أشهر قليلة تفصلنا عن بداية العام الجديد، ليدخل فيه مانشستر يونايتد العامَ العاشر على رحيل “الأسطورة”، السير أليكس فرغسون، عن تدريب “الشياطين الحُمر”. ومنذ رحيل السير، تناوب على تدريب اليونايتد 8 مُدربين، آخرهم الهولندي إريك تين هاغ، الذي استلم مهماته في نيسان/أبريل الماضي.
قبل إعلان اعتزاله تدريب مانشستر يونايتد، قاد السير، في عام الاعتزال، الفريقَ إلى تحقيق لقب الدروي الإنكليزي الممتاز، “البريميرليغ”، ليعزز سيادة إنكلترا على عدد الألقاب (20 لقباً)، وخلفه ليفربول الذي كان في رصيده 18 لقباً في ذلك الوقت، وكان يبحث عن لقبه الأول منذ عام 1990.
ما قبل فيرغسون ليس كما بعده
في الأعوام الـ9 منذ رحيل السير أليكس، كان الموسم التالي لرحيله أكثر المواسم المُخيبة للآمال في الأعوام الـ40 التي مضت، إذ فشل الإسكتلندي ديفيد مويس، الذي كان يُعَدّ خليفة السير، في تحقيق نتائج إيجابية. وعلى الرغم من توقيعه عقداً لـ6 أعوام، فإنّه تمّت إقالته في العام التالي بعد أن قدّم الفريق أسوأ بداية له في تاريخ النادي في الدوري.
عيّنت إدارة اليونايتد، من بعد ديفيد مويس، ريان غيغز الذي تولّى مهمّات الفريق حتى نهاية موسم 2014، ليحل مكانه لويس فان غال بعد كأس العالم 2014، والذي بدوره لم يُقدم الأداء المطلوب مع الفريق، وتمت إقالته بعد عامين، بحيث لم يحقق سوى لقب واحد مع الفريق.
ومن بعد الهولندي فان غال، كان لا بُدّ لليونايتد من تعيين مُدربٍ ذي شخصية قوية، في محاولة لتصحيح مسار الفريق، وإعادة التوازن إلى غُرفة الملابس، فتعاقد النادي في عام 2016 مع “السبيشال وان”، جوزيه مورينيو، بعقد نافذ لغاية عام 2020.
بدأ مورينيو مشواره مع اليونايتد بإجراء بعض التغييرات، فضم عدداً من اللاعبين، مثل، زلاتان إبراهيموفيتش، إريك بايلي، هنريك مخيتاريان وبول بوغبا. ونجح، في موسمه الأول، في قيادة الفريق إلى تحقيق ثلاث كؤوس، هي الدرع الخيرية والدوري الأوروبي وكأس رابطة الأندية الإنكليزية. لكن، في العام التالي، أُقصي مانشستر يونايتد عن ربع نهائي كأس الرابطة وثُمن نهائي دوري أبطال أوروبا، وأُقيل مورينيو بعد عامين من توليه الإشراف على الفريق.
وتناوب على تدريب الفريق بعد “السبيشال وان”، النرويجي أولي غونار سولسكاير، الذي كانت بدايته الإشراف على تدريب الفريق حتى التوقيع مع مُدربٍ جديد ليخلف مورينيو. لكن الفريق حقّق نتائج إيجابية، جعلت الإدارة تثق بالنرويجي، فتم تعيينه مُدرباً، ليبدأ من بعدها الفريق التذبذبَ في المستوى، ووُصف حينها بالفريق الذي يلعب “من دون شخصية”، واستمر سوسلكاير حتى عام 2021، وتمت إقالته ليستلم مايكل كاريك تدريب الفريق حتى نهاية الموسم حينها.
قبل بداية موسم 2022، تعاقدت إدارة “الشياطين الحمر” مع الألماني رالف رانغنيك، وتم الاتفاق على أن يستلم الإشراف على تدريب الفريق في موسمه الأول. وفي موسمه الثاني، يتم التعاقد مع مدرب جديد، على أن يستلم رانغنيك مهمّات المُدير الرياضي. لكن فترة الألماني مع الفريق كانت سيئة جداً، واستمر التذبذب في الأداء، حتى تمّ التعاقد مع إريك تين هاغ من آياكس، وإعلان رانغنيك رحيله لتدريب منتخب النمسا.
إريك تين هاغ.. أمل مشجعي مانشستر يونايتد
مع انحدار مستوى الفريق في الأعوام الأخيرة، ووصول مشجعّي اليونايتد إلى مرحلة “اليأس” من سوء الأداء، والأخبار المتداولة دائماً عن عدم قُدرة المُدربين على السيطرة على غرفة الملابس في الفريق، أعلن النادي، في نيسان/أبريل الماضي، تعيين الهولندي إريك تين هاغ، مُدرباً جديداً للفريق. وهو المُدرب المعروف في فترته مع آياكس أمستردام، بصرامته وسيطرته على الفريق، إلى جانب الكرة الرائعة التي قدّمها الفريق الهولندي تحت إشرافه، فقام ببناء “جيل” من اللاعبين، تنافست أكثر الأندية الأوروبية الكبيرة على ضمهم.
ما إن تم إعلان تولّي تين هاغ الإشراف على اليونايتد، حتى عاد الأمل إلى مشجّعي الفريق، آملين أن يعود فريقهم إلى ما كان عليه سابقاً، والعودة إلى مقارعة كبار أوروبا. ولمَ لا؟ فالمُدرب الهولندي حوّل آياكس في الأعوام الأخيرة إلى فريق تخشاه أندية أوروبا الكبيرة. ففي عام 2018، أقصى كلاً من، ريال مدريد من دور الـ16، ويوفنتوس من دور ربع النهائي، وفي بطولة دوري أبطال أوروبا، لكنه أُقصي من نصف النهائي أمام توتنهام هوتسبير.
“لا أرى أن قدومي إلى هنا مخاطرة. هذا النادي يمتلك تاريخاً كبيراً، والآن سنصنع المستقبل”. بهذه الكلمات، تحدث تين هاغ عند تقديمه إلى وسائل الإعلام، مُدرباً جديداً للشياطين الحمر، بل رفع تين راية التحدي في وجه كل من ليفربول ومانشستر سيتي، بحيث أبدى إعجابه بعمل مدربَي الفريقين يورغن كلوب وبيب غوارديولا، معلقاً بالقول إن “لكل حقبة نهاية”.
وعلى ما يبدو، فإنّ المُدرب الهولندي يعلم تماماً ما يجب أن يتم التركيز عليه، وعازم على تحقيق رؤيته مع الفريق، بحيث فرض سيطرته سريعاً على غرفة الملابس، إلى جانب فرض النظام، وهو ما بدا واضحاً من تصريح البرتغالي برونو فرنانديز، الذي قال إن “الانضباط شيء مهم، وكنا نفتقده. هذا الأمر لا يتعلق فقط بأرضية الملعب، وإنما يمتد إلى خارج الملعب أيضاً. تُفرض عليك غرامة في حال التأخر عن الاجتماعات والوجبات، وهذا أمر جيّد ورائع، لأنني أحب التزام المواعيد”.
وعلى صعيد الأداء في المباريات، لعب مانشستر يونايتد 6 مباريات في الموسم التحضيري قبل بداية الموسم، فاز في 3 منها، وتعادل في 2، وخسر مباراة واحدة. وأثنى عدد من صُحف إنكلترا على أداء اللاعبين والتحسن الذي ظهروا فيه، عكس المواسم السابقة.
ومع بداية سوق الانتقالات الصيفية الحالية، تعاقد الفريق، بطلب من المُدرب الهولندي مع كل من، تاريل مالاتسيا، كريستيان إريكسن وليساندرو مارتينيز. وكذلك أعلن رحيل عدد كبير من اللاعبين، ومنهم جيسي لينغارد، إديسون كافاني، نيمانيا ماتيتش، دين هندرسون، خوان ماتا وبول بوغبا.
فهل سيقود تين هاغ مانشستر يونايتد إلى إعادة كتابة التاريخ؟ وهل سيعود اليونايتد إلى مصاف كبار أندية أوروبا؟
هنا إحصاءات تين هاغ مع آياكس أمستردام 👇
خاض 215 مباراة مع آياكس أمستردام، حقّق فيها 158 فوزاً مع 28 تعادلاً و29 خسارة، وحقّق 6 ألقاب. وبلغت نسبة الأهداف في المباراة الواحدة، 2,74 هدف في كل مباراة، الأمر الذي يكشف القوة الهجومية الضاربة، بسبب طريقة لعب المدرب.