قبل أسابيع قليلة وصلت الرياضية الأفغانية سونيا سلطاني إلى مدينة إسطنبول التركية قادمة من أفغانستان، وذلك بعدما خرجت “خوفا من انعدام الأمن في بلدها”، في وقت كانت حركة طالبان تخطط للسيطرة على العاصمة كابل.
تهوى سلطاني ركوب الدراجات الهوائية، وخلال السنوات الأخيرة كانت عضوة بفريق الدراجات الوطني الأفغاني، وهو إنجاز نجحت في تحقيقه رغم معيشتها في بيئة لا تشجع كثيرا على هذا النوع من الرياضات، خاصة بالنسبة للمرأة.
تقول الرياضية الشابة في تصريحات لموقع “الحرة”: “في أفغانستان يزداد الوضع سوءا يوما بعد يوم، لذلك قررت مغادرة البلاد حتى أبقى على قيد الحياة.. مررت في رحلتي بعديد من الصعوبات لأحصل على تأشيرة دخول تركيا، وبتكلفة عالية جدا”.
وتابعت: “ساعدتني عائلتي في هذا المجال حتى تمكنت من مغادرة البلاد”، في إشارة منها إلى الجوانب المادية.
قبل أقل من شهر سيطرت طالبان بالكامل على كابل، ومن وقتها يسود قلق عام في ما يخص وضع المرأة، حيث تتطلع الأفغانيات للحفاظ على مكاسبهن التي تحققت في العقدين الماضيين “بشق الأنفس”.
وسبق أن أعربت منظمات حقوقية ووسائل إعلام غربية عن خشيتها من تراجع حقوق المرأة الأفغانية، في حال استولت طالبان على السلطة، أو حتى استمرت في المفاوضات للمشاركة في الحكم.
وبينما بدأت الحركة المتشددة بالفعل بالسير سريعا بخطوات الإمساك بالسلطة بشكل كامل في البلاد، بعد الإعلان عن تشكيلة حكومة تصريف الأعمال، تخشى عديد من النساء الأفغانيات الآن تحجيم مشاركتهن في الحياة اليومية والاجتماعية، وربما ما هو أسوأ.
وقد تكون حالة سلطاني أفضل كثيرا من كثير من الأفغان من نساء ورجال، دخلوا إلى تركيا خلال الأشهر الماضية، عبر طرق التهريب.
ومنذ قرابة شهرين ينشر ناشطون وصحفيون أتراك من محافظة فان الحدودية تسجيلات مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يوثقون خلالها وصول مئات اللاجئين الأفغان إلى داخل الأراضي التركية.
ويدخل أولئك اللاجئون عن طريق عبور الحدود الشرقية مع إيران، في رحلة تنطوي على أخطار الإصابة أو حتى الوفاة.
ولا يلوح في الأفق أي مستقبل قريب للاجئين الأفغان في تركيا، خاصة في ظل ما يتردد عن صعوبات يتعرضون لها، سواء للحصول على وثائق قانونية، أو تأمين فرص عمل، وهو الأمر الذي تؤكده سلطاني.
وعلى مدى 5 أعوام مارست سلطاني رياضة ركوب الدراجات الهوائية في بلادها، وكانت دائما تقضي وقتها في “الرياضة والتعليم”، أما اليوم وبعد وصولها إلى تركيا، التي قد لا تكون محطتها الأخيرة، فتقول: “لا يوجد مصير هنا ولا يوجد أي مستقبل”.
وبسبب “عشقها” لركوب الدراجات، بحسب تعبيرها، أقدمت مؤخرا على شراء دراجة هوائية في إسطنبول، لكن هناك اختلاف كبير ما بين اليوم والأمس.
وتوضح سلطاني: “في تركيا يمكنني ركوب الدراجة من أجل المتعة فقط، لكن لا يمكنني المنافسة لأنني غير مقبولة”.
وتضيف الشابة الثلاثينية: “أود أن أعيش في بلد يتم تشجيعي فيه على الحصول على دعم حكومي. للأسف نحن غرباء عن تركيا”.
في المرتبة الثانية بعد اللاجئين السوريين، يأتي المهاجرون واللاجئون الأفغان في تركيا، إذ يتجاوز عددهم 500 ألف شخص، بحسب إحصائيات رسمية.
وفي السابق كان المهاجرون الأفغان ينظرون إلى تركيا كبلد عبور لأوروبا، أكثر من مستقر.
لكن الحلم الأوروبي بات أكثر صعوبة الآن، لاسيما في ظل الإجراءات المشددة التي تضعها اليونان لعبور أي مهاجر إلى القارة العجوز، سواء برا أو بحرا.
وبدوره يعتبر يوسف زاي، أحد النشطاء الأفغان المقيمين في تركيا، أن الأفغان الذين وصلوا إلى البلاد خلال الأيام الماضية “موجودون بشكل مؤقت جدا”.
ويضيف في تصريحات لموقع “الحرة”: “أعتقد أنهم سينتقلون إلى دولة أخرى خلال 10 أو 15 يوما”.
ويوضح زاي: “هناك ملفات يتم العمل عليها لنقل الأفغان إلى الدول الأوروبية أو أميركا.. لا يريدون الاستقرار في تركيا، وبعضهم نزل في فنادق أو منازل أصدقاء للمغادرة بعد فترة وجيزة”.
وفي سياق منفصل، ووفقا لأرقام عام 2020 الصادرة عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تشكل الفتيات حوالي 40 في المئة من حوالي 9 ملايين طفل ملتحقين بالمدارس في أفغانستان. وتقول وزارة التعليم العالي الأفغانية إن نحو 100 ألف يدرسون في الجامعات الحكومية والخاصة.
وشهدت الأيام الأخيرة تظاهرات قادتها نساء في كابل، حيث عبرن عن رفضهن لقرارات طالبان التي تمنعهن من العمل رغم حصولهن على شهادات عليا، فيما تقول الحركة إن الحكومة التي شكّلتها يمكن أن تتضمن نساء، لكن ليس في مناصب وزارية.
وفي المقابل، تشير سونيا سلطاني إلى أن كثيرا من النساء في أفغانستان “غادرن فقط للبقاء على قيد الحياة”.
وتقول في سياق حديثها لموقع “الحرة”: “طالبان لا تتغير.. يجب منح المرأة حقوقها لكن طالبان لا تفعل ذلك”.
وبحسب سلطاني التي ولدت في مقاطعة بلخ: “تريد طالبان أن تبقى النساء في المنزل وينجبن ذرية. إنهن محرومات من أنفسهن ولا يمكنهن إلا أن يكن خادمات”.
الحرة