع غزة منذ أشهر، في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود الدبلوماسية من الوسطاء لوقف الحرب، وزعمت الصحف العبرية أن ذلك يهدف إلى إجبار حماس على تقبّل مطالب إسرائيل، أو بالأحرى مطالب نتنياهو.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن “سلاح الجو نفذ حوالي 250 غارة جوية خلال اليومين الماضيين، بما في ذلك قصف عنيف في بيت حانون، التي قُتل فيها خمسة جنود الأسبوع الماضي”. وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، استُشهد 139 فلسطينيًا، منهم 5 أطفال، وأُصيب 425 جراء الهجمات في يوم واحد فقط.
تصعيد دموي
وزعمت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن تلك الهجمات الدموية والتصعيد على الأرض لم تشهدهما غزة منذ أشهر، ويمكن النظر إليهما على أنهما استمرار للمفاوضات بوسائل أخرى، وبمثابة رسالة إلى حماس، وإشارة إلى شركاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي بأن أهداف الحرب التي تتبناها الحكومة لم تتغير.
ولمدة أسبوع، انخرطت إسرائيل وحماس في محادثات غير مباشرة، أعقبها رسائل تفاؤل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تشير إلى قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يمهّد لإنهاء الحرب، ولكن الصحف العبرية أشارت إلى تعثّر في المفاوضات، وعاد نتنياهو إلى تل أبيب خالي الوفاض.
انهيار الدبلوماسية
وينص الاتفاق على وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، يتم خلالها إطلاق سراح نصف المحتجزين الأحياء والأموات، ووفقًا للصفقة، يُفرج عن 10 أحياء، 8 منهم في اليوم الأول واثنان في اليوم الخمسين، إلى جانب 18 جثة يتم الإفراج عنها على ثلاث مراحل إضافية.
وتبعت عودة نتنياهو تلك الضربات الأكثر كثافة. وفي تحليلها، أشارت الصحيفة إلى أن ذلك لا يُعدّ انهيارًا في الدبلوماسية، بل تحول ينسجم مع نهج رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يعتمد مواصلة الضغط العسكري حتى تقبل حماس بالمطالب الجوهرية لإسرائيل، واصفًا الأمر بأنه مساران يتحركان بالتوازي، وكلٌّ منهما يعزز الآخر.
ساحة المعركة
وتطالب حركة حماس بانسحاب كامل لقوات جيش الاحتلال إلى محور فيلادلفيا، بينما يصرّ الجانب الإسرائيلي على بقاء قواته على محور موراج، الذي يفصل خان يونس عن رفح الفلسطينية، للحفاظ على السيطرة على منطقة رفح، من أجل تنفيذ المخطط المزعوم بإنشاء “مدينة إنسانية” للفلسطينيين.
وترى الصحيفة أن إسرائيل تحاول رسم معالم اتفاق مستقبلي مع حماس، ليس فقط بالدبلوماسية، بل أيضًا بالغارات الجوية، والهدف هو كسب نفوذ في ساحة المعركة للعودة إلى طاولة المفاوضات، وفي النهاية إجبار حماس على نزع سلاحها وتجريدها من أي قدرات عسكرية أو حكومية.
كما أن نتنياهو، باستمرار الحرب، يرسل رسالة إلى شركائه في الائتلاف إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين هددا بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها إذا أدت المحادثات إلى اتفاق يمنح حماس السيطرة على توزيع المساعدات، أو يؤدي إلى تراجع الجيش، بأنه لم يتخلَّ عن الأهداف الرئيسية للحرب، وأنهم، بدورهم، لا ينبغي أن يتخلوا عن الحكومة.