أعلنت السعودية، الأحد، رفضها معارضة حليفتها، الإمارات، لاتفاق يجري التفاوض حوله بين أعضاء تحالف “أوبك +” حول تمديد اتفاق خفض إنتاج النفط الحالي، وفقا لما نقلته وسائل إعلام سعودية عن وزير الطاقة، الأمير عبد العزيز بن سلمان.
ودعا الوزير السعودي، الجارة الخليجية، وعضو منظمة الدول المنتجة للنفط “أوبك” إلى “التنازل والعقلانية” للتوصل إلى اتفاق عندما يستأنف التحالف اجتماعه، الاثنين.
وتقترح أبوظبي فصل تمديد اتفاق خفض الإنتاج بين الدول المصدّرة عن مسألة مناقشة مستويات الإنتاج نفسها، الأمر الذي أدى إلى خروج اجتماع تحالف الدول المنتجة للنفط عن مساره الأسبوع الماضي والفشل في التوصل إلى اتفاق.
وبينما تؤيّد السعودية وروسيا اللتان تقودان تحالف “أوبك +” تمديد الاتفاق كما هو حتى ديسمبر 2022، ترغب الإمارات في فتح نقاش حول زيادة في مستويات الانتاج قبل الموافقة على تمديد إلى ما بعد تاريخ انتهاء الاتفاق الحالي، أي شهر أبريل في العام ذاته.
وقال وزير الطاقة السعودي، لقناة “الشرق”: إن “هناك نصا صريحا واضحا في الاتفاق على موضوع التمديد، لكن ليس هناك أي شيء يتعلق بزيادة الإنتاج”.
وأوضح “إذا أردنا أن نكون متوازنين، يجب أن تكون هناك زيادات حتى نعالج الشح المتوقع في فترة الصيف، بافتراض ألا يأتي شيء قد يؤثر على هذا التوازن، منها عودة بعض الدول الخارجة عن التزاماتها الآن لظروفها السياسية مثل إيران أو فنزويلا، أو تدهور وضع جائحة كورونا وتداعياتها التي تظهر بين الحين والآخر”.
وتابع “ولذلك إذا كنا حذرين، بأن نقوم بإجراءات متأنية وأيضا نحافظ على توازن السوق، لابد أن يكون لنا مدة أطول في الاتفاق، لذلك من هنا جاء اقتراحنا أن تكون الزيادات 400 ألف برميل إلى شهر ديسمبر، لكننا نتوق جميعا أن ننهي هذه الزيادات في نهاية شهر سبتمبر إذا لم يحدث أي توقف”.
وقال الوزير باعتباره رئيس مجموعة “أوبك +”: “نبحث عن طريقة لتحقيق التوازن بين مصالح الدول المنتجة والمستهلكة واستقرار السوق بشكل عام خاصة عند توقع حدوث نقص بسبب انخفاض المخزونات”.
وأضاف “اقتراحنا حظي بقبول الجميع ما عدا الإمارات التي عبرت عن رأيها”.
وفي تصريحات لقناة “العربية”، قال الوزير: “هناك آلية متبعة وإجراءات تتبعها الدول لمعالجة مواضيعها.. إذا كانت هناك أي تحفظات لأي دولة لماذا سكت عنها عندما صغنا اتفاق ديسمبر 2019″، مضيفا أنه “لا يمكن لأي دولة استخدام شهر واحد زاد فيه إنتاجها من النفط لتعتبر أن هذا هو طاقتها الإنتاجية وأساس إنتاجها”.
وأضاف: “ما رأيناه أمام أعيننا يومي الخميس والجمعة هو تأكيد أن جهدا كبيرا بذل خلال الأربعة عشر شهرا الماضية، ما حقق إنجازات خيالية، يعيب علينا ألا نحافظ عليها”، مؤكدا أن “شيئا من التنازل وشيئا من العقلانية هو المخلّص الحقيقي لنا”.
وفي مداخلة تلفزيونية تخلّلتها تصريحات شديدة اللهجة، قال وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي، سهيل المزروعي، الأحد، إنّ “مطلب الإمارات هو العدالة فقط بالاتفاقية الجديدة ما بعد أبريل، وهذا حقنا السيادي أن نطلب المعاملة بالمثل مع باقي الدول”.
وتابع المزروعي في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز العربية” إنّ “مسألة دخولنا أو إجبارنا على الدخول في اتفاقية جديدة وربطها بزيادة الانتاج، لا نراها طلبا منطقيا حتى لو اتّفقت عليه كل الدول”، مضيفا “لا يُعقل أن نقبل باستمرار الظلم والتضحية أكثر مما صبرنا وضحينا”.
وقال بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام)، “للأسف، طرحت اللجنة الوزارية في أوبك+ خيارا واحدا فقط وهو زيادة الإنتاج مشروطا بتمديد الاتفاقية الحالية إلى ديسمبر 2022 وهي اتفاقية غير عادلة للإمارات من ناحية نقطة الأساس المرجعية لحصص الإنتاج”.
وتابع البيان نقلا عن وزارة الطاقة: “الاتفاقية الحالية تستمر حتى أبريل 2022 ودولة الإمارات لا تمانع تمديد الاتفاقية إذا لزم الأمر، ولكنها طلبت مراجعة نسب نقط الأساس لمرجعية التخفيض لضمان عدالة الحصص لجميع الأعضاء عند التمديد”.
وتضمنت محادثات الجمعة الماضي اجتماعا بين أعضاء أوبك البالغ عددهم 13 دولة بقيادة السعودية، تلاه اجتماع فني ومناقشة بين أعضاء أوبك + البالغ عددهم 23. وتضم المجموعة الأوسع روسيا، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم.
وقال محللون من “دويتشه بنك” إن المناقشات تعقّدت بسبب قيام الإمارات بالاعتراض في اللحظة الأخيرة على الصفقة الروسية السعودية التي تم التوصل إليها في وقت سابق وهي التمديد حتى نهاية 2022، وفقا لما نقلته فرانس برس.
وأصرت الإمارات على رفع خط الإنتاج الأساسي بمقدار 0,6 مليون برميل يوميا إلى 3,8 مليون برميل.
والخميس، نقلت وكالة بلومبرغ للأخبار المالية، عن مصدر لم تكشفه، توقعاته بالعودة إلى حجم إنتاج يبلغ مليوني برميل يوميا بنهاية 2021، بمعدل 400 ألف برميل يوميا كل شهر اعتبارا من شهر أغسطس، وهو خيار لم يقر.
ويتماشى هذا مع الاستراتيجية العامة التي تتبعها “أوبك +” منذ مايو والقاضية بزيادة الإنتاج تدريجيا بعد خفضه بشكل كبير مع التراجع الهائل على الطلب منذ تفشي جائحة كوفيد.
ومنذ بدء الأزمة الاقتصادية، تعقد المنظمة اجتماعات شهرية تقريبا لتنسيق استجابة مشتركة، ونجحت استراتيجيتها في دفع الأسعار الى الأعلى، وهي الآن في مستويات لم نشهدها منذ أكتوبر 2018.
ويتعين على التحالف الآن الخوض في سوق تتميز بالتعقيد مع ارتفاع الطلب الذي يظل هشا، فضلا عن التعقيد المحتمل الذي تفرضه عودة الصادرات الإيرانية.
بالإضافة إلى ذلك، تثير الأسعار المرتفعة الحالية والتي تبلغ نحو 76 دولارا، تذمّرًا من كبار مستهلكي النفط الخام مثل الهند، فيما أنّ موقع أبوظبي القوي يضعها في مواجهة جارتها السعودية وسط منافسة محتدمة بين القوتين الاقتصاديتين في قطاعات عديدة بينها النقل والتكنولوجيا.
وبحسب بلومبرغ، طرحت الإمارات فكرة مغادرة “أوبك +” في أواخر عام 2020، من أجل ضخ المزيد من النفط والاستفادة من الاستثمارات الضخمة التي قامت بها لتوسيع الطاقة الإنتاجية.
وقال وزير الأحد إنّ بلاده على استعداد للقبول بتشكيل “لجنة من جهات مستقلة تنظر الى التظلّم الذي تقدّمت به دولة الامارات”، مضيفا “لا نطلب اكثر من العدالة”.