صرح المستشار الألماني أولاف شولتس، بأنّ “السنوات الـ30 الماضية من التضخم المنخفض والنمو الاقتصادي المستقرّ في أوروبا كانت استثنائية”، مؤكداً أنّ “الصراع في أوكرانيا ليس السبب الرئيسي لنهاية هذه الحقبة، لكنه عجّل بها”.
وقال شولتس، اليوم الثلاثاء، خلال منتدىً اقتصادي جمع ممثلين عن الشركات الاقتصادية في برلين: “نحن اليوم في مرحلة جديدة من العولمة، وعلى مدار الـ30 عاماً الماضية هنا في أوروبا وأميركا الشمالية، شهدنا نمواً مستقراً وتضخماً منخفضاً ومعدلات توظيف عالية.. الصراع في أوكرانيا عجّل بنهاية هذه الحقبة، لكنه ليس السبب الأساسي”.
وأوضح شولتس أنّ “السبب الحقيقي هو نمو الاقتصادات الآسيوية التي تنافس أوروبا في الطاقة والمواد الخام والتكنولوجيا”، محذراً “مرّة أخرى من تراجع العولمة”، ودعا إلى “التنويع الاقتصادي”.
وشدد على أنّ “ألمانيا لن ترتكب خطأ الدخول في تبعية للطاقة مثل تلك التي نشأت في السنوات الأخيرة مع روسيا فيما يتعلق بإمدادات الغاز الطبيعي للمرة الثانية”، وأضاف قائلاً إنّ “ما فهمته بعد إجراء العديد من المحادثات مع ممثلي الاقتصاد الألماني هو أن هذا الخطأ لن يحدث لنا مرة أخرى”.
وأوضح شولتز، خلال المنتدى الذي نظمته صحيفة “سود دويتشه تسايتونج” اليومية البافارية، ما هي التحديات التي تواجه الاقتصاد الألماني، وطموحه في تنويع مصادر إمدادها من الطاقة في مناطق مختلفة من الآن فصاعداً، ووعد الألمانيين بأنه “سيعمل حتى يتسنى للاقتصاد الألماني وألمانيا استعادة مكانته كمكان للأعمال التجارية، وتجاوز الأوقات الصعبة”.
شولتس: يجب أن نكون مستعدين لتصعيد الموقف في أوكرانيا
كما قال شولتز اليوم إنّ ألمانيا “يجب أن تكون مستعدة لتصعيد الموقف في أوكرانيا”، متحدثاً في مؤتمر في برلين عن توقعاته بأنه “بالنظر إلى مسار الحرب وإخفاقات روسيا المرئية والمتزايدة، يجب أن نكون مستعدين للتصعيد”.
وأشار المستشار الألماني إلى رأيه بأنّ “التوتر المتصاعد يمكن أن يصل إلى تدمير البنية التحتية”، ولكنّه أكّد أنّ “صندوق 100 مليار يورو الذي تمّ الإعلان عنه بعد النزاع العسكري مع روسيا وشمل بناء مخزون دفاعي للجيش الألماني، كان نتيجة درسٍ تعلمناه”.
⚡️Chancellor Olaf Scholz said that Germany should be ready for an escalation of the situation in Ukraine. It can consist in the destruction of infrastructure. pic.twitter.com/Xpadi6XfQS
— FLASH (@Flash_news_ua) November 22, 2022
وفي سياق الإجراءات التي قررتها حكومته للتخفيف من تداعيات الأثر الاقتصادي للحرب في أوكرانيا، وبسبب الحاجة إلى إعادة توجيه إمدادات الطاقة، تحدّث المستشار في منتدى برلين قرار تسريع تخزين الغاز الآن إلى مواجهة الشتاء وتدابير الإغاثة المعدة لإفادة المستهلكين والشركات.
ومن المتوقع أن يتم تطبيق الحدّ الأقصى لأسعار الغاز والتدفئة والكهرباء مبدئياً حتى نيسان/أبريل 2024، وفي كانون الأول/ديسمبر 2023، ستتمّ دراسة ما إذا كان من الضروري تمديد الإجراء إلى ما بعد ذلك التاريخ.
وكان شولتس قال الأسبوع الفائت، بعد حضوره مؤتمر “آسيا والمحيط الهادئ للأعمال الألمانية” في سنغافورة، إنّه “يجب على الاقتصادات العالمية تعميق التجارة الحرة في مواجهة التوترات الجيوسياسية، وألا تتحول إلى الحمائية، محذراً من السّماح بانهيار العولمة”، ومؤكداً أنّ “التجارة الحرة والعادلة تعود بالفائدة على جميع الأطراف المعنية، ولا تزال أساس الازدهار”.
وفي عامي 2022 و 2023 على التوالي، تتوقع المفوضية الأوروبية معدل نمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي يبلغ 3.3٪ و 0.3٪ للاتحاد الأوروبي بأكمله.
ووفقاً للمفوضية الأوروبية، يتوقع أن يكون التضخم السنوي 9.3٪ في عام 2022، و 7٪ في عام 2023، و 3٪ في عام 2024، ومن أجل إبطاء وتيرة ارتفاع التضخم، الذي يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، تبدأ البنوك المركزية في تعزيز أسعار الفائدة الرئيسية، مما يعزز بدوره مخاطر حصول ركود اقتصادي.
وتعاني ألمانيا بشكل كبير من تبعات قرارها الدخول في حملة العقوبات الغربية الشاملة ضدّ روسيا، فمنذ شباط/فبراير الفائت، بدأت ألمانيا في الحدّ بشكل كبير من اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا، من 55٪ من إجمالي واردات الغاز في حينها، إلى 9٪ في آب/أغسطس بحسب الإعلام الألماني.
وبعد استهداف خط “نورد ستريم” بتفجير إرهابي لم تتضح ملابساته إلى الآن، استبدلت ألمانيا الإمدادات الروسية بإمدادات من النرويج وهولندا وبلجيكا بشكل أساسي، بالرغم من الفارق الكبير في سعر الغاز.
وكان شولتس زار الصين مطلع الشهر الحالي، والتقى بالرئيس الصيني تشي جين بينغ.
وكان شولتس دافع عن موقفه تجاه الصين، قبل يوم واحد من زيارته لبكين، مؤكداً أنّ “ألمانيا لا تريد الانفصال عن الصين”، وأنّه “من بين جميع دول العالم، فإنّ ألمانيا- التي عانت من تجربة الانقسام المؤلمة أثناء الحرب الباردة- ليس لديها مصلحة في رؤية تكتلات جديدة تظهر في العالم”.
وأشار شولتس إلى أنه “حتى في ظل الظروف المتغيرة، تظل الصين شريكاً تجارياً مهماً لألمانيا وأوروبا، لا نريد الانفصال عنها”، مشدداً على أنه “لا ينبغي للولايات المتحدة جرّ ألمانيا إلى مواجهة مع بكين”.