على مدار التاريخ، تجنّبت أمريكا الإقدام على أي خطوة متهوّرة أو تجاوز الخطوط الحمراء، بل على عكس ذلك، كانت تتلقى الضربات وتكتفي بزيادة فرض العقوبات. وكان من أكبر الصفعات التي تلقّتها الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ترامب هو إسقاط الطائرة الأمريكية الأحدث والأغلى، وقصف أرامكو التي اتهمت فيه إيران بشكل واضح. وعلى الرغم من أن دونالد ترامب كان يدّعي أن برنامجه الانتخابي كان الخروج من الحروب، إلّا أنه ارتكب أفظع الجرائم وتجاوز جميع الحدود، خصوصاً بعد عملية اغتيال الشهيد قاسم سليماني، والتي ستغيّر واقع المنطقة خلال القرن القادم.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية تظنّ أن تضييق الحصار وزيادة العقوبات الاقتصادية والمالية على إيران سيضعف عزيمة المقاومة، وسيجعلها تتذوَق طعم الانتصار دون الحاجة إلى تقديم تضحيات أو خسائر مادية وعسكرية في أي مواجهة عسكرية محتملة. فقامت باستخدام الحرب الناعمة في إيران والعراق ولبنان، في محاولة تهميش دور المقاومة ونفوذها في المنطقة، لكن سياسة المقاومة في مواجهة هذه الحرب الناعمة كانت شديدة الدقّة والحنكة، ممّا أفشل المخططات الأمريكية في المنطقة وكشف أكاذيبها.
لقد كان الهدف من هذه الجريمة هو محاولة الرّد على هزائم أمريكا الشنيعة في سوريا والعراق واليمن، ومحاولة تضليل إنجازات المقاومة في المنطقة وتكريس الهيمنة الأمريكية. إلّا أن أمريكا لم تعي بعد أن هذه الجريمة لم تشكّل بالنسبة لإيران مجرّد عمليّة اغتيال، بل كانت بمثابة نقطة فاصلة في تاريخ المقاومة الإسلامية، لن تكون المنطقة بعدها كما كانت قبلها.
الرد الإيراني على اغتيال الشهيد سليماني هو حتمي وموجع، إلّا أن لا أحد يعرف مكانه وزمانه، وسيجبر أمريكا على الخروج من المنطقة وهي منكسرة. لقد كانت ساعة استشهاد الجنرال سليماني والقائد أبو مهدي المهندس هي ساعة الصفر التي بدأت بها إيران العمل على هذا الهدف، هذه الجريمة حمّلت الولايات المتحدة الأمريكية ثأراً إيرانيّاً وعراقيّاً ستدفع ثمنه غالياً.