حقّق حزب رئيس الوزراء اليوناني اليميني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، فوزاً كبيراً في الانتخابات التشريعية الأحد، لكن سيتوجّب عليه إجراء انتخابات جديدة لضمان تشكيل حكومة مستقرّة.
وحاز حزب الديموقراطية الجديدة الحاكم منذ أربع سنوات 40,8% من الأصوات متقدماً على حزب سيريزا اليساري بزعامة رئيس الحكومة السابق، أليكسيس تسيبراس، والذي حاز 20% من الأصوات، وفق النتائج المعلنة بعد فرز البطاقات في 85% من مراكز الاقتراع.
وحل ثالثاً حزب باسوك كينال الاشتراكي محققاً 11,6% من الأصوات.
ورحّب ميتسوتاكيس بالنتائج قائلاً إنّ حزبه المحافظ أحدث “زلزالاً سياسياً” بفوزه الكبير في انتخابات الأحد، لكنّه فتح المجال أمام إجراء انتخابات جديدة في نهاية حزيران/يونيو أو مطلع تموز/يوليو لحصد غالبية مطلقة تمكّن معكسره السياسي من تولي الحكم منفرداً.
وينص النظام الانتخابي على أنّ الفائز في هذا الاقتراع الثاني سيستفيد حينئذ من مكافأة تصل إلى 50 مقعداً تعطيه غالبية مستقرة.
ومساء الأحد، أفادت توقّعات بأنّ حزبه سينال 145 مقعداً نيابياً من أصل 300، أي أنه سيحتاج إلى ستة مقاعد إضافية لنيل الغالبية المطلقة.
“زلزال سياسي”
بعيد ذلك، قال ميتسوتاكيس متوجّهاً إلى مناصريه: “معاً سنناضل منذ الغد من أجل أن يتأكد حسابياً في الانتخابات المقبلة ما قرّره المواطنون، وهو أن يحكم حزب الديموقراطية الجديدة منفرداً”.
وأضاف ميتسوتاكيس: “يريد المواطنون حكومة قوية مع أفق يمتد لأربع سنوات”.
وتابع بالقول إنّ “الزلزال السياسي (الذي أحدثناه) اليوم يدعونا جميعاً إلى تسريع عملية الوصول إلى حل حكومي نهائي”.
وكان ميتسوتاكيس استبعد خلال الحملة الانتخابية تشكيل ائتلاف في بلد لا تستند ثقافته السياسية إلى حلّ وسط.
من جهته، أشار خصمه تسيبراس إلى إمكان إجراء انتخابات جديدة قائلاً إنّ “الدورة الانتخابية لم تنته بعد”، وشدّد على أنّ المعركة المقبلة ستكون “حاسمة ونهائية”.
لكن تسيبراس (48 عاماً) الذي كان وعد بـ”التغيير” تكبّد خسارة كبيرة.
ولم يسامحه اليونانيون قط على تعنّته في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول خطة إنقاذية عام 2015، في مواجهة كادت أن تُخرج البلاد من منطقة اليورو. وهو رضخ في نهاية المطاف وأقر تدابير تقشّف جذرية تلبية لشروط الجهات الدائنة لليونان.
“بلد أقوى”
خلال حملته الانتخابية، واصل ميتسوتاكيس خرّيج جامعة هارفارد الإشادة بسجلّه الاقتصادي.
وعند خروجه من مكتب تصويت في أثينا، أكد ميتسوتاكيس أنه يريد جعل اليونان “بلداً أقوى مع دور مهم في أوروبا”.
وأضاف: “نصوّت من أجل مستقبلنا، من أجل مزيد من الوظائف ووظائف أفضل ولنظام صحي أكثر فاعلية”، وقد رافقه اثنان من أولاده الثلاثة.
وقد أشار إلى تراجع معدل البطالة وتسجيل نمو نسبته نحو 6% العام الماضي وعودة الاستثمارات وطفرة في السياحة وانتعاش الاقتصاد مجدداً بعد سنوات من أزمة حادة وخطط إنقاذ أوروبية.
لكن منافسه تسيبراس الذي جسد في 2015 آمال اليسار الراديكالي في أوروبا، قال إنّ هذا الاقتراع يشكل “يوم أمل لطي صفحة أربع سنوات صعبة” مع حكومة “متعجرفة لا تهتم بالأكثر عدداً”.
وتراجع القوة الشرائية وصعوبة تغطية النفقات الشهرية للعائلات هما أهم ما يشغل السكان الذين قدموا تضحيات مؤلمة في السنوات العشر الماضية.
ويضطر عدد كبير من اليونانيين للاكتفاء بأجور منخفضة، وفقدوا الثقة بالخدمات العامة التي تقلصت إلى حدودها الدنيا بسبب إجراءات تقشفيّة.
في الوقت نفسه، ما زال البلد يرزح تحت دين يشكل 170% من إجمالي ناتجه المحلي. كما لامس التضخم 10% العام الماضي، ما فاقم صعوبات اليونانيين.
وقال يورغوس كولوريس، وهو عامل منجمي يبلغ 60 عاماً، “هناك قسم من الشعب مصيره الجوع”. وأضاف أنّ “الأولاد يغادرون إلى الخارج، العلماء (…) يرحلون لعدم قدرتهم على العيش في اليونان مع ركود الرواتب وارتفاع الإيجارات”.
وأيقظت كارثة القطار التي أودت بـ57 شخصاً في نهاية شباط/فبراير الغضب المزمن في اليونان منذ الأزمة المالية، وأدّت إلى تظاهرات ضد الحكومة المحافظة المتهمة بإهمال سلامة شبكة السكك الحديد.
كما يواجه ميتسوتاكيس فضيحة تنصّت غير قانوني على مكالمات هاتفية لسياسيين وصحافيين. ودان البرلمان الأوروبي في آذار/مارس “التهديدات الخطيرة لسيادة القانون والحقوق الأساسية” في اليونان، على قول النائبة الهولندية صوفي إنت فيلد.