كأس العالم محطة ثابتة كل أربع سنوات، شهر من كرة قدم يأسر قلوب مئات الملايين، سواء كانوا من الشغوفين باللعبة أم لا. بطولة كانت في نسخها الأولى مجرد تجمعات بسيطة رفض البعض المشاركة فيها، لينقلب المشهد بعدها، الدول تتسابق لإستضافة العرس الكروي، الذي تجاوز في كثير من الأحيان طابعه الرياضي منه الى السياسة والإقتصاد. كثيرة هي الأحداث والمحطات التي مرت بها البطولة قبل أن تصل الينا بشكلها الحالي فأليكم ” قصة كأس ” و سجل الأبطال للنسخ الـ 21 التي لُعبت حتى الآن.
تسبّب إختيار الإتحاد الدولي لكرة القدم لفرنسا لإستضافة النسخة الثالثة من كأس العالم، بغضب في قارة أميركا اللاتينية، بعد الاعتقاد أن الإستضافة تقوم على التناوب بين القارتين. نتيجة لهذا القرار، قاطعت أورغواي والأرجنتين كما غابت إسبانيا عن النهائيات بسبب الحرب الأهلية التي كانت تعيشها.
تموز كان موعد بدء النسخة الثالثة التي إستمرت حتى 19 من الشهر نفسه، بمشاركة 16 منتخبا بعد تصفيات ضمت 37 فريقا (تأهّلت الدولة المضيفة فرنسا وإيطاليا حاملة اللقب مباشرة). شهدت البطولة مشاركة جزر الهند الشرقية الهولندية (إندونيسيا) التي أصبحت أول فريق آسيوي يشارك في كأس العالم وتأهّلوا بعد انسحاب جميع الفرق الأخرى في آسيا. عمد اللاعبون الإيطاليون لتقديم التحيّة الفاشية قبل المباريات، وعندما اضطروا إلى تغيير قميص الفريق خارج أرضهم ضد فرنسا في ربع النهائي، لم يلعبوا بالقمصان البيضاء كالمعتاد ولكن باللون الأسود – اللون الفاشي.
لعبت البطولة بنظام خروج المغلوب، وفي حال إنتهاء الوقت الأصلي بالتعادل يتم اللجوء إلى وقت إضافي من 30 دقيقة، وإذا إستمر التعادل تعاد المباراة في اليوم التالي. (لم يتم إدخال ركلات الترجيح حتى عام 1978). سيناريو الإعادة حصل في مباراتين بين كوبا ورومانيا ولقاء سويسرا مع ألمانيا.
بسبب غياب النمسا عن البطولة، تأهّلت السويد تلقائيًا إلى الدور التالي لتواجه منتخب كوبا الذي خاض مباراتين في يومين متتاليين ما رجح كفة السويد التي فازت بثمانية أهداف وبلغت نصف النهائي، كما فازت المجر على سويسرا بهدفين، وإيطاليا على فرنسا (3-1) والبرازيل على تشيكوسلوفاكيا (2-1) بعد الإعادة. أما في الدور نصف النهائي، تغلبت المجر على السويد (5-1) وانتهت المباراة الثانية بنصر إيطالي على البرازيل (2-1).
النهائي وبرقية موسوليني
يوم الأحد 19 حزيران 1938، كان يوما منتظرا، فهو موعد النهائي على الكأس الثالثة، لقاء جمع إيطاليا والمجر في ملعب أولومبيك دي كولومب بباريس لتحديد البطل. المجر المدججة بأسلحتها الهجومية ودفاعها الصلب، أرادت إحراز اللقب للمرة الأولى، بينما عين إيطاليا أن تكون أول منتخب يحتفظ بلقبه بطلاً للعالم. كان الانتصار مهماً جداً للزعيم الفاشي موسوليني ، إذ أرسل برقيّة للاعبيه كتب عليها كلمتين فقط ” النصر أو الموت”، وهنا كان على نجوم إيطاليا أن يلعبوا بكل ما أوتوا من قوّة من أجل حماية رقابهم من المقصلة.
لعبت المباراة النهائية أمام 45124 شخصا أكثرهم من الفرنسيين الذين حضروا لمؤازرة المجر، لكن غريزة البقاء كانت أهم بالنسبة للاعبي إيطاليا، فأنهوا الشوط الأول متقدمين 3-1، وأحرزوا كأس العالم للمرة الثانية (إنفوغراف أبطال العالم ) عقب نهاية اللقاء بانتصار تاريخي 4-2. بعد نهاية اللقاء قال حارس المجر أنتال تشابو جملته الشهيرة: “بقبولي الخسارة أنقذت حياة 11 رجلاً” في إشارة منه للبرقية التي أرسلها موسوليني للاعبيه.
كانت هذه النسخة آخر بطولة رياضية كبرى، حيث اندلعت الحرب العالمية الثانية في العام التالي، وشكّلت البطولة بالنسبة للعديد من نجوم كرة القدم آخر محطّاتهم الكروية، إذ كان من المقرّر أن تستضيف ألمانيا أو البرازيل النسخة التالية عام 1942، لكنّ أهوال الحرب حالت دون ذلك، ولم تستأنف البطولة إلا بعد 12 عاماً في البرازيل عام 1950.